تعيش مصر حرباً حقيقية ليست بعيدة عما يحدث في سورية وليبيا واليمن والعراق، إنه الإرهاب الذي يستهدف قدراتها وإمكانياتها بالتزامن مع تحقيق خارطة تقسيم المنطقة بعد إشغالها بالفوضى الخلاقة الممهدة لما يسمى بالشرق الأوسط الكبير، في هذا السياق إن عودة الإرهاب ومواجهة العناصر المتطرفة أحيا روح اتفاقية الدفاع المشترك بين مصر وسورية، وكانت قد صدرت خلال الأيام الماضية تصريحات من الجانبين السوري والمصري وصفت بـ "الإيجابية" حول تمتين العلاقات بينهما، والرغبة في إرسال قوات مصرية إلى سورية لمحاربة الإرهاب لأن سورية تمثل عمقاً إستراتيجياً لمصر.
جريمة جديدة تضاف الى سجل الإرهاب الوحشي، إذ يأتي التفجير الذي استهدف الكنيسة البطرسية وسط العاصمة المصرية ضمن سلسلة من الهجمات الإرهابية، حيث قُتِل أكثر من 25 شخصاً بالإضافة الى عدد من الجرحى، وتؤكد هذه العملية أن مصر باتت محاطة بالإرهاب من كل جهة، وأن القضية لم تعد مواجهة الإخوان فقط، بل هناك تحالف يحمل شعار الإسلام السياسي ولكنه تيار سلفي تكفيري يسعى الى تحطيم الدولة المصرية، ويعمل على تحقيق أهداف خارجية لتوريط مصر، والسعي إلى إحداث فتنة طائفية بين المسلمين والمسيحيين داخل البلاد، وبموازاة ذلك لا يخفى على أحد أن هناك أطرافاً دولية وإقليمية ودول جوار لا يسرها وصول مصر الشقيقة إلى حالة من الأمن والاستقرار، حيث ترعى هذه الأطراف الإرهاب والتطرف وتمده بالمال وبكل أدوات القتل والدمار لنشر الإرهاب في أنحاء مصر.
لم يكن جديداً ما أكدت عليه دمشق في إطار مكافحة الإرهاب إذ أثارت حادثة تفجير الكنيسة البطرسية غضب جميع الأوساط السورية وعلى جميع المستويات، كما أدانت وزارة الخارجية السورية بشدة الاعتداء الإرهابي الجبان الذى استهدف الكنيسة، وأعربت عن استنكارها الشديد لهذه الأعمال الإجرامية ورفضها المبدئي والدائم لجميع أشكال العنف والإرهاب، وأكدت دعمها في كل ما تتخذه مصر من خطوات وإجراءات حازمة للقضاء على الإرهاب واستئصاله والحفاظ على أمن مصر واستقرارها، في هذا السياق إعتبر الرئيس الأسد أن سورية في الخندق نفسه مع مصر ضد الحرب على الإرهاب، قائلاً "سورية تفهم الضغوط التي تعانيها مصر ولا تريدها أن تكون منصة للهجوم على سورية".
أن تقوية سورية وجيشها ومصر وجيشها سيعيد أعداءهم إلى حجمهم الصغير لأن الجيشين السوري والمصري هما الخط الأول لمواجهتهم و مكافحة الإرهابيين فيما ذلك إرهابي جماعة داعش التكفيرية، لذلك يمكن القول إن مواجهة الإرهاب وإستئصاله في مصر وسورية، ستنجح، ولن ينتصر هذا الإرهاب عليهما، لأنه يفتقد حتى اليوم إلى الشرعية والشعبية، ورغم انحياز ودعم بعض الجهات الداخلية والخارجية له، فإن الممانعة والإرادة الشعبية الواسعة ضده، تحول دون انتصاره، وعليه فأن وقائع الميدان تثبت اليوم أن هزيمة هذا الإرهاب المتعدد الجنسيات سوف تكون على يد سورية ومصر، وأن الجيشان السوري والمصري اللذان يخوضان هذه المواجهة التي أصبحت في مراحلها الأخيرة وهما عاقدا العزم ومعهم كل السوريين والمصريين على أن يطهروا هذه الأرض من الإرهاب مرة واحدة وإلى النهاية.
مجملاً..... إن دمشق والقاهرة ينطلقا من رؤية واحدة وهي ضرورة مواجهة أي أطماع إقليمية أو دولية، وخاصة بعد نجاح كل منهما في ضرب المخطط الغربي لتقسيمهما، أمام ذلك إن العلاقات بين سورية ومصر إستراتيجية عنوانها الأمن القومي المشترك، فالخطر الذي يهدد مصر، هو نفسه الذي يهدد سورية اليوم وفي المستقبل، وبإختصار شديد إن الأشهر القليلة القادمة ستكون شاهدة على تغييرات جذرية في ملف الإرهاب وأدواته، لأن القاهرة لا تملك خياراً سوى الدخول في معركة لضرب الإرهاب وعليها أن تتعاون مع دمشق لضرب هذه المجموعات التكفيرية التي عملت سورية على ضربها منذ البداية، كون سورية هي بوابة التصفية لمشروع الإرهاب في المنطقة، فالحقيقة التي يجب أن ندركها إننا الآن أمام تحدي كبير وإن سورية ومصر بتحالفهما على قلب رجل واحد، سوف يهزما الإرهاب ويدحرا الفكر المتطرف، وينقذا المجتمعات من براثينه وظلاميته.