الجامعة العربية انعكاس للنظام الإقليمي العربي سلسلة من الإخفاقات والفشل منذ قمة (أنشاص) سنة 1946م يلهث العرب وراء سلام مع إسرائيل من موقف الضعيف كما تهرول ا( الحكومة لشرعية في اليمن) ومن ورائها التحالف العربي العاجز وراء سلام مع طرفي الانقلاب في موقف الضعيف والعاجز أيضاً .
يتعاملون مع أي قمة عربية بطريقة عشائرية سخيفة وكأنها مناسبة اجتماعية .
لعل قمة بغداد في سبتمبر من العام 1978م من أفضل القمم العربية ، وكنت حينها في الأسابيع الأولى لوصولي بغداد لاستئناف الدراسة الجامعية . كانت بغداد قلب العرب النابض والجامعات العراقية تعج بالشباب العربي التواق للحرية والمتطلع للتقدم برؤية عروبية خالصة سوا كانوا منتمياً حزبياً او لم يكونوا ، كان ذلك قبل أشهر من اندلاع الثورة الإيرانية وقتها دخلت مدينة (خورم شهر) المحمرة المقابلة لمدينة البصرة العراقية ليوم واحد في أواخر عهد الشاه وكانت إرهاصات الثورة الإيرانية قد بدأت .
كانت تلك القمة الشهيرة لمواجهة (اتفاقية كامب ديفيد) بين مصر السادات و(إسرائيل) حينها أصيب النظام العربي بأول هزة من نوعها منذ إنشاء الجامعة فكانت فعرفت دول الصمود والتصدي وهي تقابل دول الممانعة اليوم ، اللافت أن العراق ليس منها لان وجهة نظرها كانت اشمل وأوسع حيث كان مع الأغلبية العربية من ضمنها بلدان الخليج العربي والأنظمة الملكية عموما كالأردن والمغرب ، التئم العرب حينها من خلال رموزهم السياسية في أوسع لقاء ليخرجون بقرارات حاسمة ولو مؤقتاً في رؤية عربية شاملة ، ليس فقط لان العراق دولة محورية وغنية بل كان العرب مرعوبين من صدام حسين الذي هدد أي حاكم عربي يخرج عن قرارات قمة بغداد الى غرفة نومه !
ورغم ذلك وصفت آنذاك بقمة الحد الأدنى لان المناخ العربي وقتها كان متناغماً إلى حد ما مقارنة بالنظام الإقليمي بعد سقوط بغداد وبعد اكثر من خمس سنوات من الربيع العربي الذي وأد بيد الحكام العرب أنفسهم والدولة العميقة لجمهوريات العسكر الاستبدادية .
من تجربتي المتواضعة في رصد الشأن الأوروبي بحكم عملي وتخصصي فترة طويلة سوا في بروكسل والاتحاد الأوروبي او متابعة مسيرة الاتحاد الأوروبي ، لاحظت مدى تماهي الدول العربية وتوحيد رؤيتها تجاه علاقتها البينية وعلاقتهم بالآخرين من منظور مصالح اقتصادية ورؤى واستراتيجيات سياسيية بعدية المدى ، شاهدت كيف يتدفق قادة اروبا جميعا الى بروكسل مرتين او اكثر سنويا بسلاسة ودون ضجيج او مواكب كما هو الحال حين التئام قمم عربية ويخرجون بقرارات مصيرية ..
اليوم العرب العاربة والمستعربة في اسوا حالات الضعف والتشتت وغدا الحكام العرب دمي بيد القوى المتربصة بهم ، يذكرنا هذا بملوك الطوائف بعد سقوط الأندلس فكان الملوك ولأمراء لتلك الممالك الضعيفة يتسابقون من لكسب ود الأعداء ، سواء كانوا ملوك الأندلس او ملوك المشرق فبغداد في العصور المتأخرة كانت تحاول كسب الفرنجة من اجل خصومهم أبناء عمومتهم في الأندلس .
نواكشوط بلد المليون شاعر تحاول وفق قيم العرب بالكرم ان تعيد كرامة امس مسخ في الوقت الضائع فلا يصلح العطار ما أفسده الدهر
منذ عقود ولاسيما في الحقبة المتأخرة إذا عُقدت قمة عربية في بلد كبير او غني حضر الملوك والرؤساء بأشخاصهم ومواكبهم ، وإذا عُقدت في بلد صغير او فقير أرسلوا أتباعهم وأزلامهم .
* كاتب ودبلوماسي يمني