شكل اللقاء الذي استضافه امس الأول سفير خادم الحرمين الشريفين المعتمد لدى البلاط الملكي الهاشمي بمقر اقامته بعمان فرصه غير مسبوقة لاستيضاح ومناقشة جملة موضوعات تتعلق بمواقف المملكة العربية السعودية سواء على الصعيد الداخلي السعودي والعلاقات الثنائية السعودية- الأردنية وملفات أخرى على مستوى المنطقة.
اللقاء كان استثنائيا وخطوة حميدة التقى خلالها صناع القرار الإعلامي واهم قادة الراي وشخصيات اكاديمية ودبلوماسية ادار خلالها سمو الأمير خالد بن فيصل بن تركي ال سعود بحنكة الدبلوماسي وتواضع الامراء نقاشا مستفيضا ساهم بإزالة الغباش الذي اعترى بعض المواقف وازال هواجس ظلت عالقة في اذهان البعض عن طبيعة ومستوى ومستقبل العلاقة الأردنية السعودية على اثر ما تداولته منابر إعلامية رخيصة مدسوسة وممولة من دول تتربص بالعلاقة الأردنية السعودية شرا.
فالدعم اللامحدود والمستمر الذي تقدمه الحكومة السعودية كان اكبر من ان يتم تجاهله وحظي هذا الدعم بالاطراء الشديد مع امنيات الاستمرار بمواصلة الدعم باشكال مختلفة، ولعل الأبرز كان بتأكيد سمو السفير ان أيا من المرجعيات السياسية والدبلوماسية في الرياض لم تطلب منه لا من قريب او من بعيد الحديث في موضوع حاولت الصحافة المأجورة اللعب على وتر تأجيج وخلق علاقة مرتبكة بين الرياض وعمان، وهنا اقصد بالتحديد الوصاية الهاشمية على المقدسات في فلسطين.
وبوضوح كبير وثقة عالية واستنادا الى اتصالاته وجولته واستمزاجه لدوائر صنع القرار اعلن سمو السفير بوضوح وكلام لا يعتريه أي لبس بان الرياض تعتبر الوصاية الهاشمية على المقدسات بالقدس شأنا سياديا اردنيا لا يحق لاي جهة ان تتدخل به لا من قريب ولا من بعيد.
فالسعودية وهي مكون أساسي واصيل في جامعة الدول العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي كانت ولازالت على الدوام تدعم قرارات القمم العربية والإسلامية بشأن دعم وتأكيد الوصاية الهاشمية على المقدسات في القدس. ولم يسجل في تاريخ هذه القمم او اللقاءات ان هناك اعتراضا سعوديا على الوصاية الهاشمية.
نعم، لقد قطع سمو السفير الطريق على أصحاب الالسن المسمومة والانفس المحمومة التي ساءها هذا التناغم في المواقف بين القيادتين في مختلف القضايا في الشرق الأوسط. فلا يكاد يمر أسبوعا لا تخلو فيه صفحات بعض الصحف المأجورة في لندن او المواقع الإخبارية الممولة من دول تناصب السعودية العداء بتمرير تقرير مشوه ومدسوس يحاول ضرب تلك العلاقة التاريخية والتي ظلت على الدوام متماسكة ومتينة واسمى من ان تكون عرضه للمزايدات بفضل حكمة القيادتين والشعبين.
ان المتتبع لما ينشره أصحاب الأقلام المأجورة عن المملكة العربية السعودية ومنذ ان اختارت المواجهة العلنية للمشروع الفارسي وسارت في طريق كشف وتعرية المشروع الصفوي الإيراني ووقف اطماعه في المنطقة، يكشف بوضوح ان السعودية تعرضت ولازالت لابشع واقذر حملة تشويه اعلامي لمواقفها وتصيد مقصود لهز نسيجها الاجتماعي وضرب علاقاتها الإقليمية والدولية بقصد حرفها عن طريق الإصلاح الذي تمضي به بخطى ثابتة وواثقة.
فكلنا يعلم قصة النفخ والتضخيم لمئات المليارات التي تداولتها وسائل إعلامية والتي زعمت ان السعودية سلمتها للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، هي بالحقيقة حصيلة توقيع جملة اتفاقيات لمشاريع اقتصادية وسياحية وتنموية وللطاقة تم توقيع اغلبها منذ عام 2009 وحتى قبل انتخاب الرئيس الأمريكي الجديد والذي تسلم نسخا عن هذه الاتفاقيات خلال زيارته الأخيرة للرياض، وهي اتفاقيات قدرت قيمتها بمئات الملياراتوحاولت بعض وسائل الاعلام ربط هذه المبالغ لتشويه الموقف السعودي الثابت والواضح من القضايا المصيرية في المنطقة وخاصة فلسطين.
ان حجم المكاشفة الذي ساد هذا اللقاء والمصارحة من قبل النخبة والسفير السعودي اكد بما لا يدع مجال للشك ان غياب وضع قادة الرأي بالمعلومات والتفاصيل عن القضايا الحساسة المطروحة وقلة التواصل معهم تجعل الساحة الإعلامية رهينة لاصحاب الأقلام المدسوسة والأفكار المبتورة ما يؤدي الى تشكيل رأي عام معتل ومختل ومضلل تقوده ماكينة إعلامية مدروسة الاجندة تخلت عن دعم الأردن والوفاء بالتزاماتها الأخوية من الوقوف الى جانب الأردن في محنته الاقتصادية ومن تمكينه في مواجهة أعباء اللجوء السوري الضاغط.
وفي الختام تحية للمملكة العربية السعودية ولكادرها الدبلوماسي في اردن الهواشم.
Khalaf.tahat@yahoo.com
* باحث واكايديمي متخصص في الاعلام