هل تفعلها روسيا وتجمع الأسد وأردوغان على طاولة واحدة؟

mainThumb

04-09-2016 09:05 AM

لم يتوان الرئيس التركي أردوغان في التأكيد على أهمية تطبيع العلاقات مع سورية، وجاءت الترجمة العملية لطلب أردوغان على يد رئيس وزراءه بن علي يلدرم يوم (الجمعة السابق) فقد أعلن أن تركيا تريد تطبيع العلاقات مع سورية بعد المصالحة مع روسيا وإسرائيل، ما يؤكد تحولاً في السياسة بعد أكثر من خمس سنوات من دعم المجموعات المسلحة والقوى المتطرفة في سورية، وقال يلدرم في كلمة نقلها التلفزيون التركي:  قمنا بتطبيع علاقاتنا مع روسيا وإسرائيل، الآن، إتخذت تركيا مبادرة جدية لتطبيع العلاقات مع سورية ، كما بات معلوماً أن أردوغان ووفده سيزور موسكو في وقت قريب، في تأكيد على أن التطبيع التركي – السوري سلك منحاه التصاعدي، ليعلن بذلك إنتقال العلاقة السورية – التركية من السر الى العلن.
 
ليست هذه المرة الأولى التي يعلن فيها يلدريم عزم بلاده على إعادة تطبيع العلاقات مع سورية، إلا أن تكرار نفس التصريحات يشير إلى رغبة تركية في إصلاح ما أفسدته سياسة أردوغان الذي يبدو أنه أصبح أكثر قناعة وإدراك بفشل مشروعه في سورية والمنطقة بأكملها، ولطالما دعت تركيا لرحيل الرئيس الأسد في إطار حل سياسي للأزمة السورية، لكنها في الآونة الأخيرة كانت أقل إصراراً على رحيله الفوري في ظل قلقها من إقامة كيان كردي على حدودها، وإنتصارات الجيش السوري في الميدان، وبالتالي فإن تصريحات يلدريم حول  تطبيع العلاقات مع سورية، ترك العديد من التساؤلات حول علاقة تركيا مع الحكومة السورية، وتراجع أنقرة عن المطالبة برحيل الرئيس الأسد.
 
شهدت السياسة الخارجية التركية بعد الإنقلاب الفاشل الذي حدث في 15 تموز الماضي، تبدلاَ ملحوظا في العلاقات مع إيران وروسيا إضافة الى تحوّل بارز ميداني وسياسي بالنسبة للأزمة السورية، كما أصبح موقف أنقرة المعلن من النظام السوري أكثر ليونة، بعكس الموقف الواضح السابق، المطالب برحيل الأسد قبل اجراء أيّة تسوية، وما عزّز هذا الموقف ما أعلنه بن علي يلدرم الذي قال فيه  الرئيس الأسد أحد اللاعبين في سورية ويمكن أن يبقى خلال الفترة الإنتقالية.
 
في هذا السياق أكد الرئيس الروسى بوتين أن موسكو وواشنطن قد تعلنان قريباً عن التوصل إلى إتفاق بشأن التسوية السياسية للأزمة في سورية، ومحاربة التنظيمات الإرهابية والمتطرفة، مشيراً فى الوقت نفسه إلى أن مصير الرئيس الأسد يحدده الدستور والشعب السوري، وقال بوتين فى لقاء مع وكالة بلومبرج: نحن نتحرك تدريجياً على الطريق الصحيح، لا أستبعد إننا سنتوصل إلى اتفاق فى المستقبل القريب وسنعرض إتفاقاتنا على المجتمع الدولي، وفى السياق نفسه، أعلنت وزارة الخارجية الروسية أن الحوار الروسى الأمريكي حول مكافحة الإرهاب يتركز على فصل المعارضة عن الإرهابيين بسورية، مؤكدة أن موسكو ستطور الحوار مع أنقرة أيضا فى هذا المجال.
 
