الفلاحات: الحركة الإسلامية لم تتراجع في الشارع ولا اتصالات مع الحكومة

mainThumb

12-03-2008 12:00 AM

السوسنة - نفى المراقب العام للإخوان المسلمين سالم الفلاحات وجود صفقة بين صقور وحمائم الجماعة تقضي ببقائه مراقبا عاما لدورة جديدة. وأكد في حوار مطول مع "الغد" أن شكل القيادة الجديدة لم يبحث بعد في انتظار النتائح التي ستسفر عنها انتخابات مجلس شورى الجماعة الذي حل نفسه عقب الانتخابات النيابية بعد أن تقلص عدد المقاعد النيابية التي كان يشغلها ممثلو الحركة الإسلامية من 17 مقعدا في المجلس السابق إلى 6 مقاعد في الحالي.

وشدد المراقب العام، الذي أكد مخالفته لقرار مجلس الشورى بحل نفسه، أن قرار المشاركة في الانتخابات النيابية اتخذ "بعد نقاش طويل ومفصل ولعدة جلسات وحصل على الأغلبية المطلقة"، في حين أن قرار حل مجلس الشورى لنفسه "لم يحصل إلا على أغلبية بسيطة".

واعتبر أن قرار المشاركة في الانتخابات "كان هدفه حماية المواطن وتعزيز الديمقراطية" رغم خشية الحركة الإسلامية من حدوث تزوير وخصوصا أن الانتخابات النيابية جاءت بعد "البلدية" والتي انسحبت منها الحركة.

وأكد أن شعبية الحركة الإسلامية في الشارع "لم تتراجع"، معتبرا أن الانتخابات النيابية الاخيرة "ليست مؤشرا على ذلك" بسبب قيام الحكومة بما أسماه "التزوير" في آلية الانتخابات "لتحقيق نتائج معدة سلفا وإظهار أن الحركة الإسلامية تراجعت في الشارع وشعبيتها تراجعت، وبالتالي هذه نتائجها".

ونفى الفلاحات أن تكون الحركة الإسلامية شاركت في الانتخابات النيابية "بناء على تطمينات الحكومة أو ثقتنا بنزاهتها، فإن الممارسة طيلة ما يقرب من عامين مع تلك الحكومة كانت تكفينا، بأنها تقول خلاف ما تفعل وأنها عاجزة في بعض الأحيان عن تنفيذ ما تلتزم به".

وشدد على أن الحركة الإسلامية "موحدة ولا خطر عليها من الانشقاق وهي عصية على الفرقة"، مبينا أن التنوع في الآراء "حيوي ويغني العمل السياسي".

كما نفى وجود أي علاقات تنظيمية مع حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، مؤكدا أن الحركة الإسلامية "كحركة مدنية غير سرية تدعم حماس في مقاومتها الاحتلال الإسرائيلي بما تستطيع لتثبيت الشعب الفلسطيني على أرضه".

وردا على سؤال حول علاقة الحركة الإسلامية مع الحكومة، أشار المراقب العام إلى "عدم وجود اتصالات معها"، واصفا إياها بأنها "مشغولة بتمرير رفع الأسعار بأقل الخسائر عليها".

وقال إن "الحكومة الحالية لم تصحح أي خطأ ارتكبته الحكومة السابقة أو الحكومات السابقة وما تزال مصرة على نهج سابقتها".

وأشار إلى أن التخوف من الحركة الإسلامية "التي لها تاريخ طويل بالوقوف مع الوطن والمواطن ليس مبررا ولا مقبولا"، معتبرا أن "هناك مصالح ذاتية لمن يروجون ضد الحركة ونهجها السلمي".

وردا على سؤال حول موقف الحركة من عدم استجابة العين عبدالمجيد ذنيبات لقرارها بالانسحاب من مجلس الأعيان احتجاجا على الانتخابات النيابية، أوضح المراقب العام أن ذنيبات "لم ينسحب من المجلس في الفرصة التي حددت له"، وأن "قرارا بمحاسبته تنظيميا سيصدر قريبا".

