لسنا بحاجة للحصول على درجة الدكتوراه في العلوم السياسية لمعرفة أن سورية هي مفتاح الحرب والقضاء على تنظيم "داعش" الإرهابي وأخواته في سورية والمنطقة بأكملها، فشراسة المعركة الجارية حالياً في حلب، وإرتباك الغرب وحلفاؤه تشير إلى أن الحرب اقتربت من جولتها الأخيرة، فأعداء سورية حشدوا كل مرتزقتهم على جبهة حلب لتحقيق أي كسب معنوي يوظفه على طاولات المفاوضات القادمة، لكن أبى الشعب السوري وجيشه إلا أن يحرروا أرضهم من المتطرفين ومرتزقتهم ويدفن أحلامهم ويعلن عن قرب حسم المعركة في حلب، لذلك كان من الطبيعي أن يفشل الغرب وأعوانه في سورية، ولعل البيت الأبيض قد اكتشف مؤخرا أن صعود الشجرة السورية ليس سهلا وأن المشكلة ليست في إعلان بداية الحرب بل في كيفية إنهائها في سورية.
مما لا شك فيه إن السيطرة على مدينة حلب قد تعني تغيراً إستراتيجياً في الصراع السوري، خصوصاً وأن هذه المدينة كانت وما زالت معقلاً لمختلف أنواع المعارضة المسلحة، إلى جانب أن موقعها الجغرافي ومكانتها الإقتصادية تجعل من أطراف النزاع في سورية متحمسة للسيطرة عليها، لذلك فإن عملية تحرير حلب ستكون عملية فريدة من نوعها والجيش السوري سيتولى شرف تحرير ترابها الوطني، وفي التطورات الميدانية٬ حققت قوات الجيش السوري وحلفاؤها تقدماً كبيراً في مختلف جبهات القتال في حلب٬ وأصبحت عملية التقدم أسرع مما كانت عليه في السابق، وتمكنت من رفع العلم السوري على جميع دوائر الدولة في المدينة.
اليوم يتقدم الجيش السوري وحلفاؤه بخطى ثابتة باتجاه حلب، بعد أن تمكن من قطع أهم طرق الإمدادات للمجموعات المسلحة، وأحبط كل هجمات هذه المجموعات في جنوب حلب وشمالها بعد ان تحولت معركة حلب الى معركة وجود وعلى ضوء نتائجها يتحدد مسار الأمور في سورية والإقليم بأكمله، كما تمكن الجيش من استعادة زمام المبادرة في جنوب وشرق المدينة وانتقل من مرحلة الدفاع الى الهجوم، وفتح الجيش السوري محاور إشتباك مختلفة في مناطق عديدة في حلب منها مشروع 1070 ومحيط الكليات العسكرية وريف حلب الجنوبي، بهدف إضعاف قوة المسلحين وتشتيت خطوط إمدادهم من الريف الجنوبي باتجاه الأحياء الشرقية لمدينة حلب، حيث نجح الجيش في دخول الكلية الفنية الجوية في الراموسة وتمركز في عدد من الكتل شمال الكلية، حيث أن أكثر من 50% من أراضي الكليتين قد تم تحريرها من قبضة الإرهابيين، وفي الاتجاه الآخر حرر الجيش السوري وحلفاؤه قرية القراصي وتل العمارة وبلدة العمارة بريف حلب الجنوبي، وأوقعوا مئات القتلى في صفوف الجماعات المتطرفة، خاصة بعد أن استخدمت روسيا قاعدة جوية إيرانية في شن الضربات ضد هذه المجموعات في حلب.
ويأتي القصف الروسي على معاقل المجموعات المتطرفة وأدواتها من قاعدة همدان الجوية في إيران، رسالة إلى أمريكا وحلفاؤها، أن موسكو ماضية في محاربة "داعش" وغيرها من التنظيمات، سواء إشتركت واشنطن معها أم لم تشترك، كما يفسر موضوع التعاون الروسي - الإيراني في سورية، رسالة أن هذا الحلف الذي قد يشمل لاحقاً تركيا، مستمر على تحقيق أهدافه التي تتمثل في دعم النظام السوري وعدم إفشال مخططات إسقاطه سياسياً أو عسكرياً، لذلك تعيش المجموعات المتطرفة أيامها الأخيرة في مدينة حلب التي عانت كثيراً من جبروت هذه المجموعات التي إستهدفت المدينة بشكل مباشر في محاولة للسيطرة عليها وإذلال أهلها، لكنها كانت عصية عليهم مع كل المجازر التي إرتكبوها بحق المدنيين، حيث إن هذه المجموعات كانت تتلقى ضربات موجعة من الجيش وهم يردّون باستهداف المدنيين، لكن هذا السيناريو إختلف وأصبحت الأمور في قبضة الجيش السوري وباتت تحرير حلب قريبة.
ما يجرى في سورية من تدمير ممنهج كان هدفه تفتيت سورية وتدمير جيشها كهدف أساسي لأن تدميره يؤدي مباشرة الى نهاية كيان الدولة السورية، لكن مع ذلك نقول هنا إذا كانت الدول الإستعمارية قد نجحت في جعل بعض الدول وغيرها دول مضطربة ويحكمها عصابات، فإنها لن تنجح مرة أخرى مع سورية لأن سورية منذ بداية أزمتها فهمت اللعبة وأدركت أن هناك هذه الدول لا تريد لها الأمن والإستقرار، في إطار ذلك فإن الجيش السوري يحقق إنتصارات قوية على أرض الواقع، التي تمثل بارقة أمل لكسر الحلقة المقفلة في سورية وإقتلاع جذور الإرهاب التى تجتاح وطننا الكبير "سورية"
على صعيد متصل يتحمل الجيش السوري مسؤولياته في مواجهة التكفيريين, ويقوم بكل ما من شأنه أن يجعل سورية بلدا قوياً وعصياً على كل التهديدات والأخطار التي تواجهه، فالمحاولات الخائبة التي تقوم بها أمريكا وعملاؤها المحليون والدواعش وأعوانهم لن تنجح في ثني الجيش السوري عن أداء واجباته لغاية تحرير آخر شبر من أرض سورية، لتصبح المعركة خلال أيام قليلة في نهايتها تماماً وستكون نتائجها تحرير حلب التي ستقلب المعادلات في المنطقة.
وأختم مقالتي بالقول، إن الرهانات الأميركية – الغربية على وكلائها الإقليميين فشلت على مدى أكثر من خمس سنوات من إسقاط سورية وإبتدأ الفشل من تركيا التي وضعت هدفاً واحداً لسياساتها وهو إسقاط الرئيس الأسد, التي اقتنعت مؤخراً ان لا مخرج لها من مستنقع الفشل الذي انغمست به في المنطقة إلا بالعودة إلى دمشق وطهران وموسكو، بعد الخذلان الذي شعرت به من الدول الغربية، وسيكون تأثيرات هذه الدول ليس فقط في الأرض السورية بل في المنطقة بأكملها