ثمة إشارات تحذيرية واضحة تطلقها طريق عمان - جرش - اربد إذ لم يكد يمضى عام على .. حادثة الفجر .. عندما تقبب سطح الإسفلت من أطرافه وحتى منتصفه وانهارت جوانب الطريق بالقرب من سيل الزرقاء .. حتى عادت جوانب الطريق وقبل أيام رجمت الجلاميد الإسفلت في منطقة سلحوب.
الدراسات العلمية الميدانية والتي إمتدت لعدة سنوات كان آخرها هذا الأسبوع .. بينت أن هناك مناطق تدق ناقوس الخطر من بداية شارع الأردن وحتى نهاية الطريق.
عشرة (١٠) بقع ساخنة تهدد بالزحف الركامي أو الإنهيار الصخري .. حيث تنوع التركيب الجيولوجي للمناطق الأكثر خطورة من وجود عامود من الأتربة ملاصقة لحافة الطريق .. أو مناطق صخرية رملية وجيرية مكسرة تقبع هنا وهناك على المنحدرات .. والأخطر وجود طبقات من الطين بألوانه المختلفة .. منها الزهري والأسود والأبيض.. والتي تمثل قطعة الإسفنج القابلة لامتصاص الماء ومن ثم الانتفاخ (Swelled) والزحف بفعل ثقل وزنها والجاذبية نحو الطريق وبالتالي إغلاقه على أقل تقدير.
وثمة نقطة هامة.. وهي أن بعض الطبقات الطينية تقع متقدمة وخصوصا الأجزاء النهائية (Toe) بالفعل تحت الإسفلت مما تؤدي حال تشبعها بالماء إلى تقبب وتكسر منتصف الطريق.
دراسات التتبعات الصخرية وضحت أن الصخور هي من عمر العصر الكريتاسي (الطباشري) الأسفل والأعلى ترسبت قبل حوالي ١٤٥ - ٦٦ مليون عام .. ولقد عانت من كثير من الحركات التكتونية و التي أعطت تراكيب جيولوجية معقدة منها تركيب حوض البقعة والذي حدث له إنقلاب تضاريسي فبعد أن كان قبة تحول إلى حوض منخفض بالإضافة إلى تركيب انهدام نهر الزرقاء والطيات والفوالق التي ترى بين الطبقات.
المناخ السائد على طول الطريق يعتبر من المناطق مرتفعة مستوى هطول الأمطار والتي حال هطولها تمعن في التسرب بين الكسور وتضعفها وبالتالي انهيارها.
الدراسات الهندسية بينت أن طبقات الصخور المتواجدة على جوانب الطريق قد تعرضت لمستويات عالية من القوى والإجهاد مما أصبحت هشة في كثير من المساحات على جنبات الطريق وخصوصا الجزء بين عمان وجرش.
ولابد من التركيز على أن إنهيار جوانب الطرق هي ظاهرة عالمية ومعروفة في كثير من دول العالم المتقدم .. ولكن آلية المعالجة تكون سريعة .. فلا يعقل ان يمضي عام وأكثر على إنهيار منطقة السيل والأمور لم تنتهي معالجتها بعد ..
إن الخطر الكامن على طريق يربط ثلاث محافظات من أكبر محافظات المملكة .. لازال جاثما على أكتاف الطريق .. وأن الزحف وإلإنهيار لهذه الجنبات في ظل الوضع الجيولوجي الحالي أمر لا مفر منه .. الأمر الذي يتطلب إيجاد حلول ناجعة وسريعة (قبل حلول الشتاء) منها تثبيت أماكن زحف التربة ليس بالشباك الهشة ولكن بازالة وتخفيف ما أمكن منها ووضع المصدات الحجرية أو الأسوار الاسمنتية الثقيلة (Riprap) أمامها وكذلك إزالة الجلاميد الصخرية الضخمة والخطرة والتي هي في حالة غير مستقرة على المنحدرات.
إن عدد المركبات والآليات الثقيلة التي تسلك الطريق كثيف جدا .. وهو ما يسبب أيضا ذبذبات واهتزازات على الطريق وجوانبه الأمر الذي يستدعي إيجاد او إنشاء طريق بديلة .. وهنا يحضر سؤال مهم جدا .. وهو لماذا غابت الجسور والأنفاق خلال إنشاء الطريق .. بالرغم من وضوح نقاط الخلل والضعف وكذلك وجود دراسات جيولوجية وهندسية كافية لتفادي مخاطر ما بعد الإنشاء.
وحيث أن الخطر لا زال قائم ومحدق .. فإنه لا بد من تفعيل عمل الجهات المختصة وبكل مهنية وحسب المقاييس والمواصفات العالمية.