وفيما يلي نص الحوار:

* تجري الحركة الاسلامية حاليا انتخابات لمجلس الشورى بعد ان قرر حل نفسه على ضوء نتائج الانتخابات النيابية التي جرت في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي والتي لم تحقق الحركة النتائج المتوقعة من قبلها. هل كان قرار مشاركتكم في الانتخابات النيابية خاطئا؟

- الانتخابات النيابية جرت في جو استقرأه غير الاخوان والاخوان كذلك قبل حصوله، ومن ثم بعد اجرائها قرأته مؤسسات وطنية مستقلة محلية وعالمية وقالت رأيها في الانتخابات النيابية كما في الانتخابات البلدية (جرت في تموز/ يوليو الماضي وانسحبت الحركة الاسلامية بعد ساعات من بدئها احتجاجا على ما اسمته التزوير).

وان كان هذا الموضوع انتهى، ولكننا نؤكد ان الانتخابات النيابية التي جرت مؤخرا ليس لها مثيل في تاريخ الانتخابات الاردنية، ولا اقول لعلها، بل اؤكد انها اسوأ انتخابات جرت. انا اتحدث عن الآلية وليس عن النتائج.

وشهدت العديد من الممارسات السلبية والمرفوضة، منها شراء الذمم والتلاعب بنقل الاصوات من مكان الى آخر دون ضوابط، وتوجيه الناس من جهات رسمية حكومية نحو بعض الاشخاص او صدهم عن اشخاص اخرين، ودخول المال الذي يسميه البعض بالمال السياسي، وهدفه ايصال المواطن الى بيع إرادته وقراره وبيع توجهه.

بالاضافة الى الآليات الرسمية من حيث تشكيل اللجان المشرفة على الانتخابات وانتقائها بحيث تخرج النتيجة المطلوبة حكوميا. ثم التلاعب باعطاء فرص لبعض المرشحين وادخال اوراق انتخابية لصناديق الانتخاب. وهذا الامر عليه ادلة كثيرة. ما اقوله ليس تخرصات، فقد ذكرها غيرنا وذكرناها في تقاريرنا المتعددة.

كما ان المركز الوطني لحقوق الانسان الذي يقوم عليه رجال اكفياء وطنيون وغير مطعون في ذمتهم وشهاداتهم، قال قولته واصدر تقريره المكون من مائة صفحة. ولم تجب الحكومة حتى اللحظة عما ورد في التقرير من ادلة وشهادات على الخروقات والتزوير الذي حدث في الانتخابات، مع ان الناطق الرسمي باسمها وعد بالإجابة عن هذا التقرير.

باختصار اقول لم تجر انتخابات حقيقية والذي جرى عبارة عن مسرحية كانت اهدافها واضحة، ونتائجها معدة سلفا، وجرت الانتخابات لتحقيق هذه النتائج والتي يقصد منها اظهار ان الحركة الاسلامية تراجعت في الشارع الاردني وشعبيتها تراجعت وبالتالي هذه نتائجها.

اذن وضعت النتائج اصلا، ثم اجريت انتخابات لتحقيقها. وهذا ما يؤسف له، وانا اعتقد انها صفحة سوداء في تاريخ الانتخابات الاردنية، ولا يمكن ان تمحى من الذاكرة، ليس من ذاكرة الحركة الاسلامية، انما من ذاكرة الاردنيين جميعا، واستثني الفئة المنتفعة والمستفيدة.

لكن بلا شك انها صفحة سوداء قاتمة لا احب ان اتذكرها، لانني اشعر ان بلدي من جرائها تراجع سنوات عديدة للوراء، وكنت وغيري يتمنى ان بلدي يتقدم الى ميدان العمل الديمقراطي، ولكن للاسف تراجع الى ما قبل عام 1989 بل ربما الى صورة ليس لها مثيل.

