لقد مرت على الدعوة السلفية المعاصرة فتن مدلهمة غايتها القضاء على هذه الدعوة العظيمة !!!
وقد كان للعلامة ربيع - حفظه الله - النصيب الأكبر في كشف هذه الفتن وأصحابها ، وهو صاحب راية بيضاء وميمونة في ذلك .
وآخر هذه الفتن ؛ فتنة محمد بن هادي حيث رمى السلفيين بألفاظ هي وديعة كتب قديمة ؛ فقد رمى السلفيين بكلمة ( صعفوق ) و ( صعافقة ) ، وهذا اللفظ كان بعض علماء السلف أمثال الشعبي - رحمه الله - يرمي بها أهل الأهواء والجهل وحق له ذلك ...
ولكن محمد بن هادي قلب المجن ورمى بها أهل السنة ظلما وعدوانا ، وطالبه العلامة ربيع بأدلة على هذا الرمي ولم يأت بدليل إلى يوم الناس هذا !!
وقد حمل الجهال المتعصبة لمحمد بن هادي هذه الكلمة ( صعفوق ) واصبحت هي ديدنهم وهجيرهم ليل نهار على مواقع التواصل الاجتماعي حتى لحظ العوام وأصحاب الأفكار المنحرفة هذا الاستعمال الكبير لهذه اللفظ في هذا الوقت بالذات ... !!
وأقولها - ولست مبالغا - أن أعظم زمن لكلمة ( صعفوق ) تداولتها الألسن هو زمن فتنة ابن هادي ... !!
وقد قصد محمد بن هادي وأتباعه المعنى المدون لها في معاجم اللغة ؛ ومداره : الإفلاس من العلم كما افلاس التاجر من رأس المال ...
ولكن محمد بن هادي جاءت له ألفاظ فيمن رماهم بالصعفقة : ( أنهم ملحقون بأهل الأهواء ) !!
وقبل أيام كنت أتصفح بعض دفاتري التي أقيد فيها بعض الفوائد الملتقطة من أسفار الأدب ، فوجدت معنى للصعافقة لم يتطرق له صاحب اللسان ولا الجوهري ولا من نقل عنهم - حسب علمي - حتى من أحياها كمحمد بن هادي وأتباعه الظلمة وممن تصدى لدفعها من أهل الحق لم يعلموا بهذا المعنى الذي أشار له بعض العلماء القدماء .
فلنذكر المعنى لهذه الكلمة كما جاء في معاجم اللغة العربية كاللسان وغيره :
1 - قوم يشهدون السوق ، وليس عندهم رؤوس أموال ولا نقد عندهم ، فإذا اشترى التجار شيئا دخلوا معهم فيه ...
2 - هم رذالة الناس .
3 - اللئيم من الرجال .
4 - قوم كان آباؤهم عبيدا فاستعربوا .
5 - هم قوم باليمامة من بقايا الأمم الخالية ضلت أنسابهم .
6 - هم خول باليمامة .
هذا هو المعنى الذي ذكره كلا الطرفين محمد بن هادي ومتعصبته وهم الطرف الظالم ، والطرف الآخر وهم أهل الحق المدافعون عن الابرياء والمظلومين .
والآن جاء وقت ذكر المعنى الذي لم يذكر في تلك المعاجم - حسب علمي - وهو معنى قيدته في دفاتري القديمة :
جاء في كتاب ( شرح أدب الكاتب ) لأبي منصور الجواليقي - رحمه الله - ( 4.1 ) :
( قال أبو محمد : قد جاء " فعلول " في حرف واحد نادر ، قالوا : بنو صعفوق لخول باليمامة ، قال العجاج :
ها فهو ذا ، فقد رجا الناس الغير
...... من أخذهم على يديك والثؤر
من آل صعفوق وأتباع أخر
...... " من الطامعين لا ينالون الغمر .
قوله : " فهو ذا " أي الأمر هو الذي ذكرته من مدحي لعمر بن عبدالله بن معمر التيمي ، ورجا الناس أن يتغير أمرهم من فساد إلى صلاح ومن شر إلى خير بإمارتك ونظرك في أمورهم ودفع ما دهمهم من أمر " الخوارج " ؛ والثؤر : جمع ثؤرة وهي الثأر أي : آملون ان يثأر بمن قتلت " الخوارج " من المسلمين ؛ وآل صعفوق من " الخوارج " وأشياعهم : أتباعهم ، ويقال : لبني صعفوق : الصعافقة ، وصعفوق لا ينصرف ؛ لانه أعجمي وقد تكلمت به العرب مفتوح الأول ) .
فكما ترى جعل الجواليقي آل صعفوق من طائفة الخوارج عند شرحه لرجز العجاج !
وهذا من المعاني التي تزاد لكلمة صعفوق .
ولنلقي نظرة على ترجمة الجواليقي كما في السير للذهبي :
1 - قال الذهبي : العلامة الإمام اللغوي النحوي أبو منصور ؛ موهوب بن أحمد بن محمد بن الخضر بن الحسن بن الجواليقي إمام الخليفة المقتفي .
2 - قال السمعاني : هو ثقة ورع غزير الفضل وافر العقل .
3 - قال ابن النجار : إمام أهل عصره في اللغة كتب الكثير بخطه المليح المتقن ، مع متانة في الدين ، وصلاح الطريقة ، وكان ثقة حجة نبيلا .
4 - قال ابن شافع : كان من المحامين عن السنة .
فهذا الإمام اللغوي الثقة الحجة أطلق على آل صعفوق أنهم الخوارج .
ومما نزيده أيضا حول كلمة ( صعفوق ) ما جاء في ( مجلة الرسالة ) العدد ( 504 ) تاريخ ( 1/3/1943 ) مقالا لانستاس ماري الكرملي بعنوان : ( لماذا لا أثق بأقوال النحاة واللغويين ) حيث وجه سؤالا للعلامة السلفي ( محمود شكري الالوسي ) :
( ونزيد على ما تقدم أننا كنا سألنا في سنة " 1895 " أستاذنا الكبير ؛ محمود شكري الآلوسي عن هؤلاء القوم أصلهم ؛ لأنه كان واقفا أتم الوقوف على ما يتعلق بأخبار العرب وقدمائهم وما يتصل بهم ، فقال : " إنهم يونانيو الأصل أتي بهم عبيد أسرى في صدر الإسلام ، ثم بيعوا فوضعوا في قرية من اليمامة عرفت باسمهم ، ثم اتخذوا خولا ، ومن اليمامة انبثوا في سائر العرب فأسلموا ، فاندمجوا بأهالي تلك الربوع ولم يبق منهم باق ) .
ثم علق الكرملي :
( وعليه فيكون هذا الاسم يوناني الأصل ... وذلك بأن هؤلاء القوم كانوا يتكلمون ببراعة ومهارة بين أيدي الناس ترغيبا في البضاعة والتجارة أو في أي مهنة يزاولونها أو يتخذونها ؛ واليونانيون حتى عوامهم معروفون بالتشدق ) !