المتتبع لنشاطات جلالة الملك داخليا و خارجيا ونوعية الأنشطة وكثافة البرنامج الملكي يلمس حجم الجهد الملكي دائم السعي في تحسين مستوى معيشة الإنسان الأردني وتجنيب الأردن مخاطر تحولات إقليم الشرق الأوسط الملتهب بالصراعات وشلالات الدماء.
فالتكريم الدولي الذي يحظى به جلالته على الدوام ومنحه ارفع الجوائز الدولية، إنما يأتي تقديرا لجهود الملك في إرساء قواعد السلام العالمي وتقارب الحضارات ما هو الا تكريم للأردن والعرب والمنطقة بأسرها، ويعكس هذا التكريم في الوقت ذاته مدى التفات ومتابعة المجتمع الدولي لأعمال وجهود ومبادرات ونشاطات جلالته على المستوى العالمي، وما منح جلالته قبل عدة اشهر لجائزة تمبلتون لعام 2018 في واشنطن و جائزة مصباح السلام لعام 2019 إلا أمثلة على حجم حضور رؤية الملك الإنسانية والدولية وتأثيرها على المؤسسات والمنظمات الدولية.
ونستذكر بفخر وخيلاء حضور جلالته وخطاباته التاريخية في برلمان الاتحاد الأوروبي و كذلك لمرات عديدة في الكونغرس الأمريكي حيث كان جلالته متحدثا كضيف شرف على برلمانات الشعوب الغربية ، وحظيت خطابات جلالته بتقدير وإعجاب عاليي المستوى قوبلت بتصفيق حار متكرر ووقوف مطول من المستمعين تقديرا لعظمة محتوى الكلمات التي تنبض بالحكمة و الرؤية الواضحة للقيادي العربي المنفتح، المؤمن بالحوار والشراكة في صنع القرار،ويقدم للحضور قراءة معمقة للمشهد الأوسطي، ويحمل الهم الأردني والعربي ويقارب بين القيم الإنسانية ليؤسس لقواعد قيميه حضارية مشتركة بين الشرق والغرب. هذا الحضور الملكي والتقدير الغربي لجلالته جعل الأردن مرتكزا أساسيا ومحطة رئيسية في الشرق الأوسط يصعب تجاهله او القفز عنه.
وفيما يقود الملك السياسة الخارجية بحنكة واقتدار، وبخطاب إعلامي واثق وواضح وبأداء مبهر ومتماسك يراعي مصالح الأردن العليا،وأمام هذا الأداء الملكي الرفيع من جهة، نجد ان الفريق الاستشاري و السياسات الحكومية في الداخل تعيش في سلوكها حالة "انفصام" مقارنة مع رؤية الملك المتقدمة، وهي سلوكيات من شانها تعمق الفجوة الشعبية وطريقة تفسير النهج الملكي الذي لم ترتق اليه حكوماتنا خصوصا في القضايا المؤرقة مجتمعيا و منها التنمية و الاستثمار و مكافحة الفساد و تطبيق القانون والعدالة بين الناس بكل شفافية ونزاهة.
فالملك يتفاعل مع قضايا الوطن وهموم المواطنين ويشتبك معهم في افراحهم و احزانهم ويتواجد بينهم ويبادر الى الاتصال والتواصل وفي مناسبات يوجه الحكومة ومؤسسات الدولة بشكل واضح وصريح و حاسم لاتخاذ الإجراءات لتطبيق العدالة والقانون، فعبارات جلالته و مواقفه من الأحداث هي مرجعية "معيارية" يطالب المواطنين الحكومات الالتزام بها كلما حل خطب او ادلهم مصاب او مشكلة كبيرة ويذكّرون الحكومات بكلام جلالته، فعلى سبيل المثال يردد المواطنين كلما تداول منصات التواصل الاجتماعي حوادث إطلاق العيارات النارية قول الملك "لا واسطات لمطلقي العيارات النارية في المناسبات حتى لو كان ابني" و في قضايا الفساد يردد الأردنيون مقولة جلالته " ان لا حماية لفاسد ولا خطوط حمراء أمام عمل هيئة النزاهة وان جميع مؤسسات الدولة بما فيها الديوان الملكي خاضعة لمساءلة هيئة النزاهة".
للأسف ممارسات الحكومات المتعاقبة تشعر الناس كما لو ان الحكومة تعيش حالة "انفصام سياسي" وتمارس سلوكيات خلافا لتوجيهات جلالة الملك، وتعمق بذلك فجوة الثقة بين الشعب و مؤسسات الدولة، ما يضطر في مرات عديدة جلالته للتدخل لتصويب الخلل و دعوة الحكومات لتحمل مسؤولياتها الدستورية في رعاية شؤون الناس. ولنا في ملفات تطفيش الاستثمار وهروبه، وارتفاع نسبة البطالة و معدلات التضخم، وغياب التنمية لأطراف المملكة، والانتهاك الصارخ لغياب العدالة والمساواة في اشغال الوظائف العليا ما هي إلا غيض من فيض.
و تعتبر الوصول و محاكاة التجربة الماليزية او الايرلندية طموحا كبيرا كانت القيادة الهاشمية تسعى لتحقيقها نظرا لتقارب المساحة و عدد السكان وطبيعة الموارد، ولا يألوا جلالته جهدا في السعي لتحقيق الرؤية الملكية لازدهار وتقدم الأردن، غير ان كل خطوة يتقدم بها جلالة الملك للامام للنهوض بالأردن يقابلها عشر خطوات حكومية للوراء!! فالى متى تظل حكوماتنا تسحب من الرصيد الشعبي لجلالة الملك!! الى متى تظل تتلاعب الحكومات بمعايير الانتماء لهذا الوطن فتوزع المناصب والمواقع هبات وعطايا على الشلة والمحاسيب!! أما آن للحكومات ان تتصرف على انها خادمة للشعب وترتقي لمستوى الرؤى الملكية!!
حمى الله الأردن وحفظ عبدالله!
*رئيس نقابة الصحفيين الأردنيين/ فرع الشمال