سابقا ، كنا نقول أن تنظيم القاعدة الإرهابي ، الذي شرعن التواجد الأمريكي في المنطقة ، بعد جريمة إنهيار البرجين الإرهابية في 11 سبتمبر 2001 ، هو حصان طروادة الأمريكي ، إذ أننا إعتدنا عندما نسمع عن تنفيذ "عملية " إرهابية لتنظيم القاعدة ، هنا وهناك ، أن نرى أمريكا تشغل المكان بقواتها ، وبالتالي يصبح لها وجودا مشرعنا وهو ضرورة التواجد لمحاربة "الإرهاب " ،والشواهد كثيرة لا مجال لذكرها هنا.
وبما أنه جرى تدوير تنظيم القاعدة ، على هيئة تنظيم الخوارج الجدد فرع خدمات الإستخبارات السرية الخارجية "ISIS" ، الملقب بداعش ، فقد تسلم هذا التنظيم الإرهابي المشبوه ، خريج كهف جبل الكرمل ، ومكونه الرئيسي مرتزقة "بلاك ووترز – أكاديمي" ، الراية السوداء ، وأصبح بحكم دوره المناط به ، يقوم بدور أمه القاعدة المسؤولة عما تعرضنا له عربا ومسلمين منذ تفجيرات البرجين الإرهابية ، وخروج الشيخ أسامة بن لادن لمباركتها واصفا إياها ب "الغزوتين .. غزوة نيويورك وغزوة واشنطن" ، علما أن الشعب الأمريكي بدأ يدرك من هو المنفذ لهذه الهجمات الإرهابية ، وبالتالي فإن ذلك إدانة أيضا لتنظيم القاعده وشيخه بن لادن الذي تبنى ذلك ، وهو يعلم أنه لا علاقة له بالأمر.
نجح داعش كما نجحت أمه القاعدة في جلب المآسي للعرب والمسلمين ، فقد مارس العبث في العراق وأوصله إلى مذبح التقسيم ، وقد إنتقل إلى سوريا ومارس العبث فيها بالمشاركة مع النظام الحاكم الذي مارس التقتيل والتذبيح ضد الشعب السوري ، لا لشيء ،إلا لأنه تخلى عن شعار "منحبك" و"أسد إلى الأبد".
لكننا أمام حيرة ما بعدها حيرة في الموضوع السوري ، وهي أن روسيا بوتين هي التي قطفت ثمار داعش في سوريا ، والأسئلة هنا كثيرة وبعض الإجابات تؤكد وبالدليل القطعي إدانة داعش ، ومنها : هل أن هناك علاقة بين وجود داعش في سوريا والتدخل الروسي في ذلك البلد ؟ولماذا لم تنضم روسيا فعليا للتحالف الدولي للحرب على داعش ؟ علما أن هذا التحالف كاذب في مقصده واهدافه .
وهل حدث خطأ ما أدى إلى وقوع سوريا تحت الوصاية الروسية ، ونحن نعرف ان هذه المنطقة مطوبة لأمريكا بعد طرد أوروبا منها ؟ وهل أن ذلك متعلق بكسل أمريكا - أوباما ونشاط روسيا -بوتين؟
هذه أسئلة تتطلب من مراكز الدراسات الإستراتيجية عقد ورشات عمل للإجابة عليها ، لأم ما حدث في سوريا قلب الطاولة ولخبط الأوراق ، ولم نكن نتخيل ان روسيا ستجرؤ على التدخل في سوريا خاصرة الغرب وأمريكا ، ولا بد من التذكير بمقولة وزير خارجية أمريكا الثعلب الماكر" العزيز " هنري كيسنجر مهندس حرب تشرين "المجيدة " عام 1973 ، الذي قال عقب حرب حفر الباطن على العراق 1991:إن هذه الحرب كشفت عن عملاء لنا ما كان لهم أن ينكشفوا ، وعندما سألوه عمن يقصد ، قال أنه يقصد حافظ الأسد .
داعش وكما هو معروف ،وبعد ان دخلت سوريا تحت الحماية الروسية ، ظهر في ليبيا على طريقة " نسخ لصق " ، وبدأ يمارس إرهابه المعروف ويقتل ويذبح كيف يشاء ومن يشاء ، إلى أن أصبحت ليبيا مثار إهتمام عالمي وغربي على وجه الخصوص ، وقيل أن داعش أصبح على بعد 250 كم من أوربا وهذه مؤشر واضح وجلي على الرغبة الأوروبية في إحتلال ليبيا ، وقد أعلنوها صراحة ، ونحن الآن بصدد رؤية التنفيذ ، وهذا يؤكد مقولتنا أن داعش أصبح مثل أمه المدورة حصان طروادة ، لكن ليس لأمريكا فحسب بل لأوروبا وروسيا أيضا.
التدخل المريكي الخير في "الحرب "على داعش في ليبيا دليل على ذلك ، وتكون ليبيا هي الهدف القريب للتقسيم بعد العراق وسوريا ، ويكون فرع الخدمات الإستخبارية السرية الإسرائيلية"ISIS" داعش قد ادى المهام المناطة به بإمتياز.