* ولكن الحكومة نفت وجود تزوير في الانتخابات، وقالت ان النتائج تعكس حقيقة شعبية المشاركين فيها، وان الحركة الاسلامية تراجعت شعبيتها حيث حصلت في الانتخابات الماضية على 17 مقعدا في مجلس النواب وفي هذه الانتخابات على ستة مقاعد فقط. وان تغييرات هائلة حدثت في المجتمع الاردني وبنظرته للاسلاميين؟

- هل تراجعت شعبية الحركة الاسلامية؟ الحقيقة اذا كانت شعبيتها تراجعت أليس من المفترض ان تتقدم شعبية اتجاه سياسي آخر. فما هو هذا الاتجاه الذي تقدم على حساب الحركة الاسلامية وكان بديلا عنها؟

مما يؤسف له ان جميع أحزابنا الاردنية التي اشتركت في الانتخابات لم ينجح لها اي مرشح. ثم هل تحسنت وتقدمت شعبية الحكومة على حساب الحركة الاسلامية؟ وهل قدمت الحكومات وبخاصة الحكومة التي جرت في عهدها الانتخابات ما تحصل جراءه على شعبية وتتقدم الى الامام، ام ان معظم ما جرى في تاريخها كان سلبيا، وكان محل احتجاج فئات وشرائح كبيرة في المجتمع؟

أعتقد ان الجواب على سؤال هل تراجعت شعبية الحركة الاسلامية؟ يحتاج الى منطق علمي وليس الى عاطفي، وبالتأكيد عندما اجيب عليه يحتمل ان اتحيز لمنطق الحركة الاسلامية.

لقد أجاب عن هذا السؤال غيرنا، وحكم عليها البحث العلمي الحقيقي وتقارير المراكز المستقلة سواء المحلية او الخارجية التي تحدثت عن الانتخابات سواء المركز الوطني لحقوق الانسان او هيومن رايتس ووتش او غيرها من الجهات التي راجعت او غيرها من الجهات التي راقبت او غيرها من الشخصيات الاردنية التي تحدثت بما لا يستطيع احد ان يغطيه.

إن قرار المشاركة في الانتخابات لم يتخذ في غرفة مغلقة، او من خلال جلسة قصيرة. المشاركة جاءت عقب تزوير للانتخابات البلدية وانسحاب جبهة العمل الاسلامي منها احتجاجا على ما جرى فيها من مجزرة.

ولكن بشكل آخر، الجو العام، لو اردت على نطاق الكسب الحزبي، كان يقتضي من الحركة الاسلامية الا تشارك في الانتخابات النيابية. ولو نظر الى هذا الهدف فقط، لكان القرار بمقاطعتها. لكن هذه واحدة. وهذه تخص الحركة الاسلامية في قضية المكاسب الحزبية او الشخصية، لكن المكونات الاخرى التي دخلت في اتخاذ القرار كثيرة ومنها المؤثر الوطني العام.

وفي ظل إدراك الهجمة على الاردن ككيان وبلد مستهدف صهيونيا كما يصرح العديد من الزعماء الصهاينة، ويخرج على ألسنتهم كلام صريح باستهداف الاردن كنظام وككيان وكبلد، ويستسهلون الحل، حل المشكلة الكبرى المركزية (قضية فلسطين) على حساب الاردن.

استشعار هذه الحالة، ثم المحافظة على ضمير المواطن الاردني من الاستسلام لما جرى في الانتخابات البلدية واليأس من المشاركة في اي انتخابات قادمة، والرجوع الى الوراء بحيث يصبح المواطن هامشيا ولا قيمة له، لذلك ارادت الحركة الاسلامية بقرارها ان تحافظ على مواطنها الاردني، وان لا تترك من خطط لهذه الحالة القاتلة ان يحقق ما يريد.

صحيح ان القرار ربما لم يكن شعبيا، يستحق التصفيق والهتاف، والكسب الشخصي وتسجيل المواقف، ولكنه كان وطنيا مسؤولا يفكر بمصلحة الشعب والبلد، وليس فقط بالمصلحة الخاصة. ولست نادما على ذلك القرار. ولم أر?Z من الاخوان الذين يعتد برأيهم ندما على هذا القرار، وان كان من مراجعة فهي في حجم التوقعات بالسقوط الذي وصلت اليه الحكومة في التعامل مع الانتخابات الذي لم يكن متوقعا الى هذا الحد.

اؤكد اننا لم ندخل الانتخابات بناء على تطمينات الحكومة او ثقتنا بنزاهتها، فإن الممارسة طيلة ما يقرب من عامين مع تلك الحكومة كانت تكفينا، بأنها تقول خلاف ما تفعل وانها عاجزة في بعض الاحيان عن تنفيذ ما تلتزم به، ولكننا دخلنا الانتخابات للاعتبارات السابقة.

