قامات وطنية

mainThumb

17-12-2017 02:01 PM

معالي الدكتور ممدوح العبادى
 
عندما تخلو مع نفسك وتستعرض شريط الوطن الذي تربيت بين احضانه فانك تجد نفسك مجبرا على الوقوف عند محطات عدة من تاريخ هذا الوطن كما تجد نفسك تقف مبهورا امام قامات سامقه سموق النخل وصلبة صلابة السنديان المتجذر على اكتاف هذا الوطن الغالي الذي دافع عنه الآباء بالمهج والارواح وافتدوه بكل غال ورخيص هذا الشعور الجياش فرض علي الشروع بتاليف كتاب يحمل اسم قامات وطنية اتناول فيه حياة العشرات ممن وهبوا انفسهم لهذا الوطن ولن اقتصر بالكتابة عن شخصية بعينها كي لايقال عني انني اقليمي ضيق لكنني آثرت ان اتناول معالي ابو صالح في هذا المقال لان الكتابة عنه تسحبني الى الوراء ثلاثة عقود يومها حطت رحالي في شارع السعادة في مدينة الزرقاء في بيت خال لي حيث اقمت عنده ودرست في مدرسة الزرقاء الثانوية الثانية وكان مديرها انذاك فريد فاخوري .
 
وكما هو معروف فان الدكتور ممدوح العبادي طبيب عيون اذ درس هذا التخصص في لندن بعد ان اكمل دراسة الطب العام في تركيا وكانت عيادته ملاصقه لبيت خالي وذات رحيل احسست بالام في عيني اليسرى فدلفت من البيت الى عيادة الدكتور ممدوح برفقة خالي وبعد الكشف وصف لي الدكتور ممدوح الدواء المناسب وخرجت وقد ترتب على هذه الزيارة انني كنت ازور الدكتور ممدوح بين الفينه والفينه وكان يسالني عن دراستي بعدما اخبرته انني من العارضة وانني سكنت عند خالي لضيق ذات اليد فوجدت الدكتور بين الفينة والفينه يدفع الي ببعض النقود صحيح كانت قليلة لكنها تلبي حاجة طالب مثلي وتمنحي فرصة الذهاب لمرة او مرتين في الاسبوع لسينما ركس او سلوى او ستوديو زهران وكان الدكتور يصر على اخذي للمبلغ الذي كان يتارجح بين الدينار والنصف دينار احيانا .هذه بدايات معرفتي بمعالي الدكتور ممدوح العبادي هذا الرجل الذي عرف عنه الكاريزما القوية وعرف عنه انه لم يستند الى القبيلة خلال حياته الوظيفيه اذ كان يعتمد على ذاته اعتمادا مطلقا سلاحه عصامية والده التي زرعها فيه وثقته المطلقه بنفسة.
 
للرجل برنامج اعتاد عليه فهو يستيقظ مبكرا بحدود السابعة صباحا ويستعرض صفحات الصحف والمواقع الالكترونية ثم يتناول افطاره ويخرج لعملة ضمن منظومة وقت دقيقه كما انه يسجل له الرد والتفاعل مع كل الهواتف التي تاتيه عكس كثير من المسؤولين في هذا الوطن الذين يخصصون هواتفهم للرد على المحاسيب واصحاب المصالح.
 
وعندما نتكلم عن ممدوح العبادي فاننا نتكلم عنه ككل سواء ممدوح الطالب الذي تربي باحضان يرقا او ممدوح الطبيب او النائب او وزير الصحة او امين عمان او وزير الدولة لشؤون رياسة الوزراء او غيرها من المواقع التي شغلها بمعنى ان الالقاب لم تاخذ حيزا من حياة الرجل سواء لقب العطوفه او السعادة او المعالي لاحساسه ان مثل هذه الالقاب ربما تسحبه بعيدا عن حوزة الفقراء فهو واحد منهم ولهم ينتمي.
 
ابو صالح من عشاق الاكل المنزلي بالدرجة الاولى وهو يميل للاطعمة المطبوخه بالجميد وغالبا مايفضل الاكل من تحت يدي زوجته ام صالح التي رافقته في رحلة العناء والتعب ونسجت معه كل قصص النجاح.
 
ديدنه الوطن ومحبة الوطن وهو صاحب المقولة المشهورة الوطن للجميع وعرف عنه انحيازه للقضية الفلسطينية وامنيته الوحيدة ان تعود فلسطين الى اصحابها.
 
ممدوح العبادي رجل بحجم الوطن تعرفه الخيمة والناقة والسرج والوتد وتعرفه كل الاردنيات ممن فتقن عيون الليل يساهرن النجم ويتحملن سياط البرد من اجل تربية اولادهن ويعرفه كل فقراء الاردن وتعرفه مدينه الزرقاء مدينة العمال والعسكر ويعرفه كل مرضى العيون وتعرفه عمان بكل تفاصيلها من الالف الى الياء فله بصمة ستبقى على كل شوارعها وارصفتها وكل مبانيها وتعرفه البلقاء بكل حواضرها من يرقا الى الغور.
 
لم تشغله السياسه عن الالتزام تجاه مرضاه الذين يزورون عيادته على الدوار الاول فهو يدرك ويعرف جيدا ان رسالته الاولى في الحياة هي تخفيف الالم عن هولاء الناس.نتمنى العمر المديد لهذه القامة الوطنية التي نحس فيها ومعها ان الخير لازال موجودا في هذه الدنيا وانه لاياس ما الحياة ولا حياة مع الياس وله نقول يوجد على الارض مايستحق الحياة فدمت بخير معالي ابو صالح.
 


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد