بلقيس في العهد القديم والتراث المسيحي

mainThumb

02-10-2018 01:55 PM

 الحلقة الحادية عشرة  

 
     وفي التراث المسيحي، ذكرت ملكة سبأ في العهد الجديد، بأنها ملكة الجنوب أو ملكة تيمان (تيماء الأردنية). ولا بد من القول هنا، ان تيمان هي تيماء، الموجودة في شمال جزيرة العرب، (وبقيت جزءا من الأرض الأردنية حتى عام 1925، حيث فقدها الأردن بموجب اتفاقية الحداء الموقعة في 2/11/1925)، وتقع تيماء الى الجنوب من القدس وفلسطين، وبالتالي فهي بالنسبة لفلسطين تسمى: بلاد في الجنوب بامتياز، وهي الجزء الجنوبي من بلاد الأردن أيضا. وورد في سفر (أشعيا) في القرن الثامن قبل الميلاد، النص التالي: (إن العديد من الجمال ستقطع مسافات شاسعة. ستأتي جميعها من سبأ وستجلب الذهب والبخور).
    كما تعتبر بلقيس ملكة سبأ الأردنية، في التراث المسيحي أيضا جزءا من العقيدة الدينية المسيحية، حيث يعتقدون أنها ستقوم لتشهد على اليهود يوم الدينونة (القيامة)، وذلك بناء على ما ورد في انجيل لوقا، على لسان السيد المسيح عليه السلام، اذ يخاطب اليهود قائلاً: ((31مَلِكَةُ التَّيْمَنِ سَتَقُومُ فِي الدِّينِونة مَعَ هذَا الْجِيلِ وَتَدِينُهُمْ، لأَنَّهَا أَتَتْ مِنْ أَقَاصِي الأَرْضِ لِتَسْمَعَ حِكْمَةَ سُلَيْمَانَ، وَهُوَذَا أَعْظَمُ مِنْ سُلَيْمَانَ ههُنَا!)). ولا تستمعون إليه. فبلقيس إذاً في عقيدة المسيحيين، هي من الأشهاد يوم القيامة. وستشهد على اليهود وكفرهم، وربما هذا سبب جديد، يضاف إلى أسباب أخرى، لحقد اليهود على هذه الملكة الأردنية، وارض الأردن (ارض الحشد والرباط) وشعبها الأردني إلى يوم القيامة. 
       فكل النقوش والآثار المتعلقة بملكة سبأ الأردنية، جلالة الملكة بلقيس المعظمة رحمها الله، نهبت ومازالت تنهب، من قبل الحفارين عن الدفائن والكنوز والقبور لبيعها وضياعها، لكي يقال إنه ليس للأردن تاريخ، وأنه انما بدأ حديثا، ولم يكن قبلها الا قبائل متناحرة متنافرة، ألف بين قلوبها من وفد إليهم أو جاء هاربا تحت غطاء القومية وأوهام التحرر، وهذا افتراء وظلم لا يتفق مع عقل ولا مع نقل ولا مع تاريخ ولا مع ذوق.
     وقد صار لدعاة انعدام التاريخ الأردني قطعان من الأتباع، ويمارسون طقوسهم الوثنية ضدنا تحت أنظار الجهات المختصة في بلاد العرب، ولا سيما خلال العقود التسعة الأخيرة ويزيد، التي أتيح فيها لقوى الضلال والظلم والتضليل، والتسحيج والتطبيل، أن ترقي (بضم التاء وبتشديد وكسر القاف) أتباعها وعناصرها إلى أرفع المناصب والالقاب والمراتب، ومراكز اتخاذ القرار في الحكومات العربية والاردنية، رغم أن الأردن يستحق الإخلاص والحرص لأنه من المواطن الأولى لاستقرار الانسان، لكنه مثل خبز الشعير مأكول ومذموم.
     واما قصة بلقيس وسبأ، فان القرآن الكريم (النمل:22-43)، والتوراة، هما المصدران الأساس لهذه القصة، وتم تعزيز مصادر المعلومات بعد الحفريات والاكتشافات في الأردن واليمن والحبشة ووادي النيل ووادي الرافدين والصين وبلاد فارس والاناضول؛ فالتوراة تنعتها بـ (ملكة سبأ) أو (ملكة تيمنا) أي (ملكة تيماء في شمال جزيرة العرب وكانت جزءا من الأردن التاريخي حتى تم اخذها في اتفاقية الحجا في 2/11/1925 وهي الان ضمن امارة تبوك).