* لكن عندما حل مجلس الشورى نفسه قيل آنذاك إن السبب اتخاذه قرارا خاطئا بالمشاركة في الانتخابات. ماهي الاسباب الحقيقية لحل مجلس الشورى نفسه؟

- نحن شريحة من الناس من المجتمع التي بالعادة تنظر الى النتائج، ولا تتحمل الفشل أو الخسارة، وبخاصة عندما تكون متأكدة من ثقة الناس بها وحصولها على اصوات كثيرة ضعف ما حصلت عليه. وهذا نهج بشري. فاللنجاح مائة أب والفشل يتيم. ردة الفعل بالتعامل مع هذه النتيجة التي لم يتوقعها احد من اصدقاء الحركة الاسلامية او من خصومها او من اعدائها استدعت التعبير عن هذا الفشل بوسائل مختلفة.

ونحن كحركة سياسية مدنية تمارس اعلى درجات الشورى والديمقراطية، لم نبذل جهدا كقيادة في ثني اعضاء مجلس الشورى عن قناعاتهم او حتى عن قرارهم. فلم نقف طويلا امام هذه المسألة. ولم نبرئ انفسنا من الخطأ وعدم دقة التقدير. ولكن الذي لا خلاف فيه عند جميع الاخوان، بل حتى عند غير الاخوان من المنصفين ان الذي حسم النتيجة هو التزوير وليس صوابية القرار من خطئه او حسن اختيار المرشحين او ادارة المعركة الانتخابية.

وهذا لا يختلف عليه اثنان في الحركة الاسلامية. اعتقد ان مثل هذا القرار لا يخلو من ايجابيات. في المراجعة خير ومنهج تحميل النفس للمسؤولية افضل بكثير من تحميلها للآخر.

* من إجابتك، يبدو ان فضيلتك كمراقب عام كنت ضد قرار مجلس الشورى بحل نفسه؟

- نعم. عندنا مؤسسية وحرية في التوجهات. لم اكن ارى ان معالجة مجزرة الحكومة بالانتخابات ان يكون من ابرز معالمها هذا القرار.

نعم، ولست انا وحدي. للعلم فإن القرار اتخذ بأغلبية بسيطة جدا. ومع ذلك فنحن نحترمه وننفذه ونعتقد ان فيه الخير ان شاء الله.

* يعتقد بعض المحللين والمراقبين ان قرار مجلس الشورى بحل نفسه عزز موقف ما يطلق عليهم بالصقور في الحركة الاسلامية الذين كانوا ضد قرار المشاركة في الانتخابات النيابية. واظهرت النتائج التي تسربت مؤخرا حول انتخابات مجلس الشورى ان التيار الصقوري والوسطيين القريبين منه يحقق فوزا كبيرا على حساب الحمائم. يبدو ان القاعدة الانتخابية تحاسب الحمائم على قرار المشاركة في الانتخابات؟

- أجدني مضطرا ان أتحدث للتاريخ، لاننا في الحركة الاسلامية لسنا ملكا لانفسنا فقط، وانما نحن من مكونات هذا الشعب الكريم، فله الحق بالاطلاع والمراجعة والتقويم والنقد، وهذا نرحب به لأنه سيثري مسيرتنا، ويصححها، ويعطينا اشارة عن حجم اهتمام مجتمعنا بنا وتقديره للحركة الاسلامية. ولو كنا هامشيين لما اهتم بنا احد.

اقول للتاريخ ان قرار المشاركة في الانتخابات النيابية اتخذ على مدار اربع اجتماعات منفصلة لمجلس الشورى في الجماعة وليس اجتماعا واحدا. وكان اخر هذه الاجتماعات بتاريخ 18/10/2007 اي قبل موعد الانتخابات بشهر ويومين فقط. وحصل هذا القرار على 90% من اصوات الحاضرين. وهذا يجيب عن سؤالك.

ان القيادة بما يشبه الاجماع كانت باتجاه المشاركة في الانتخابات النيابية. وانا اشرت لك بأن القرار الذي اتخذ بمراجعة الموقف من الانتخابات النيابية اتخذ بأغلبية بسيطة جدا. هذه حقائق مثبتة ولا يعنيني ما يقال في الشارع.