في هذا الإطار فإنه من المحتمل أن يلتقي الرئيس الأسد، الرئيس اردوغان في موسكو، برعاية بوتين، قد تمتد من الثامن عشر من شهر أيلول الحالي، حتى الثاني والعشرين منه، إذ بدأت هذه التحضيرات خلال لقاء المصالحة في سان بطرسبورغ بين الرئيسَين بوتين وأردوغان في التاسع من شهر آب الماضي، تزامن هذا اللقاء مع وصول اللواء علي مملوك رئيس مجلس الأمن القومي الذي سيحدد موعد اللقاء النهائي، وذلك خلال زيارته إلى العاصمة الروسية الثلاثاء المقبل، على ضوء المشاورات التي سيجريها مع مسؤولين روس وأتراك، وبحسب مصادر دبلوماسية روسية وغربية فإن جدول الأعمال لهذه اللقاء سيكتمل إعداده خلال زيارة سيقوم بها رئيس المخابرات التركية حقان فيدان إلى دمشق، ما بين العاشر والخامس عشر من أيلول الحالي، للتوصل إلى تفاهمات مبدئية بين دمشق وإنقرة خاصة بعد الغزو التركي للشمال السوري تحت مسمى عملية درع الفرات.
 
مجملاً...وبالنظر إلى طبيعة العلاقات التركية الخارجية حالياً، نجد أنّها تقوم بإعادة فتح صفحات جديدة مع من كانوا في وقت سابق هم العدو اللدود لها، ويبدو أن سورية قد تكون هي المحطة القادمة لخلق تقارب إقليمي والعودة إلى مبدأ لا مشاكل مع الجيران في سياستها الخارجية، كما أن التحولات التي شهدتها السياسة التركية تأتي بسبب وعي المسؤولين الأتراك بأنهم لا يمكنهم أن يستمروا في السباحة ضد التيار، فهناك إتفاقا أمريكيا روسياً وإيرانياً على بقاء الأسد في السلطة، وبالتالي فأن أنقرة تعي أن استمرارها في موقفها من الأسد سيؤدي إلى إستنزافها خاصة بعد تعزز الخطر الكردي لحدودها، بالإضافة الى نشر فوضى الإرهاب في قلب عاصمتها أنقرة، وعن ردة فعل السعودية بعد التصريحات التركية والتغيير لموقفها في الأزمة السورية، أتوقع أن تشهد السياسة السعودية نفسها مرونة شديدة فيما يتعلق بالملف السوري وتأقلماً مع المعطيات الإقليمية الحالية، وبإختصار شديد يمكنني القول، قد تصبح تركيا وحلفاؤها من أكبر الخاسرين إذا رفضوا رغبة بوتين في إعادة العلاقات السورية التركية إلى طبيعتها، التي قد تواجه ضغوطاً إقليمية خاصة من الجانب الأمريكي الأوروبي بعد  وصول نيران الإرهاب لأراضيهم،  لذلك فإنّ الضروريات الإقليمية والدولية ستحتم على أنقرة التقرب من دمشق عاجلًا أم آجلًا، فهل سنرى عودة مثل تلك العلاقة إلى سابق عهدها أم سيكون هذا مستحيلًا خاصة مع إستمرار تركيا فتح حدودها أمام الجماعات المسلحة والقوى المتطرفة من كل العالم باتجاه الأراضي السورية؟،  سنرى ماذا سيفعل الرئيس الروسي بوتين في الأيام والأسابيع المقبلة، كونها مسألة ستحدد الوضع ليس في المنطقة فحسب بل أيضاً على نحو اكثر إتساعاً بكثير، لذلك  نحن أمام لوحة جديدة للعالم ترتسم ملامحها حالياً شعارها كفى للتدخل التركي, ولا يمكن لدمشق أن تسكت بعد اليوم عن محاولات تركيا في التدخل بالشؤون السورية.
 


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد