لعل هذه العبارة ،هي الأبلغ التي وقعت عليها عيناي ، وأنا أجذف في بحر البحث والقراءة والتمحيص ، وتفاعل معها عقلي ، وهي صادرة عن سعيد تقي الدين، المفكر في الحزب القومي السوري الإجتماعي ، الذي أسسه معلم القومية الوحيد الأوحد في هذا الزمن الرفيق أنطون سعادة ، وكتبها في بداية القرن المنصرم ، وقرأتها في البقاع اللبناني صيف العام 1982 ، إبان التصدي للغزو الهمجي الصهيوني، الذي قاده الإرهابي السفاح شارون ، بالتنسيق مع نظام الإفتراء والدجل العلوي في دمشق ، والذي كان يرأسه آنذاك حافظ الوحش الذي ينتمي لأصول يهودية إيرانية.
تنطبق هذه العبارة الحكمة على مستدمرة إسرائيل الخزرية في فلسطين ، والتي إعتدت على كافة القوانين الإلهية والوضعية، وتمارس إرهاب الدولة المنظم ، ليس في فلسطين فحسب بل في العالم كله ، من خلال اللوبيات ومراكز الضغط اليهودية في أمريكا وأوروبا على وجه الخصوص، وفي المقدمة بطبيعة الحال الإيباك وميمري في واشنطن.
مؤخرا إرتكبت هذه المستدمرة الإسبرطية حماقة ما بعدها حماقة ، أضيفت إلى سجل حماقاتها المتعمدة السابقة بحق الأردن ، وأوعزت إلى وسائل إعلامها وتحديدا صحيفة هآرتز العبرية ، بشن هجوم على الأردن ، بحجة أنه عاجز ومقصر في حماية اللاجئين السوريين ،وخاصة أولئك العالقين في منطقة الركبان خلف الساتر الحدودي مع سوريا ، والأنكى من ذلك أن الأمر تعدى الوقاحة السياسية إلى "التقحيب" السياسي ، ووصل بتلك الصحيفة الموحى إليها ، أن تشكك بأهلية الأردن وأحقيته في مؤتمر دولي حول اللاجئين السوريين سيعقد قريبا ، وهذا يعني التشهير بالأردن والتأليب عليه ، ومطالبة المجتمع الدولي علانية وبكل الوقاحة المعروفة ، بعدم السماح للأردن بالمشاركة في مثل هكذا مؤتمرات دولية ، وهذا في العرف السياسي يعني الشسء الكثير.
ليس غريبا على مثل هؤلاء المسخ ، الذين لا عهود ولا مواثيق لهم ومعهم، أن يغدروا بمن مد يده لهم وتحالف معهم وأسدى لهم ما أسدى ، وأمدهم بأسباب الوجود والحماية ، وفي المقدمة الأردن بطبيعة الحال ، إذ لولا الأردن لما إستمرت هذه المستدمرة المسخ ، تعيش آمنة مطمئنة بين ظهرانينا ، وتمارس ما تمارس من الإرهاب والإذلال ،ولكنه قدر الله الذي يجب أن ينفذ ، لإعطائنا دروسا يجب أن نفهمها ، وأهمها أن أرض الأردن هي أرض الحشد والرباط ، وهي منطلق تحرير فلسطين ، شاء من شاء وأبى من أبى ، فالله غالب على أمره ، فيهود بحر الخزر قد إستنفذوا صبر الله عليهم ، وباتت نهايتهم قريبة على أيدي جنود لن يتوقعوهم ، سيرسلهم الله من حيث لا يعلمون .
لقد عض يهود بحر الخزر بأنيابهم المسمومة ، كافة الأيدي الممدودة إليهم ، وهاهم يفضحون صنيعتهم محمود ميرزا عباس غلوم ، بالعمالة للإتحاد السوفييتي السابق ، من خلال إنتمائه لجهاز المخابرات ال"كي جي بي" ، في ثمانيات القرن المنصرم.
هذا الإفتراء على الأردن وإتهامه بالتقصير تجاه اللاجئين السوريين ، من قبل صانع القرار في مستدمرة إسرائيل، أظهر في ما أظهر ضعف الإعلام الأردني الرسمي وغير الرسمي ، إذ أن أحدا من كتاب التدخل السريع المعروفين ، وغيرهم من الذين يحاولون إظهار الولاء والإنتماء الكاذبين للأردن ، لم يحرك ساكنا للرد على هذه الإفتراءات الإسرائيلية ، وكأن الأمر مسلم به ، أو أن الأمر لا يعنيهم لا من قريب أو بعيد ، أو ربما هيء لهم ان المقصود هي جزر الهونولولو.