* في الإعلام يتم تقسيم قيادة الحركة الاسلامية بين حمائم ووسطيين وصقور. ما هي حقيقة الواقع القيادي في الحركة؟ وهل هناك سيطرة للصقور في هذه المرحلة؟

- القيادات في الجماعة تتبدل بشكل جزئي وبطيء جدا، خلال ما يزيد على 60 عاما الماضية تبدل على القيادة معظم الاخوان في المستوى القيادي بمختلف اجتهاداتهم ورؤاهم وقدرتهم القيادية. هل توجد طوال تاريخ الجماعة وعلاقتها مع النظام فترة يستطيع المحلل او المراقب ان يصفها بأنها كانت تختلف عن سابقتها مائة وثمانين درجة او حتى اقل من ذلك؟

أعتقد ان الجهات التي تحترم نفسها في القراءة والتحليل لديها من القدرة على الاجابة عن هذا السؤال.

اريد ان اخلص الى ما يلي: منهجية الجماعة في العمل ثابتة والمتغير فيها ضئيل جدا، لان المتغير في الواقع الذي تعيشه بالنسبة لها ضئيل جدا حتى لو ظهر لبعض الناس الفروق الكبيرة جدا المحيطة بين فترة واخرى.

وأنا بالمناسبة لا أنفي هذه الفروق، ولكني اتحدث عن حجمها فقط. ومن هنا فإن منهجية الجماعة في التغيير والبناء والاصلاح ثابتة الى حد كبير مهما كانت قيادتها، فالجماعة لا يقودها شخص واحد. وانما تقودها خطة ورؤية تقررها مجموعة كبيرة بعد بحث وتمحيص وتأن شديد.

الحركة الاسلامية كغيرها من الحركات السياسية ليس افرادها نسخة واحدة من التفكير ولا بالتعاطي مع القضايا المعقدة. هناك وجهات نظر متباينة عديدة جدا، وقد يغير الانسان رأيه من بداية الجلسة الى نهايتها بناء على المعطيات والتحليل وسماع وجهة النظر الاخرى، او قد يغير رأيه من يوم الى اخر او من مناسبة لاخرى.

هذا التنوع لا يعني ان الجماعة منشطرة الى قسمين او ثلاثة، انما يعني ان الجماعة حية وتستوعب الاراء المتباينة. وتجعل من هذه الاراء المختلفة في المسألة الواحدة السلوك الاسلم والسياسة المثلى. هل سمعت ان احدا في الجماعة يدعو الى استخدام القوة والعنف؟ من سمع بذلك فلينسبه الى قائله.

أما إن كان المقصود ودون تشبيه بأن ابي بكر الصديق رضي الله عنه ضعيف او مرن لدرجة الليونة الشديدة، وانما عمر رضي الله عنه كان متميزا عليه وافضل منه بسبب صلابته بالحق. تلك مغالطة كبرى. ليونة ابي بكر لم تمنعه من ان يصر على قتال المرتدين وانفاذ جيش اسامة، وصلابة عمر لم تطغه ولم تمنعه من ان يرجو ابا بكر ان لا يحارب المرتدين وينفذ جيش اسامة بن زيد بن حارثة في وقت واحد.

على كل حال فإن التنوع بالاجتهاد في المسائل السياسية هو تنوع بالتكامل والقوة. وأجد ان هذا التنوع لا يمكن تسميته انقسامات حادة جدا.

* هل فضيلتكم مطمئن لوحدة الاخوان المسلمين مع وجود اختلافات حادة في بعض الاحيان بالآراء والموقف من الحكومة وغيرها؟

- اؤكد ان الجماعة عصية على الفرقة والانشقاق، وان كانت الظروف السياسية العامة وتسلط الحكومات ومحاصرتها للحريات ومصادرتها لها، والتضييق الشديد على الجماعة والعمل على تشويه صورتها، وعدم الارتباط بالعمق العربي والاسلامي بصورة كافية، واحترام سفارة العدو الصهيوني الذي لم يحترم الاردن. فباعتراف مسؤولين كبار كانوا على رأس الحكومة الاردنية بأن شارون كان ينوي غزو الاردن لجعله الوطن البديل، وللظروف الاقتصادية الضاغطة والسيئة على المواطن الاردني، وحرمانه من المشاركة في اتخاذ القرار.

