التعديل الوزاري السادس الذي أجراه الملقي على حكومته لن يطيل عمر الحكومة وسوف يعزز المطالب الشعبية بإقالتها، فقد جاء التعديل هزيلا ومعتمدا على ممارسات غير ديمقراطية وتقاليد بالية، حيث تم تجاهل البرلمان بشكل فاضح في التعديل الوزاري بعد ان اجتازت الحكومة مرحلة حجب الثقة ، ولسان حال الملقي يقول : ان للرئيس الملقي ان يمد قدميه متوهما انه الان يملك شيك على بياض موقع من البرلمان فيعدل حكومته كيفما شاء ، الرئيس الملقي تشابه عليه البقر ويعتقد أن الأردن اليوم هو الأردن في الثمانينات والتسعينات من القرن الماضي أو قبل عام 2010 على ابعد تقدير، وانه يمكن الاستمرار في إدارة الدولة بأساليب عفا عليها الزمن، وهو اليوم واهم إن كان يعتقد أن طاقم حكومته الحالي قادر على تحمل المسؤولية وإدارة شؤون البلاد في هذا المرحلة بالغة الدقة والتعقيد ، فالحكومة بشكل عام باهتة ولا تضم شخصيات سياسية وازنه والتعديل خلا من أية نكهة سياسية باستثناء تكريس مبدا المحاصصة والترضيات على حساب مصالح البلاد والعباد ، فالأسماء جاءت مكررة ويتم تدويرها باستمرار ، من النخب المتكلسة، وكأن الأردن لم ينجب غيرهم وأنهم وحدهم اللذين يستطيعون قيادة سفينة نجاة الوطن ، علما أن جلهم كان دائما في مواقع المسؤولية عندما تم فكفكة وبيع أصول الدولة وتخريب اقتصادها وتدمير تعليمها وإفقار شعبها وذلك لصالح فئة أرادت تفصيل الوطن على مقاسها وبما يحقق مصالحها الخاصة والآنية، وكل ذلك جرى على مرأى ومسمع الكثير من مسؤولي الحكومة الحاليين!.
إن تغيير الحكومة هو آلية راسخة في السياسة الأردنية لتخفيف التوترات الاجتماعية والضغوط الاقتصادية وإعادة توجيه مسار السياسة بالحفاظ على النظام والأمن والاستقرار، والاستجابة للضغوط الشعبية بإقالة الحكومة أو حل البرلمان أو محاسبة الفاسدين أو إجراء إصلاحات سياسية عميقة هي ليست نقطة ضعف أو لي ذراع الدولة على النحو الذي يتوهمه البعض ، وإنما هي نقطة قوة وتحسب للنظام وليس عليه ، وهي تعكس قدرة النظام على المرونة والتكيف والفعالية في إدارة الصراع داخل المجتمع، والاعتماد على المحاورة والإقناع بدلا من الحلول الأمنية التي تثبت فشلها في كل الحالات.
الحكومة الحالية من اضعف الحكومات في عهد الملك عبد الله الثاني وقد أخفقت في كافة المجالات : ففي المجال الاقتصادي انتهجت سياسة جباية معتمدة على جيب المواطن وفشلت في إقامة مشروعات تنموية توفر فرص العمل وتحقق النهضة المأمولة ، وعلى الصعيد الامني في عهدها أصبحت هيبة الدول تتعرض لانتهاكات شبه يومية ، وسياسيا نلحظ تراجع المسيرة الديمقراطية وفقدان هيبة الدولة وتراجع ثقة المواطنين بالكثير من مؤسسات الدولة وعلى رأسها البرلمان ، اما على الصعيد الخارجي فقد تراجع الدور الإقليمي للأردن ولا سيما في محيطه العربي، فالاردن اليوم محاصر وبلا حلفاء مع تصاعد وتيرة الأطماع الصهيونية تجاهه، واستمرار بقاء الحكومة سوف يعمق الأزمة ويزيد من التحديات والتي ستكون تكاليفها باهظة.
الأردن اليوم بحاجة إلى الحكومة إنقاذ وطني من طراز خاص تتولى إدارة شؤون الدولة وفق نهج جديد يقوم على أسس راسخة وهي مطالب مشروعة للأردنيين نعيد التأكيد عليها عملا بالمثل الشعبي التكرار يعلم ……. أبرزها : مشاركة حقيقية للأردنيين في صنع القرار السياسي وإصلاحات جذرية في البنية السياسية للنظام من خلال تعديلات دستورية تتناسب مع تطور البلاد وتؤسس للتعددية والتداول السلمي للسلطة ومراجعة النهج الاقتصادي من خلال التشديد على دور الدولة في التنمية الاقتصادية ورفض سياسات الخصخصة واعتماد إستراتيجية متكاملة لمكافحة أشكال الفساد واستعادة الثقة في الدولة ومؤسساتها وعلى رأسها البرلمان وتعزيز الوحدة الوطنية وتماسك المجتمع الحفاظ على الأمن والاستقرار . وأخيرا إعادة النظر بالنهج السياسي تجاه المعارضة المتمثل بالاستبعاد والشيطنة، فلا بد أن يكون للمعارضة موطئ قدم داخل النظام الديمقراطي، والأردن وطن لكافة أبنائه، كما أنّ المعارضة هي حالة وطنية وشرعية، وضرورة من ضرورات الديمقراطية، وصمام أمان للنظام السياسي، وتضفي عليه قدراً من الشرعية، وليس هناك من بديل عن الحوار معها، للوصول إلى الوفاق الوطني الذي يخرج البلاد من حالة التجاذب والاستقطاب، وعلى قوى المعارضة في ذات الوقت أن تراجع مواقفها وبرامجها وأساليب عملها، وتعيد تنظيم صفوفها، وترتقي إلى مستوى التحديات التي تواجهها من أجل الوصول إلى أهدافها في الإصلاح.
إن حكومة إنقاذ وطني تفكر بعيدا عن ضيق الأفق والمصالح الخاصة وقريبا من سعة الوطن والمصالح العليا للبلاد ، قادرة على فتح كل الملفات وتحمل المسؤولية باقتدار وقراءة المشهد السياسي بدقة وروية ، سوف يضع الأردن على الطريق الصحيح وسيسهم في وضع حد للانتهاكات شبه اليومية لهيبة الدولة ويعزز التحول الديمقراطي وإقامة دولة القانون والمؤسسات وبناء مجتمع المواطنة والمساواة والعدالة وحماية الوطن الدفاع عن مصالحه وثوابته وتجاوز الأزمة الحالية وتضميد جراح الوطن والعبور من الربيع العربي وصفقة القرن إلى المستقبل بأمانة وثقة من اجل حياة أفضل وأكثر يسرا وعدالة نأمل ذلك.