يرجع نجاح الإدارة الصفية إلى مجموعة واسعة من المهارات والتقنيات التي يستخدمها المعلم لتعزيز السلوكيات الايجابية المساندة لعملية التعلم والحد من السلوكيات التي قد تعرقل هذه العملية داخل الغرفة الصفية.
وبينما تركز الإدارة الصفية التقليدية على الاستراتیجیات التي تدعم التزام الطلاب وإتباع التوجیهات وما إلی ذلك، نجد أن النظرة الحديثة تمتد إلى نطاق أوسع يشمل كل ما يمكن للمعلم القيام به لتسهيل أو تحسين تعلم الطلاب، مثل السلوك (موقف إيجابي، تعبيرات الوجه، العبارات المشجعة، الاحترام، العدالة وما إلى ذلك) والبيئة (غرفة دراسية مرحبة ومضاءة جيداً مليئة بمواد تعليمية محفزة فكرياً، دعم أنشطة تعلم محددة)، والتوقعات (نوعية العمل المتوقع من الطلاب، تصرفاتهم المتوقعة تجاه الطلاب الآخرين)، والمواد (مصادر التعلم التي يستخدمها المعلم)، بالإضافة إلى المشاركة في اهتمامات الطالب، عواطفه، وفضوله الفكري، لكن يبقى الأهم هو التزام المعلم برؤية الجمال الموجود داخل كل طالب، فلكل طالب قيمته الخاصة التي لا تقدر بثمن.
إذا نظرنا إلى الأمور بهذه الطريقة سنجد أن العلاقة بين عملية التعلم الجيد والإدارة الصفية الناجحة أكثر ترابطاً وانسجاماً، فهي نتاج ما يشعر به الطالب من محبة وتقدير بحيث لا يمكن فصل الإدارة الصفية عن جميع القرارات الأخرى التي يتخذها المعلم.
إليكم بعض النصائح وفقاً لـ "Tyler Hester" والتي قد تساعدنا في وضع هذه الأفكار موضع التنفيذ:
أحبب طلابك: أظهر محبتك لهم وكن حازماً عند أي سلوك لا يلبي توقعاتك أو لا يعكس قيمتهم الحقيقية، فقد نجد أن عدداً من الطلاب يتملكهم الشعور بالنقص أو عدم القيمة، في هذه الحالة من واجبنا كمربين أن نذكرهم بقيمتهم وبمحبتنا لهم دون قيد أو شرط، فالطالب يدرك جيداً ما نشعر به اتجاهه دون أن ننطق به، وبالتالي من حقه الشعور بالاستياء في حال فشلنا في رؤية الجمال الموجود داخله، تقول مايا انجلو "لقد تعلمت بأن الناس ينسون ما قلت و ينسون ما فعلت ولكنهم لا ينسون أبداً كيف جعلتهم يشعرون".
ركز على الجانب الايجابي: في حال خالف الطالب إحدى التعليمات أو القواعد السلوكية داخل الغرفة الصفية، فعلينا بدايةً أن نجعله يشعر بمحبتنا له ثم برفضنا لتصرفه، علينا أن نجعله يدرك أننا نعتني به لذلك لا نقبل بخياره السيئ لأن هذا الخيار سيضر به في نهاية المطاف ولن يعكس مدى روعته، علينا أن نركز على تنبيه الطالب عند أي سلوك خاطئ مع تركيزنا على النقاط الايجابية ورفضنا للسلوك السلبي فحسب.
الثناء أينما وكلّما أمكنك ذلك: قم بالثناء على الأمور التي يقوم بها الطالب والتي تلبي توقعاتك فهذا السلوك له تأثير قوي حيث سيمكنّك من إعادة تعديل وتعزيز سلوكه بطريقة غير سلبية، وسيُظهر له مدى اهتمامك وإدراكك لأدق التفاصيل التي تحدث داخل الغرفة الصفية.
لا تستخف بأبسط الأمور: عليك أن تعي من بداية العام الدراسي أن الوقت الذي تقضيه في الغرفة الصفية يخلق عالماً يقوم فيه الطلاب بأمور من شأنها أن تضعهم على طريق الحياة المليئة بالفرص، لكن قد تجد من ضمن هذه الأمور بعض السلوكيات أو الأفعال التي قد تنتقص من هذا العالم، وهنا يأتي دورنا في أن نواجه هذه السلوكيات بمحبة وأن نوضح للطالب أن مثل هذه الأفعال غير مسموح بها حتى لو كانت بسيطة.
عرف الطلاب بنفسك: أخبرهم عن نفسك وعن سبب اختيارك لرسالة التعليم، فالثقة بين الطالب والمعلم تجعل من الغرفة الصفية بيئة رائعة للتعلم.
تشكيل هوية الصف: ابدأ العام الدراسي بتشكيل هوية إيجابية وجماعية داخل الغرفة الصفية، على سبيل المثال قم بالثناء على الصف بأكمله بحيث يشعر كل طالب بأنه جزء من شيء مميز في تلك الغرفة مما يولد لديه الشعور بالفخر كونه عضواً في هذه المجموعة.
ضع خطتك الدراسية: يجب أن تكون خطتك الدراسية واضحة وضوح الشمس، بحيث تبدأ يومك وأنت مدرك لما يجب أن يتعلمه الطلاب، والأهداف التي يمكن تحقيقها بحلول نهاية الفصل،كما يجب أن يكون لديك فكرة واضحة حول السلوك الذي تتوقعه خلال الفصل الدراسي، وحاول دائماً أن تعزز سلوك الطالب عندما تراه إيجابياً عكس ذلك اعمل على مواجهة ذلك السلوك والعمل على تعديله بكثير من المحبة.
علينا أن ندرك أن الإدارة الصفية هي عملية مستمرة لا تنتهي أبداً، لذلك تبقى المهارات التي يكتسبها المعلم ويصقلها بمرور الوقت هي حجر الأساس في الإدارة الصفية وإدارة سلوك الطالب، فالتعليم الفعال يتطلب مهارة كبيرة في إدارة عدد لا يحصى من المهام التي يتم اكتسابها مع الممارسة العملية والاستعداد للتعلم من الأخطاء، وبينما هناك إجماع على أهمية الإدارة الصفية الفعالة في عملية التعلم، إلا أن من الصعب معرفة الاستراتيجيات الأكثر فعالية، أو الطريقة الأفضل في الإدارة الصفية وأياً كانت الطريقة التي يختارها المعلم فالمهم في النهاية أن تكون قادرة على الحفاظ على السلوك المناسب للطلاب في الغرف الصفية وبالتالي تعزيز السلوك الاجتماعي الإيجابي وزيادة المشاركة الأكاديمية لديهم.