هذه الظروف كلها تجعل الحليم حيرانا ولربما ان طالت، ولم يتداركها اهل الرأي والحكمة والغيورون على الاردن، ربما تتسبب بانفجارات كبيرة في لحمة الشعب الاردني.

* هل هناك علاقة تنظيمية مع حماس؟ سمعنا مؤخرا عن انفصال تنظيمي بين الاخوان وحماس في الخارج بحيث يشارك في انتخابات مجلس الشورى في الخارج الاردنيون فقط.

- المملكة الاردنية الهاشمية كانت تتكون من الضفة الغربية والشرقية وشملت هذه الوحدة الاخوان المسلمين. كما اثرت على هذه العلاقة ظروف الاحتلال وتداعياته، وظروف فك الارتباط السياسي الرسمي وما تلا ذلك من أحداث على الساحة العربية. لا شك انها اثرت تنظيميا على الجماعة.

لم يعد بالإمكان ان تبقى الصورة السابقة على حالها في الجانب التنظيمي. واريد ان اؤكد لك ان حجم الاهتمام والشعور بالمسؤولية وتقدير المصلحة واستشعار الواجب الشرعي والوطني تجاه فلسطين لم ولن يتأثر بالشكل التنظيمي الذي حصل بعد الاحتلال وما تلاه.

لذا قلت واقول، ما دامت المعركة في فلسطين بين المقاومة والاحتلال الصهيوني فنحن مع المقاومة. وما دامت حركة حماس في مقدمة هذه المقاومة فنحن حماسيون. ولو كانت المعركة مع سورية فنحن سوريون، ولما كانت مع الجزائر كنا جزائريين، ولما كانت مع العراق كنا عراقيين.

هذه صفحة منشورة ومعروفة ومقروءة لا ادعيها، انما هي حقيقة. ليس هناك تداخل تنظيمي بين جماعة الاخوان المسلمين وحركة حماس الان.

حركة حماس حركة مقاومة مسلحة شكلت حكومة عملها على ارض فلسطين، ونحن حركة سياسية مدنية ليست سرية وليست مسلحة ونؤمن بالعمل السلمي في التغيير والاصلاح ونقدر عاليا الدماء الزكية التي يقدمها الشعب الفلسطيني وفي مقدمتها حماس. الجماعة تقدم ما تستطيع تقديمه في ظل الحصار لتثبيت هذا الشعب الفلسطيني في ارضه، لكن هذا شيء والتداخل التنظيمي شيء آخر.

أعتقد ان هذا يحقق مصلحة الحركة الاسلامية في الاردن، كما يخدم مصلحة الصمود في فلسطين. فنحن من شعاراتنا الجهاد سبيلنا والموت في سبيل الله اسمى امانينا، ولو اتيح لنا الجهاد لصد العدوان عن امتنا لفعلنا دون تردد، لكن الدور الذي نستطيع القيام به في الدفاع عن اوطاننا بالكلمة والتأشير الى اماكن الفساد وتصحيح الممارسات الخاطئة، والدعوة الى وحدة الامة وتربيتها تربية اسلامية وطنية شاملة. هو الواجب الذي كلفنا الله تعالى به، ولن نتجاوزه ان شاء الله.

* تطالبون الحكومات بالشفافية. ومع ذلك، فالحركة الاسلامية تخفي نتائج انتخابات مجلس الشورى عن وسائل الاعلام وتتكتم على النتائج. لماذا التعتيم في زمن تتحدث فيه الاحزاب علنا عن مشاكلها وظروف عملها؟

- نحن نعتز باهتمام الوسط الاعلامي والسياسي بانتخاباتنا، ونعتبره مؤشرا ايجابيا بعيدا عن الاتهام. وان كنا نلمس احيانا ان البعض يسهم في حملة تشويش وتحشيد وتشويه لتحقيق غايات في نفسه مثل ان يفترق صف الجماعة، وان يتبعثر. ونلمس ان البعض يملأ الفراغات بما يفكر وبما يتمنى ان يكون. ولو توقفت الصحافة، وانا لا اتحدث عن كل الصحافة عند وصف ما يجري او الوصول الى المعلومة بطرق خاصة لما كان ذلك محل اللوم.

