بدأ الشعب السوري ثورته ضد الظلم والطغيان منذ حوالي 6 سنوات ، وكلما لاحت له بوادر النصر والحصول على الحرية ، استعان النظام بحلفاء جدد حتى غدت سوريا ميداناً للصراعات وتصفية الحسابات بين قوى مختلفة عربية وإقليمية وعالمية ، والضحية هو الشعب السوري .
وأخير دخل الدب الروسي بكل جبروته وقوته ساحة المعركة إلى جانب النظام ، وبدأ سياسة الأرض المحروقة ضد قوى المعارضة بل ضد الشعب السوري بكامله لا يفرق بين شخص وآخر وأحرق مدن وقرى بأكملها ، وما حصل بحلب ليس ببعيد ، فروسيا لم تخسر شيئاً فالذي يقصف ويقتل هم سوريون ، والمنازل والمؤسسات التي تدمر وتهدم مؤسسات عربية ،المهم أن النظام الموالي لهم والذي يحقق مصالحهم بقي موجوداً.
وأجبرت روسيا وحلفائها المعارضة السورية على الدخول في نفق مفاوضات " أستانا " بزعم حل الأزمة السورية سلمياً ، واضطرت الفصائل السورية للدخول في لعبة المفاوضات – مع علمها بهدف اللعبة – لكنها تريد أن تحقن ما تبقى من دماء الشعب السوري وحفظ ما تبقى من مقدراته ، فالمعارضة هي الأم الثكلى وليست المستأجرة ، وهي تعلم كذلك أنها لا تستطيع الحسم العسكري لصالحها بعد أن تخلت عنها الدول التي كانت قد استعدت لدعمها .
كل ما يجري في سوريا من قتل وتشريد وهدم ، والدول العربية تقف متفرجة بل عاجزة عن فعل أي شيء ، تاركة المجال لإيران وتركيا وروسيا أن تتحرك كما تشاء في سوريا ، وأمريكا وإسرائيل تراقبان الوضع وتتدخلان كلما دعت حاجتهما إلى ذلك .
وعربد الدب الروسي وكشف عن نواياه فهو يريد تفكيك سوريا بل وإضعاف الوجود الإسلامي وتدميره فهو يرى فيه العدو الأول له ، فبدأ يستنسخ تجاربه ضد الدول الإسلامية الآسيوية التي دمرها وأباد مسلميها وهجر من تبقى منهم إلى سيبيريا ، ولا زالت روسيا إلى اليوم تضيق على حرية المسلمين في روسيا مع أنهم يشكلون 20 % من سكانها .
رسخت روسيا قدمها في سوريا وأوجدت لها قواعد عسكرية ، ولا تزال تتطلع إلى مزيد من النفوذ الاقتصادي والسياسي وغيره ، وها هي اليوم تنشئ لها قواعد عسكرية على الحدود الليبية وتتدخل في الصراع الليبي لنصرة حلفائها هناك .
يريد الروس أن يثبتوا وجودهم كقوة عظمى في العالم ، كل ذلك يقابله سكوت أمريكي عن تدخلاتهم في المنطقة ما دام الضحية عربي مسلم وما دامت إسرائيل هي المستفيدة ، فهل نحن أمام قوة استعمارية جديدة هي الاستعمار الروسي الذي يحرق الأخضر واليابس ، ويقضي على ما تبقى من آمال العرب في التقدم والبناء .