آخر من يحق له الحديث عن تجاوز القانون الدولي الإنساني على وجه الخصوص ، والأعراف والعادات والتقاليد ، هم يهود بحر الخزر الصهاينة ، الذين إستباحوا العالم بتلمود بابل المسموم، وشردوا شعبا آمنا ، وأصبحوا بالتنسيق مع الإقليم إحتلالا إحلاليا ، كما أنهم لا حقوه بطائراتهم ، وقتلوا من قتلوا من الشعب الفلسطيني ، ولم يسلم أطفال العرب من القتل أيضا ، إذ أن الطائرات الإسرائيلية قتلت أطفال مدرسة بحر البقر في مصر ، وقتلت أطفال لبنان في عملية عناقيد العضب الإرهابية تحديدا ، وقتلت ركاب طائرة مدنية ليبية أسقطتها في سيناء ،ولم يسلم أطفال الأردن في الأغوار ، كما أن طائرات مستدمرة إسرائيل قصفت مواقع في السودان ، بحجة تزويد حماس بالسلاح ،وقصفت منطقة حمام الشط بتونس ، وميناء بالجزائر لم يكشف عنه في حينه ، ولا ننسى قصف الطائرات الإسرائيلية للعراق ، وإستهدافها مفاعل تموز الذري قيد الإنشاء ،وإستنادا على ما تقدم فإنه لا يحق لهؤلاء الدنس إتهام الأردن بالتقصير والتشهير به والتحريض عليه .
يقولون خطأ أن الأردن ضعيف ولا يستطيع الرد على مستدمرة إسرائيل القوية ، ولكني أقول أن الأردن "الضعيف "، لديه الشيء الكثير من مكامن القوة ، ما يكفي ليس لردع مستدمرة سرائيل الحزرية فحسب ، بل ما يدعو المجتمع الدولي لمراجعة مواقفه من الأردن والنظر إليه من منظور آخر ، ويجبر صانع القرار الإسرائيلي الأخرق ، أن يأتي إلى الأردن جاثيا على ركبتيه يطلب الصفح .
من هذه المكامن التي نتحدث عنها ، وغير المستخدمة من قبل الأردن ، الإعلان عن إعادة تموضع الجيش الأردني على الحدود مع فلسطين ، وتخفيض أعداد الجنود الأردنيين المناط بهم حماية الحدود ، من أي عملية تسلل لمستدمرة إسرائيل الخزرية، وإعلام الشعب بذلك ، وكذلك التهديد بإلغاء معاهدة الذل والعار وادي عربة مع مستدمرة إسرائيل ، وسحب السفير الأردني من تل الربيع"تل أبيب" ،بعد طرد السفير الصهيوني من الأردن وإغلاق سفارته ، وإعلام عواصم صنع القرار في العالم بمسوغات ذلك .
صحيح أن مستدمرة إسرائيل الخزرية تتسلح بنهج القوة ، وتتبع النهج الإسبارطي، ولكن مكامن ضعفها كثيرة ،أهمها الخوف والهلع المتأصلين في نفوس وقلوب المستدمرين فيها ، لأنهم جاؤوامضللين للإستثمار بحياة أفضل من الغرب ، وبأن فلسطين أرض خلاء لا سكان فيها ولا أهل لها.
لو كان صناع القرار في مستدمرة إسرائيل يخجلون على أنفسهم ولو قليلا ، لما جعلوا الأردن عرضة لهجومهم المستمر ، فالأردن كما قلنا هو صمام أمنهم وامانهم، وهو مفتاح التطبيع معهم ،ولكنهم وكعادتهم لا يحترمون صديقا أو حليفا وكل من قدم لهم خدمة، فهذا ديدنهم .
عموما فإن الأردن هو الذي فتح حدوده للأشقاء السوريين وسهل لهم افندماج في المجتمعات المحلية ، وفتح أمامهم أبواب سوق العمل وافنتااج على حساب أبنائه الذين يعانونمن البطالة والفقر ، بينما قامت مستدمرة إسرائيل الخزرية بتثبيت بشار الوحش من خلا مراكز الضغط اليهودية في العالم ، ليستمر في قتل شعبه وتدمير بلده ، ليسهل تقسيم سوريا وإقامة دولة علوية حليفة لها، ولا يزال الأردن الرسمي يرفض أن تكون الأرض الأردنية منطلقا لهجوم التحالف على سوريا للتسريع في تقسيمها.