   وان تيماء/ تيمنا توجد في الجزء الجنوبيّ الشرقيّ من تبوك وهي حاليا على بعد يصل إلى 264 كيلو متراً، ومسافة 420 كيلو متراً من الجهة الشماليّة الشرقيّة للمدينة المنورة   وتحدث السيِّد المسيح عنها مع أهل نينوى كمثلين حيِّين لقبول الأمم لله الحي في العهد القديم والتجاوب معه (لو 11: 29-32). 
• أما في التراث المسيحي فتعتبر بلقيس ملكة سبأ جزءا من العقيدة الدينية المسيحية كبرهان لهم حول يوم الدينونة... حيث يعتبرون أنها ستقوم لتشهد على اليهود يوم الدينونة وذلك بناء على ما ورد في أنجيل متى [12: 42] وفي إنجيل لوقا الأصحاح [11: 31] على لسان السيد المسيح عليه السلام يخاطب اليهود قائلاً : (( 31مَلِكَةُ التَّيْمَنِ سَتَقُومُ فِي الدِّينِونة مَعَ هذَا الْجِيلِ وَتَدِينُهُمْ، لأَنَّهَا أَتَتْ مِنْ أَقَاصِي الأَرْضِ لِتَسْمَعَ حِكْمَةَ سُلَيْمَانَ، وَهُوَذَا أَعْظَمُ مِنْ سُلَيْمَانَ ههُنَا! ))..ولا تستمعون إليه...
   فبلقيس إذاً في عقيدة المسيحيين هي من الأشهاد يوم القيامة. وستشهد على اليهود وكفرهم بالسيد المسيح عليه السلام. وربما هذا سبب جديد يضاف إلى أسباب حقد اليهود على هذه الملكة وشعبها إلى اليوم كما سنرى فيما سيأتي.
 بلقيس في العهد القديم
      وأقدم النصوص التي تشير إلى هذه الملكة الأردنية , هو العهد القديم , على أنها ملكة مملكة سبأ , دون أي يحدد العهد القديم مكانها , وأنها سمعت بخبر سليمان وحكمته , وقدمت اليه  على ظهور الجمال بقافلة من الطيب والأحجار الكريمة والأبخرة , الذي يذكر العهد القديم , أن أورشليم لم تشهد مثلها , وهي  دلائل أن مملكة سبأ الاردنية , التي كانت تحكمها الملكة بلقيس  رحمها الله  , كانت مملكة غنية جدا ,  وتنعم بالأمن والثراء والرخاء والاعمار والازدهار والاستقرار والرفاهية والرقي, وهي مواصفات تنطبق بامتياز على الجوف الأردنية في شمالي جزيرة العرب ، التي تقع في نقطة عقدة المواصلات بين الشرق والغرب والشمال والجنوب، وبالتالي فان خيرات الهند وجزيرة العرب وشرق افريقيا والفراتين واسيا والصين والهند والسند وبلاد فارس والاناضول تصب كلها في العاصمة أدوماتو .
    وهذه المواد تجلب اليها للتجارة والمرور والعبور والتبادل وتنمية الثروات، ولها منها نصيبها في جميع الأحوال. وهذه الإمكانات كانت تفوق مملكة سليمان بكل المعايير الدنيوية ’ رغم ما عند سليمان من الجن والانس والشياطين، الذين يصنعون له كل شيء يريده، ورغم أنه نبي أوتي ملكا لم يكن لأحد من بعده. 
    ويذكر العهد القديم أيضا، أن مملكة سليمان دخلت عصرا من الازدهار والثراء بعد هذه الزيارة، وأنه بنى عرشه من العاج، وأغشاه بالذهب (الذي جاءت به بلقيس)، وجعل آنية الشرب كلها من الذهب، وأن ملوك الأرض كلها أتت إلى سليمان لتسمع حكمته، وتتعلم منه. وهذا يبرهن بنصوص العهد القديم أن مملكة سبأ الأردنية، قد علمت مملكة سليمان الحضارة والرقي، وزودته بالذهب والعاج ليعمل منها أواني وحلي لم تكن متوفرة الا بعد توفر موادها من المملكة الأردنية السبئية التي اهدتها بلقيس اليه، وإذا صدقت التوراة فان سليمان يكون قد اخذ الهدية رغم انه قال انه ليس بحاجتها ولا يريدها. ولم يذكر العهد القديم ما لذي حدث للملكة بعد هذه الزيارة، سوى أنها تعلمت من حكمة سليمان، وعادت إلى بلادها غير المسماة، دون أن يتزوج منها.
