حديث من المستقبل

mainThumb

25-10-2016 11:39 AM

.....تسير متعبة ببطء ناحية التلال المطل على المدينة ، تركت خطواتها علامات عاتبة على تراب الأرض تنتظر هطول المطر.
 
من يعيد لها عريشة الزمان ...ويسرح البصر في الحقول الشاسعة التي زُرعت بنيانا وعمرانا ثم يحلّق مخنوقا في السماوات ،فتقطر تلك العيون دموعا تتدحرج على سنين العمر التي شقّت طريقها على وجه العجوزلتسقط في عتمة ثوبها الأسود وتختفي هناك.
من يعيد لها الموقد أو حتى ركام ذلك الموقد ، صوت رنين (الكوز) على حافة (زير الماء)،رائحة رغيف الخبز يقطف من الجنة على نار فجر عنيد يوقظ بنداه داعيا لقطف الحصاد. أما أعياكِ أيتها الأم هذا الترحال الذي عانقته السنين ، تبحثين عن سنابل القمح بين عالي البنايات وفوق الجسور، على الأرصفة وتحت إشارات المرور.
 
قد لا تدركين أن "التطور والحضارة" تنظر إلى سنابلك على أنها رمز للكفاح ....وأنت الأم تاريخ تزيّنت به في أمجاد كُتبها، صانعة رجالا ونساء وأساس كل ما يطالعه ناظرك....هي الحياة.
 
عذرا إن قلت لكِ ليس بعائد بيتك الحجري، ولا رماد إبريق الشاي مع قبلت الشفق ، وآسفة أكثر على أصوات نساء القرية يجتمعن خلف بيتك الحجري تحت دفء الشمس بعد يوم أثقله المطر يتبادلن أطراف الحديث لن تعود أبدا....أطفالك الصغار تركوا مرتعهم وغادروا المرج الفسيح ، والرجال قدّموا كل عزم وهمة وآن لهم الراحة فلا أحد يتحدّى الزمان، دجاجاتك والديك الجميل ما عاد يصيح فالفجر له ساعات بموسيقى لن أكذب عليكِ صوتها قبيح. 
 
ماء النبع الذي يرتوي منه أهل قريتكِ جفّ وجفّت معه تفاصيل القرية القديمة ، والربيع أصبحنا نزرعه وأنتم ربيعكم ما فارقكم أبدا عشقكم وسكن أسطح منازلكم أيتها الأم الحزينة وأجزاء أخرى صغيرة حتى عمركِ الزاهي جفّ كما جفّ النبع ......أرجوكِ لا تبكي على ما ليس بخالد ...هكذا هو المستقبل غيّر كثيرا من أبواب الحياة .
 


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد