انتقل إلى رحمته تعالى في مدينة الزرقاء اليوم 29/8/216 الشاب المؤدب ، التقي ، الحافظ لكتاب الله ، وأحد طلاب مركز الصحابي عبد الله بن حذافة السهمي لتحفيظ القرآن الكريم " عيد محمد أبو صقر العقرباوي 17 عاماً " ، إثر صعقة كهربائية أصابته في مدرسته .
وبصفتي مديراً لجمعية المحافظة على القرآن الكريم في الزرقاء كنت أقوم بزيارات تفقدية لمراكزنا القرآنية بين الحين والآخر ، وكلما زرت مركز السهمي رأيت شباباً في عمر الورود يقبلون على تلاوة كتاب الله وتجويده وحفظه ، ورأيت معلمين أكفاء يبذلون الوقت والجهد لتعليم هؤلاء الطلاب ، فأشعر بالسعادة والعزة وأقول : لن تهزم أمة فيها أمثال هؤلاء الشباب .
أما المرحوم " عيد " فشأن آخر ، فقد كان زملاءه الطلبة ومعلميه يذكرونه كثيراً بالخير ويشيدون بأخلاقه وأدبه ، وتعاونه مع الجميع وإخلاصه لقرآنه ومركزه ، فتمنيت أن أراه ، وأخيراً تحققت أمنيتي ، فإذا هو اسم على مسمى: تشعر بالسعادة إذ تراه كأنك في عيد ، وإذا هو كذلك صقر في جرأته وقوة إيمانه وتمسكه بكتاب الله ، فقلت هنيئاً لهذا الشاب ولوالديه الذين سهروا على تربيته حتى نشأ في طاعة الله .
لقد كانت جنازة عيد اليوم مشهودة ومهيبة : رأيت وأنا ذاهب إلى المسجد الشباب يزحفون بالعشرات ليلحقوا صلاة الجنازة على أخيهم ، ويتقاطرون إلى المسجد من كل صوب ، فتخيلت أني ذاهب إلى صلاة العيد لكثرة الزحام في الطريق ، ولكني تذكرت أني ذاهب للصلاة على " عيد " فهنيئاً لك يا عيد كثرة المصلين عليك والمستغفرين لك فهذه أولى علامات حسن الخاتمة .
وامتلأ مسجد " عبد الله بن عمر " بمئات المصلين الذين جاءوا من أماكن بعيدة ليشهدوا الجنازة وكلما تلفت يمينا أو شمالاً رأيت أعيناً تبكي بصمت على " عيد " وتستغفر له وتدعوا له بالخير،وكانت مسيرة نحو المقبرة بمنتهى السلاسة والهدوء ، وكان الخشوع يسيطر على الجميع
وبعد أن ووري " عيد " الثرى ،وقف أحد الشباب بين المشيعين وتكلم بكلمة رائعة - وفقه الله - ذكر فيها بعض مناقب الفقيد ، واستخلص العبر والعظات من الموقف ، ودعا الشباب إلى السير على خطى " عيد "في حفظ القرآن الكريم وتقوى الله ، ودعا المخطئين للتعجيل بالتوبة قبل فوات الأوان .
أيها الشباب : لنحافظ على قرآننا بتلاوته وحفظه وتطبيقه ، ولنلتزم بإسلامنا وندافع عنه أمام الهجمات التي تأتي من الشرق والغرب ومن داخل مجتمعاتنا ، ولنكن شامة بين الأمم ، وقرآناً يمشي على الأرض .
رحم الله عيداً وأسكنه فسيح جنانه ،وجعله ممن يُلبسون والديه تاج الوقار يوم القيامة ، وغفر لوالديه وأحسن عزاءهم وألهمهم الصبر والسلوان ، وأعان الله معلميه وزملاءه فلتصبروا ولتحتسبوا ، فلله ما أخذ ولله ما أعطى وكل شيء عنده بمقدار .