ودعّت الكويت والعرب جميعاً قامة فنية كبيرة، هو الفنان القدير عبدالحسين عبدالرضا الذي رحل تاركاً إرثا فنياً كبيراً، أبدع وعرض التاريخ العربي عبر خمسين عاماً مضت بأسلوب كوميدي ناقد دخل الى قلوب ملايين العرب .
ليس غريباً على الكويت البلد العربي الصغير بمساحته التي لا تتجاوز 17،818 كيلومتر مربع، والكبير بإنجازاته، أن يرفد الفن العربي بنجوم لامعين، فتاريخه الفني عريق ، فقد دخله المسرح قبل أكثر من مئة عام، وتقدم عن غيره من البلدان بمجالات كثيرة غير الفن، رغم وقوع معظم المنطقة تحت نير الاستعمار وانتشار الجهل والأمية.
ومن أبرز المجالات التي أُعتبرت الكويت رائدة فيها ، الصحافة ، فقد تميزت منذ عقود بمدرسة فريدة إرتكزت على المهنية والحرية والنقد البناء ضمن سقف القانون، واعتبرت أيضا الدولة الخليجية الوحيدة التي تمتعت بحرية صحافة عبر عشرات السنين، كما لا ننسى أن الكويت رفدت عبر عشرات السنين المحتوى الثقافي والاجتماعي العربي بمجلة العربي، التي توزع في أغلب الدول العربية وتباع بسعر رمزي يمكن أن تصل الى كل شخص مثقف.
كما أن الصحافة الكويتية إحتلت في عام 2013 المرتبة الأولى عربياً وإقليمياً في الحرية، مسطرة مسيرة ممتدة منذ حوالي مئة عام، لم يمنعها استعمار ولم تغتالها أمية أو جهل .
أما في المجال السياسي والديمقراطي، فقد تفوقت الكويت كثيراً على منطقة الخليج العربي، إن لم تكن على بلدان المشرق العربي قاطبة في تأسيس الكتل والتجمعات السياسية وتداول السلطة عبر برلمان منتخب ديمقراطياً .
ورغم أن البلاد تدار بنظام حكم وراثي، الان انه متماسك استطاع أن يعتمد مبدأ الحوار والشورى مع جميع الاطياف السياسية، كما ساعدته عوامل اقتصادية واجتماعية واستقرار لتحقيق الأجواء الديمقراطية الحقيقية .
كما استطاعت الكويت أن تلعب دوراً بارزاً في الجهود الاقليمية والدولية في مكافحة الارهاب،الذي كادت أن تكتوي به لولا جهود أجهزتها الامنية اليقظة التي أحبطت تلك المؤامرات، والتي كان آخرها قضية ما يسمى " خلية العبدلي" .
هذا التقدم والاستقرار والتفوق، أعطى الكويت دوراً اقليمياً ريادياً في وأد الازمات بين الاخوة ولعب دور الوسيط الحكيم في نزع فتيلها، وهذا حاضر بقوة في الازمة الخليجية التي يسجل لامير الكويت مواقفه المشرفة والتي عبر عن ألمه لما وصل اليه الحال في البيت الخليجي، واكد انه "لن يألوا جهدا في سبيل اعادة اللحمة العربية للبيت الخليجي" .
الكويت تسير بخطا التقدم والازدهار والنجاح ، وتعتبر نموذجاً عربياً رائعاً، وهي قادرة ان ترفد العرب بالكفاءات المتنوعة والشخصيات اللامعة، فان رحل أحدهم يولد عشرة غيرهم . رحم الله فقيد الكويت الفنان عبدالحسين عبدالرضا .