لم يكن يحتاج جلالة الملك أكثر من طهارة ارض الزرقاء ووفاء اهلها لعقد مؤتمر صحفي شعبي أردني جامع مانع بهذا الحجم ليجدد ثوابت الدولة الأردنية ومواقف الهاشميين التاريخية من عروبة فلسطين قدسها وترابها وأهلها، في سلوك ملكي اتسم بالجرأة كالعادة في الطرح و مستوى رفيع من الصراحة وثقة تطاول عنان السماء بين الملك وشعبة ليعلن ان الأردن ومليكه و مواقفه اكبر من أية مزايدات او ضغوطات!!
هذا الرد المزلزل الذي أطلقه جلالة الملك يوم أمس من ارض الجند والعسكر ومدينة المهاجرين والأنصار "الزرقاء" بان القدس خط احمر وان الشعب الأردني كله معه كانت كفيلة لاخناس شياطين الإنس الذين لا يتركون فرصة لمحاولة التشكيك بالموقف الأردني من القضية الفلسطينية او محاولة بعثرة و تشيت جهود السياسية الخارجية إزاء القدس في محاولة بائسة منهم لسحب شرعية الهاشميين التاريخية في الوصاية على المقدسات.
لم يكن سيدنا ابو حسين وحيدا في موقفه من القدس، فالشعب والجيش الذي قدم وروى أسوارها وترابها بدماء الأردنيين الزكية العطرة في اللطرون وباب الواد ودافع عن كرامة الأمة هو شعب لا يعرف الا ان يكون مع الحق والحق هو الذي يقوده الهاشميون تاريخيا في سبيل عروبة القدس، فالهاشميون أول حكام قدموا تضحيات حقيقية لأجل فلسطين، فهناك و على أبواب الأقصى استشهد الملك عبدالله الأول و من قبله ثائر العرب الشريف الحسين بن على دفع ثمن صلابة موقفه ورفضه التنازل عن القدس فتم إبعاده خارج الجزيرة العربية والشام ليوصى بان يدفن بالقدس، والحسين رحمه الله لم يتوان ان يبيع أفخم قصوره لصيانه وإعادة اعمار الأقصى بحد حرقه من المحتلين، واليوم ها هو عبدالله لا يألوا جهدا ويقود حراكا عربيا و دوليا لأجل القدس و عروبتها متحديا كل الضغوطات الإقليمية والدولية لأجل القدس!!
لقد كان كلام جلالة الملك بمثابة إعلان تحذير مجبول بتهديد بعدم المساس بالقدس واهلها، و"إعلان حرب" لمواجهة الضغوطات و الاغراءت التي يتعرض لها الأردن والملك على وجه الخصوص لاستمالة الأردن و مواقفه لأجل إتمام ما يسمى بصفقة القرن، وبوضوح وثقة عالية اكد جلالته ان مكمن قوته ورباطة جأشه في مقاومة هذه الضغوطات تكمن بوقوف شعبه الأردني كله معه بهذه اللحظة التاريخية الحاسمة والهامة. نعم هذه هي الحقيقة الملك يعلن بوضوح انه يتعرض لضغوطات ويعلن أيضا ان هناك من يتآمر على الموقف الأردني وان هناك من يتعمد التشويش على هذا الموقف داخليا و خارجيا.
إذن هي جبهتنا الداخلية باختصار وهناك من خارج الوطن من الواهمين والمشككين من يراهن على ان الشعب وظروفه الاقتصادية الصعبة قد يكون الخاصرة الرخوة لتركيع الأردن وإضعاف صموده لمواجهة هذه التحديات وإزاحته او إبعاده عن القضية الفلسطينية.
في الذكرى الـ 51 لانتصار الجيش العربي الأردني في كرامة المجد والخلود والصمود، خمسة عقود من تمريغ انف جيش الاحتلال الإسرائيلي بتراب الأغوار ودحرهم عن هضاب عيرا ويرقا والسلط ومن معسكرات معان والزرقاء والصحراء من هناك يتجدد عهد الأردنيين مع عبدالله دوما معك.. دوما معك سيدي!! حفظ الله عبدالله و حمى الأردن وشعبه من كل مكروه وشر
*رئيس نقابة الصحفيين الأردنيين/ إقليم الشمال