وورد ذكر سبأ في سفر أشعيا (العهد القديم) أيضا، بأن أهلها سيأتون معهم الازدهار بدلا من القتل والدمار والافساد، الذي كان سليمان ينوي ايقاعه بمملكة سبأ، ويبين العهد الجديد، أن قوافل الملكة بلقيس كانت محملة بالطيب على ظهور الجمال،
    كما ورد في المدراش (أي شرح نصوص التوراة)، أن الملكة بلقيس سمعت بخبر سليمان وحكمته، فقالت لقومها: “سأذهب لاختباره بأحاجي لأرى إن كان حكيما أم لا “، وإذا صحت رواية المدراش فانه يبدو حينها أن بلقيس كانت بارعة في مسألة الأحاجي والألغاز والأسئلة المعقدة لان ذلك كان من ثقافة العرب الى وقت حديث لان الاحاجي تنبع من ذكاء وهي وسيلة لاختبار الاذكياء أيضا، وان ثقافة الاحاجي جزء من ثقافة الأردنيين وبخاصة أبناء البادية، وان قصة موسى مع الخضر وهو الرجل الصالح المذكورة في سورة الكهف هي احجية بحد ذاتها.  وكان سليمان يحب الأحاجي ويكثر من تبادلها مع الملوك، وهي علامة على الكفاءة والذكاء، حسب مفاهيم العالم القديم.
       ومن أسفار التوراة التي تحدثت عن بلاد سبأ، ما جاء في سفر (أيوب العربي الأردني الأدومي)، الذي أشار إلى السبئيين، أنهم اصحاب قوافل وتجارة، وبأنهم أغاروا على بقر (للنبي أيوب عليه الصلاة والسلام)، عندما كانت تحرث ارضه فاستاقوها. ونحن نعرف ان أيوب كان في بلاد الشوبك والطفيلة من الأردن، وكانت جزءا من مملكة ادوم الأردنية، التي كان مركزها بصيرا / الطفيلة، في زمنه، وبالتالي فان المغيرين عليه، لا يمكن أن يأتوا من سبأ اليمن، ولا من مسافات بعيدة، بل لا يمكن أن يقطعوا المسافات الهائلة من الفيافي والصحاري والجبال، مع ما يتطلبها ذلك من مخاطر، لينهبوا بقرا في مهمة الحراثة. وانما جاءوا من الجوف المجاورة كما هو واضح لنا. 
   وان تبادل مثل هذه الغارات بين عشائر شرق الأردن وبادية الأردني في شمال جزيرة العرب وبلاد الرافدين بقيت قائمة الى مطلع القرن العشرين زمن الشيخ الفارس طراد بن زبن بني صخر، والشيخ الفارس عودة أبو تايه الحويطات. ولك لم أجد في الروايات القديمة والحديثة تبادل الغارات بين الأردن وبلاد اليمن لبعد المسافة وتعذر الوصول اليها 
    أما سفر (يوئيل)، فقد أورد ما جاء من تهديد على لسان (يهوه)، لأهالي صور وصيدا، بعد نهبهم للهيكل، وأسر بني (يهوذا) ومن ثم بيعهم لبني (ياون) -اليونان -، حيث قال (ها أنذا أنهضتهم من الموضع الذي بعتموهم اليه، وارد عملكم على رؤوسكم، وابيع بنيكم وبناتكم بيد بني يهوذا، ليبيعوهم للسبئيين)، وهذا يدل على أن السبئيين الأردنيين في الجوف، مجاورون لبني يهوذا وهم في فلسطين، وأن أهل صور وصيدا بعيدون عن الشعبين الأردني والإسرائيلي. كما ان ذلك دليل على عمران واستمرار التجارة بين بني يهوذا في فلسطين والسبئيين في الجوف / أدوماتو ( وللحديث بقية )
 


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد