إن الجهود الكبيرة التي يبذلها وزير الأوقاف الشاب الدكتور وائل عربيات لإحكام القبضة على المساجد والمنابر ، واقتصار إقامة صلاة الجمعة على مساجد محددة(المسجد الجامع) ، واختيار الخطباء وربما اختيار موضوعات الخطبة كما هو مدرج في الموقع الإلكتروني المحدد من قبل الوزارة كل ذلك يبين وبما لا يدع مجالا للشك نية الحكومة في التعامل مع المساجد على أنها بؤر ومراكز خطيرة تذكي الإرهاب والعنف والتطرف .
كل الحجج والمسوغات التي يسوقها وزير الأوقاف في حديثه ضمن الحملة الإعلامية التي يقودها من على شاشات التلفزة غير مقنعة إذ أنه يتذرع بإتباع سنة رسول الله في المسجد الجامع وكأن أكثر من خمسة وثلاثين وزير أوقاف أردني سابق منذ تأسيس المملكة كانوا مخالفين لسنة رسول الله في هذا الصدد ، أو أنهم كانوا يجهلون الأحاديث التي يسوقها الفقهاء حول فكرة المسجد الجامع ، وأن السيد عربيات هو أكثر حرصا على سنة رسول الله من عبدالحميد السائح وعلي الفقير ونوح القضاة وعبد العزيز الخياط وغيرهم من أساتذة ومدرسي الدكتور عربيات.
لم تعد تنطلي فكرة وحجة وزير الأوقاف في فرض فكرة المسجد الجامع وخطبة الجمعة على أحد فهي ربما حق قصد به باطل فالقرى التي أصبح يزيد عدد سكانها عن عشرين أو ثلاثين ألفا يمكن اعتبار كل حي قرية مستقلة ،وأن فكرة المسجد الجامع لا تنطبق على الأوضاع الحالية في مدننا وقرانا .
والملفت للنظر هو ما تطرق له وزير الأوقاف من على شاشات التلفزة قبل أيام عن التطرف الديني وأن بعض الأطفال أصبحوا يخافون من الذهاب للمساجد خوفا من التطرف؟لقد توقفت كثيرا عند هذا التصريح الخطير الذي يقارب الوزير عربيات موقفه من موقف بشار الأسد الذي يتحدث عن حاضنات الإرهاب ومؤسساته.
المساجد أيها الوزير الشاب هي الأكثر أمانا على أجيالنا ،وهي المأمن من الانحراف والشذوذ ، ومن على منابرها يتم تربية الناشئة على فضائل الأخلاق وحسن المعاملة والخوف من الله في السر والعلن.
عربيات يلوي المعلومات والأفكار ليخوف الأطفال وذويهم من المساجد وربما ليبعدهم عنها ونعتقد بأن تصريحه هذا خطير وينبغي التوقف عنده وعند مآلاته ومقاصده وأعتقد أن مثل هذا التصريح لو كان من قبل وزير الأوقاف في دول مثل السعودية واندونيسيا وماليزيا لكلف الأمر إقالة الوزير؟؟؟
نخشى أن تكون تلك الإجراءات التي يقوم بها وزير الأوقاف وما سيتبعها من خطوات لاحقة من تركيب الكاميرات ومراقبة المصلين والأئمة ومرتادي المساجد يوم الجمعة ربما تدفع هذا الإجراءات لاعتبار المساجد أماكن مشبوهة أو خلايا نائمة والتعامل معها بنفس الطريقة التي تعاملت بها الحكومات السابقة مع الأحزاب السياسية واعتبارها ضد الوطن لا بل والشك بكل مرتاد للمساجد على أنه ضد الوطن.
المحذور الكبير هو أن تدفع إجراءات الحكومة ممثلة بوزير الأوقاف إلى ما بدأنا نسمعه عن تفكير بعض المصلين في إقامة صلاة الجمعة في مواقع وبيوتات خاصة وبشكل سري بحيث يتم إقامة الصلاة وانتقاء الخطيب وبموافقة وقبول عدد محدد من المصلين المؤمنين بالفكرة على أن يتم التناوب في إقامة الصلاة بين مواقع وأماكن مختلفة لضمان عدم قيام الأجهزة الأمنية بالتضييق على المصلين.
وزير الأوقاف الأردني يدفع بالأمور إلى اتجاهات غير صحيحة وربما تؤدي جهوده لإحكام القبضة على المساجد إلى نتائج عكسية تدفع بالناس إلى العمل تحت الأرض على اعتبار أن العبادات تمثل علاقة العباد برب العباد وإن إقامتها هي واجب شرعي وأن تعطيلها وتشويهها أو الانتقاض منها بذرائع واهية يدخل في باب "لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق" فمنابر المساجد هي للتداول في شؤون المسلمين سياسية واجتماعية وأخلاقية ولا يجوز اقتصارها فقط على شؤون العبادات ونواقض الوضوء، وغض البصر، والدعاء للمسئولين ...