وجه جلالة الملك عبد الله الثاني رسالة واضحة لكافة وسائل الاعلام الأردني لأخذ دورها المهني من خلال تسليط الضوء على القضايا التي تمس حياة الناس .
هذا التوجيه الذي جاء عبر الاتصال الهاتفي مع البرنامج الصباحي الذي يقدمه الزميل ياسر النسور في اذاعة روتانا، بمثابة رسالة ملكية الى الاعلام الاردني بضرورة التركيز على حياة المواطنين وقضاياهم المعيشية، وان تحتل الأولوية والصدارة في وسائل الاعلام .
فكما على الاعلام الاردني أن يلتقط الرسالة الملكية في نقل معاناة وقضايا المواطنين بكل مهنية واحتراف، على المسؤولين أيضاً أن يلتقطوا الرسالة الملكية "الضمنية" وهي الأهم، في معالجة الخلل والنزول الى الميدان وملامسة هموم الناس وحل مشاكلهم.
فالاعلام يؤشر الى الخلل وينقل قضايا الناس من أجل ان تصل الى مسامع الجهات ذات العلاقة، وهنا تكمن جوهر الرسالة الملكية، تماماً كما فعل الزميل النسور في برنامجه الصباحي بنقل قضايا الناس عبر الاثير صباح الأحد ليتدخل جلالة الملك بكل مسؤولية بتوجيه الديوان الملكي بضرورة معالجة هذه القضايا .
اعلامنا بكل أنواعه، ملئ بقضايا وهموم الناس، ولكن في الواقع مسؤولينا غائبين عن تلبية النداء ومعالجة الخلل الا ما ندر، أو أنهم يعتمدون مبدأ الفزعة، فبعد التدخل الملكي سينشط المسؤولين لمدة اسبوع أو أقل في النزول للميدان والاستماع لقضايا الناس ثم تعود الامور الى سابق عهدها ..! .
التدخل الملكي تضمن رسالة ثالثة أيضاً، موجهة للحكومة بضرورة وضع استراتيجية مهمة لاغاثة كل ملهوف أردني والتعامل مع هذه القضايا التي تمس حياة الناس بكل جدية واقتدار وبشكل ممنهج، وان لا تركن على ظاهرة الفزعة، وأن تتبع العمل المؤسسي من خلال ايجاد مؤسسة أو منظمة أو جمعية تتبع لرئاسة الوزراء بشكل مباشر مهمتها متابعة قضايا الناس وطرح الحلول وتحويلها للمختص، وفتح باب التبرعات والدعم وفق قانون أو نظام يؤطر عملها .
الطريق الصحرواي مثلاً، قضية مسّت حياة الناس وأشغلت الرأي العام الاردني منذ سنوات، وعجزت الحكومات المتعاقبة عن حلها، الى أن حصدت أرواح الابرياء التي كان آخرها النائب محمد العمامرة وعائلته في مشهد أفجع قلوب الاردنيين جميعاً ،فهل تحتاج حكوماتنا الى تدخل ملكي لاصلاح الطريق بأسرع وقت ممكن، ووضع حد لمسلسل الحزن الذي يدخله الطريق الى بيوت الاردنيين ..! .
القضايا التي تمس حياة المواطنين كثيرة، فمنها ما يمكن الصبر عليها، ومنها ما يمكن حلها بالتدرج ومنها لا يمكن تأخير معالجتها، وقضية الطريق الصحراوي من القضايا المستعجلة والتي من الضعف والاهمال تأخيرها ، فأرواح الناس ليست رخيصة، قد يتحمل الناس الجوع ولكنهم لا يتحملون مشاهدة اقربائهم يتحولون بلحظة الى اشلاء متناثرة على الطرقات، فعلى الحكومة ان تستجيب للرسالة الملكية وان تضع اصلاح الطريق الصحراوي في المقدمة وتوفير الدعم المالي بالسرعة القصوى، والمضي قدماً بملامسة قضايا الناس والعمل على اعادة الثقة المفقودة بين المجتمع والحكومة .