نساء يعشن على بقايا خضار حاويات السوق المركزي في شارع الأردن

mainThumb

01-05-2008 12:00 AM

ــ خاص بالسوسنة من اخلاص القاضي ــ

بعد ان وصلت " بورصة الخضار والفواكة " حدا لم يعد " مقبولا " لدى الكثير من الشرائح تتهافت ام عماد وام مهدي وعدد من سيدات يقطن زقاقا " يفتقر الى ابسط حقوق الانسان في بيئة نظيفة " صبيحة كل جمعة على حاوية بجانب سوق الخضار المركزي في شارع الاردن .

اذ تعد تلك الحاوية بالنسبة لهن " سلة الغذاء " لاسبوع باكمله حيث ينتظرن قيام تجار السوق بالتخلص من بقايا الخضار والفواكه بغية " تنزيل بضاعة نظيفة " بحسب عدد من بائعي السوق الذين اكدوا ان "الحاوية" التي اصبحت في الاونة الاخيرة متعددة الاغراض " هي مصدر رزق العديد من الاسر في تلك المنطقة .

تقول ام عماد 45 عاما التي ترعى اسرة مكونة من 9 افراد بينهم طفل مريض بسرطان الدم " يزن 7 اعوام " انها تكابد الحياة من اجل لقمة العيش سيما وانها تتحمل اضافة الى الفقر " مقارعة " زوجها الذي يعاني من انفصام في الشخصية " اثر سقوطه من على سقالة اثناء عمله " لتقوم ايضا على رعايته عبر الزيارات الدورية الى مستشفى للامراض العقلية.. وانها لا تجد حرجا في " انتقاء خضرتها " من الحاوية .. حيث تركز على " اخذ اكبر كمية من البندورة " حتى لو كانت " مفغصة " .. مفسرة ضاحكة " ان طعم البندورة اصبح اطيب بعد ارتفاع سعرها بشكل جنوني " ..

وكم هي بسيطة مطالب ام عماد التي تعيش على معونة وطنية لا تكفيها " خبزا " عندما تتمثل في " شباك وحصائر " .. مضيفة وهي تبكي وتضحك في ان معا بان " حاوية السوق المركزي تؤمن لها قليلا من البندورة والكوسا وغيرها ولكنها لا تجد بها " شباكا او حراما " !!! ورغم قساوة الحياة ورداءة الظروف الا ان البسمة لا تفارق ام عماد التي تؤمن ان " لا يأس مع الحياة " غير أنها " مشتاقة لطعم الفاكهة التي لم تذقها منذ اعوام الا " ضيافة " من احد الميسورين .

تقول انها تحدت اقاربها الذين حاولوا انتزاع ابنائها وبناتها منها " بامر من المحكمة " بحجة عدم قدرتها وزوجها المريض على تربيتهم الا ان السبب الحقيقي وراء تصرفهم هذا قولهم لها " ان العرسان لن يقبلوا على الزواج من بناتي بسبب ان والدهن " مجنون " كما يقولون مشددة انها استطاعت الاحتفاظ بعائلتها بتصميمها على رعايتهم حيث عملت " خادمة" ولجأت الى " تجميع " علب المشروبات الغازية " من الحاويات ايضا " لتبيع الكيلو الواحد منها لقاء نصف دينار الى ان اهتدت الى " الحاوية " التي وفرت عليها عناء " السؤال " من التجار .

وعلى مقربة من " اطلال " المنزل الذي تقطنه ام عماد " تعيش ام مهدي " 37 عاما " واطفالها الثمانية على بقايا اشياء تشبه كل شيء الا " البيت " وتتشاطر ونساء " الزقاق " " خضار الحاوية " فيما تقوم " بجولة يومية الى السوق " لاحراج " التجار الذين اعتادوا على زيارتها " لتخرج " بالقليل من الخضار الطازجة التي تتقاسمها ونساء " الزقاق " .. ولا يتعدى مطلبها رغم افتقار بيتها " او شبه بيتها " الى سقف اسمنتي ." فيما كانت فرحتها عظيمة لحظة اعداد التقرير حين اخبرت " رفيقاتها في الفقر واليأس " ان احد المحسنين الذي التقته على باب " محل لبيع الدجاج " اشترى لها ثلاث دجاجات دفعة واحدة .

تتساءل هيا " احدى الجارات المنكوبات " والتي تقطن وابناها في منزل " يشاطرها السكن به جرذان واحيانا افاعي " وذلك بحسب موعد تدفق جور الصرف الصحي داخل المنزل " ...لمن اطبخ فزوجي مسجون على اثر قضايا " شيكات " وانا اتنقل بين بيوت " صاحباتي " في الحي وهم يطعمونني انا وابنائي .

فيما تعيش ام فادي 35 عاما " مطلقة " في الحارة على بقايا اكل الجارات حيث تروي قصتها المأساوية مع طليقها الذي اقنعها حين كانت زوجته بضرورة " الحصول على قرض بقيمة 5000 دينار كونها موظفة " اذنة " في احدى المدارس .. وما كان منه الا ان طلقها وتزوج غيرها بالمبلغ " القرض " ولا زالت لغاية الان تسدد القرض وفقدت " مالها وزوجها واطفالها " اذ قام زوجها بضمهم .

ورغم الاقبال " منقطع النظير " على حاويات منتشرة حول السوق المركزي في شارع الاردن قلل مسؤول في امانة عمان الكبرى من اعتبار " مرتاديها " على انها " سلة خضار " اذ تلجا " بعض النسوة " والاطفال كما يوضح الى تلك الحاويات من اجل جمع " علب المشروبات الغازية الفارغة " بقصد بيعها والاتجار بها الامر الذي منعته الجهات المعنية .

وعلى الرغم من التحسن الملموس الذي طرأ على مؤشرات الفقر في المملكة منذ عام 1997 ، الا ان نسبة الفقر لا تزال مرتفعة حيث ان 2ر14 بالمائة من الاردنيين يعيشون تحت خط الفقر بحسب ما ورد في الفصل التاسع من الاجندة الوطنية .. الامر الذي يتطلب تعزيز جهود كافة المؤسسات والجهات المعنية بمكافحة الفقر . وذهب متخصصون في الاقتصاد الى ان متوسط دخل الفرد العربي سينخفض خلال العقدين المقبلين بسبب التطورات السياسية والاختلالات المالية والانفجار السكاني اضافة الى العمالة الاجنبية .

والسؤال الذي يطرح نفسه كيف ستحقق مبادرة " الاردن رؤية 2020 " التي اطلقها القطاع الخاص في عام 1999 وتم تقديمها الى جلالة الملك عبدالله الثاني عام 2000 اهدافها المتمثلة بضمان استجابة المملكة للتحديات الاقتصادية في ظل استمرار انخفاض معدلات النمو الاقتصادي بموازاة تسارع وتيرة النمو السكاني واضطراد التضخم وغلاء الاسعار وانخفاض مستوى المعيشة .؟؟ وتعكس المبادرة " الطموحة " جهودا غير مسبوقة من قبل منظمات القطاع الخاص لتحفيز عمليات الاصلاح والحداثة والتنمية من اجل خلق اردن افضل بحلول 2020 ولكن حتى يتحقق الهدف لابد للاقتصاد من تحقيق معدلات نمو تصل الى 5ر3 بالمائة سنويا يوازيه الوصول الى معدلات نمو سنوية في الناتج المحلي الاجمالي الاسمي تتجاوز 8 بالمائة بحسب محللين .
 

 

 

 



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد