متى نرى «مشتري الضمائر وبائعيها» خلف القضبان؟! - عريب الرنتاوي

mainThumb

21-10-2010 08:10 PM

أظهر رئيس الوزراء سمير الرفاعي حزماً واضحاً لدى تناوله قضية "المال السياسي" او "شراء الأصوات" ، باعتبارها جُرماً فادحاً يحاسب عليه القانون ، متوعداً من يثبت تورطهم بهذا الانتهاك الصارخ للقانون ، بالعقاب المناسب. لكن الرئيس تحدث عن الحاجة للتريث والتروي قبل إطلاق الاتهامات ، مشيراً إلى ضرورة تطبيق القانون عند تحويل المشتبه بهم إلى القضاء ، فالقضية حساسة ، وتصبح حساسة جداً في هذا الوقت بالذات. ووفقاً لمصادر رفيعة ، فإن الأيام القادمة قد تتكشف عن إجراءات بخصوص بعض منتهكي القانون والمحرمات ، ممن يثبت تورطهم بالجرم المشهود.

من جهتنا ، نعتبر هذه التأكيدات خطوة في الاتجاه الصحيح ، تدعو للارتياح ، ونشد على يد الرئيس وندعوه للضرب بها على يد كل من تسوّل له نفسه اقتراف أمر موبق كهذا ، بل ونرى أن انقضاء الموسم الانتخابي من دون أن نرى عدداً من "القطط السمان" خلف القضبان ، سيكون فألاً سيئاً ، يُرتّب أثراً سلبيا على الانتخابات وسير العملية الانتخابية والبرلمان السادس عشر وصورة الأردن وإرادة الأردنيين جميعاً.

لا تستطيع الحكومة وأجهزتها أن تأخذ بالاشاعات والاتهامات الجزافية والكيدية ، بل ولا تستطيع أن تتحرك من دون براهين وقطعية وأدلة دامغة ، حتى وإن سكنها اليقين بأن هذا المرشح أو ذاك ، قد قارف فعلاً جريمة شراء الأصوات والضمائر ، ولا تستطيع الأجهزة الأمنية أن تبعث برجالهاعلى هيئة "مشتري أصوات" للإيقاع ببائعيها ، فتلكم عملية توريط يمكن أن تدحضها المحكمة ، ويخرج المتهم منتصراً ، بل ويصبح بطلاً قومياً ، وضحية.

المطلوب جمع الدلائل والبراهين قبل التحرك ضد هذه المرشح أو ذاك ، من ممثلي المال السياسي ، وفي هذا السياق ، نطلب من دولة رئيس الوزراء ، أن يوعز للجهات المختصة ، بوضع أرقام هاتفية وعناوين الكترونية وتخصيص مكاتب معينة ، لتلقي الشكاوى عن الاستخدامات القذرة لـ"المال السياسي" ، وبما يوفر قاعدة بيانات حقيقة عن حجم الظاهرة ودرجة تغلغلها وأدواتها وأسالبيها والمتورطين فيها بيعاً وشراء.

ونقترح أن يصدر دولة رئيس الوزراء تعليماته للجهات المختصة ، بتوفير برنامج حماية لمن يدلي بهذه المعلومات من "المُبلغين" ، تماماً كما يحصل في عدد من الدول التي وضعت تشريعات تحمي الـ Whistleblowers ، وهو التعبير الذي لم أجد له رديفاً بالعربية غير تعبير "المُبلّغ" ، الذي يقوم بنقل معلومات عن انتهاكات للقانون تحدث هنا وهناك ، تمس بالمصلحة العامة ، مقابل برنامج حماية بل ومكافأة على ما فعل وقدّم.

وأرجو أن يتاح سريعاً للمواطنين التمتع بهكذا برنامج ، لكي يبادر كثيرون منهم إلى تقديم البلاغات والمعلومات المدونة والملموسة والموثقة ، والتي تمكن الأجهزة الأمنية من الإيقاع بهؤلاء وتحويلهم للقضاء لمعاقبتهم ، ومنعهم من مصادرة إرادة الشعب والسطو على تمثيله.

العملية الانتخابية تسير وفقاً لتقرير المراقبين ، بدرجة معقولة من الشفافية والنزاهة ، بصرف النظر عن موقفنا الرافض لقانون الانتخابات ، وأحسب أن الدور الذي يمكن لبعض المرشحين من اصحاب المال أن يضطلعوا به ، يمكن أن يشكل الانتهاك الأكبر للقانون ، والتعدي الأخطر على حقوق المواطنين في يوم الانتخاب ، ولهذا السبب أعتقد أن الحكومة مطالبة فوراً بأن تتصرف ، وأن تصوغ الإجراءات والتعليمات وحتى التشريعات إن اقتضى الأمر ، التي تجعل حياة "مشتري الضمائر والمتلاعبين بها" صعبة للغاية.

الحكومة كما يقول رئيسها والناطقون باسمها ، تريد عملية انتخابية نظيفة ، وهي معنية بانتخابات نموذجية ، أكثر من اعتنائها بنسبة الاقتراع أو هوية القادمين الجدد "للعبدلي" ، ولكي تكون هذه المهمة قابلة للانجاز ، ولكي يكون الانجاز قابلاً للقياس ، فالنبدأ من هنا ، ولنبدأ الآن. فما من أردني واحد إلا ويعرف أن هناك بيعا وشراء للأصوات ، فلنمسك بهؤلاء متلبسين بالجرم المشهود.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد