أعلن رئيس بلدية الدار الخضراء أن البلدية ستبدأ بتنفيذ مشروع ربط فني إلكتروني بين أحياء المدينة كاملة بحيث يتيح للجنة مراقَبة مختصة ومتفرِّغة في البلدية مكونة من خِبرات علمية محايدة، فحص أوجه التفاوت بين الأحياء، ولا سيّما الأحياء الفقيرة والأحياء الغنية، مع وضع معايير ثابتة لتقليص الفجوة بين الجانبين وتقريبهما من مستوى الأحياء متوسطة الحال عبر برامج مُحْكَمة يتم تنفيذها برعاية كريمة من مخاتير الحارات والأحياء ذاتها..!
وقد أفصح الرئيس في مؤتمر صحفي طاريء دعا إليه كل وكالات الأنباء وممثلي الصحافة والفضائيات وعدد من ناشطي مواقع التواصل السياسي والاجتماعي الإلكترونية، أن الهدف البعيد من المشروع هو الوصول إلى أحياء سكنية خالية من العنف والجريمة، لا سيّما في ظل تراجع قدرات المؤسسات التعليمية في المدينة وعجزها عن تنشئة جيل مؤهّل للتعاطي مع الشأن العام بسوِيّة عالية تتفق مع الأهداف الدستورية العليا التي أجمع عليها زعماء وأمراء وأمناء أحزاب كانوا قد تنادوا إلى خلوة سبقت موعد انتخابات البلدية، وأقرّوا ميثاق المدينة وعقدها الاجتماعي..!
وفيما الرئيس مُسهِب في شرح تفاصيل المشروع وإيجابياته، تلقّى سؤالاً خبيثاً طويلاً من صحفي ينتسب لوكالة الضوء الأخضر الإخبارية: هل هذا يعني أنكم تسعون إلى تأميم بعض الأعمال والمشاريع الشخصية الكبرى، من أجل خفض مستوى الثراء الفردي، وتخفيض الكُلَف على قاطني الأحياء الفقيرة، والوصول بالخدمة والسلعة لتكون بمتناول الجميع، وتوفير فرص عمل لأبناء الطبقتين الفقيرة والمتوسطة، إضافة إلى خفض مستوى التفكير الطبقي بين أحياء المدينة وما يتبع ذلك من تخفيف وطأة الضغط النفسي الذي تعيشه أعداد كبيرة من قاطني الأحياء الفقيرة..؟!
بدا الرئيس مندهشاً من السؤال، ومع ذلك نحا بوجهه عن الصحفي السائل، وأكمل قائلاً: إن المشروع سيتحدّث عن نفسه بنفسه، أما النتائج فسترون أنها ستصب بالتأكيد في مصلحة الجميع، حتى أولئك الأثرياء وأصحاب الأعمال سينالهم نصيب من فوائد المشروع، من خلال حُزمة من العطاءات والمشاريع التي سيتم تنفيذها بعد وضع معايير ضبط التفاوت بين الأحياء، وهي مشاريع ضخمة تحتاج إلى رؤوس أموال كبيرة، سيتم تمويلها عبر سنّ تشريع ضريبي تحت مُسمّى ضريبة المساواة الطبقية تُسهِم فيها كل الطبقات المجتمعية في مدينة الدار الخضراء على قدم المساواة بما يضمن الخروج بنتائج توافقية تُرضي الجميع..!
وما أنْ أنهى الرئيس حديثه، حتى واجَهَ سؤالاً ضاغطاً من مندوب فضائية الشاشة الخضراء، وهي فضائية ناطقة باسم حزب الأحرار الخُضْر: سيادة الرئيس، ألاَ تعتقد أن مشروعاً كهذا يحتاج إلى حملات إعلامية وتعبوية ضخمة من الصعب إطلاقها بنجاح لإقناع مواطني الدار الخضراء بأهمية هذا المشروع وفوائده وانعكاساته الإيجابية المستقبلية عليهم.. لا سيّما فقراء المدينة وهم السواد الأعظم من المواطنين..؟!
لم يُجِب الرئيس على السؤال بشكل مباشر كعادته، لكنه قال: في نهاية هذا المؤتمر، يسرّني دعوتكم لحضور مراسم قص شريط افتتاح أكبر مول في المدينة، يضم أرقى الماركات والعلامات التجارية العالمية.. وهو مشروع تعود ملكيته لمستثمر كبير من مدينة مجاورة، كانت البلدية قدّمت له كل التسهيلات الممكنة لإقامة مشروعه بما في ذلك تسهيلات ملموسة قدّمتها له مفوضية العمل والتشغيل في البلدية لاستقطاب عمالة مؤهلة خارجية..!