هذا من جهة، ومن جهة اخرى، الانتخابات عندنا لها شروط خاصة وهي دقيقة وحساسة، ونحرص ان تجري بجو سليم وبآلية صحيحة، ونعطي وقتا كافيا للطعن، وابداء الملاحظات على النتائج، وقد تراجع بعض النتائج، ويتم التأكد من قانونيتها ولا يكفي ان تجرى الانتخابات في شعبة ما لتكون هي التيجة النهائية، وهذا محكوم بقانون داخلي وبنظام محدد وضعته الجماعة قبل عشرات السنين. ومن هنا التسرع بإعلان النتائج سيكون مرجوحا وربما خاطئا.

واؤكد اننا في مرات سابقة اعلنا في الصحف اليومية اسماء اعضاء مجلس الشورى والمكتب التنفيذي. ونتمى ان يتسع هامش الحرية في بلدنا وان تقل او تتلاشى المحددات في متابعة العمل الحزبي حتى يعمل الجميع بحرية كاملة والا يتخوف احد من الملاحقة او المتابعة والحرمان من حقوق المواطنة بسبب انتمائه الحزبي.

ومع ذلك فنحن في الحركة الاسلامية تجاوزنا هذه المرحلة، ولم نخف قياداتنا وستكون بين يدي كل من يعنيه الامر، ولكن بالوقت المناسب.

* يروج البعض عن اتفاق (صفقة) بين الحمائم والصقور يقضي بالتجديد لفضيلتكم مراقبا عاما للجماعة. ما صحة ذلك؟

- إن شاء أن يصدق القارئ ذلك فشأنه. انا لا اؤمن بهذه التقسيمات، ليس في هذه الانتخابات فحسب، بل قبلها كذلك. انا لا اؤمن الا بأن القيادة مسؤولية وتكليف وابتلاء وليست مكاسب يحرص عليها وخاصة بالتنظيمات السياسية في بلادنا، فهي لا تستحق ان يتنازل المرء عن بعض القيم الاساسية للحصول عليها بل ربما ان السلامة منها هي المكسب.

اؤكد لك وانا مسؤول عن كلامي انني لم اتح فرصة لأحد ولم اطلب من احد، ولم يعرض علي احد شكل القيادة القادمة. فمن لديه اية معلومات خلاف ذلك فليقلها في الوقت الذي يشاء وفي المكان الذي يشاء. ولا اقبل هذا المنهج.

* ماهي علاقتكم مع الحكومة الحالية؟ هل توجد بينكم وبينها اتصالات؟

- الحكومة الحالية منشغلة بالوضع الاقتصادي وكأن رسالتها كيف تمرر رفع الاسعار الجنوني بأقل الخسائر العائدة عليها. ولم تجر معنا أي اتصال. ولم تصحح الحكومة الحالية اي خطأ ارتكبته الحكومة السابقة او الحكومات السابقة. وما تزال مصرة على نهج سابقتها. فما تزال تضع يدها على المؤسسة الوطنية الخيرية جمعية المركز الاسلامي دون مبرر، وما تزال تحرم ابناء الحركة الاسلامية من القيام بدورهم في خدمة مجتمعهم وخصوصا ان الفساد غدا ينتشر يوما بعد يوم، والجرائم تكثر والانحرافات تطفو على السطح. ولا شك ان غياب التوجيه والتربية والارشاد المؤسسي والصحيح سيفرز هذه الامراض في مجتمعنا وهي مرشحة للزيادة.

ما تزال الحكومة الحالية تأخذ كل يوم منشآت خيرية بناها محسنون حول المساجد في محافظات كثيرة. ولم تكتف بحيازة ملكية هذه المساجد وانما اخذت ما فوقها وما تحتها وما حولها مع انها منشآت خيرية وتعليمية وصحية ولا علاقة لها بالمسجد. ما تزال الحكومة الحالية لم تتقدم حتى الان بأي مبادرات للتراجع عن القوانين المقيدة للعمل الحزبي والحريات العامة، وهي ترتضي ما قامت به الحكومات السابقة.

باختصار لم يتم اي لقاء مع الحكومة الحالية. ونتمنى ان تخرج هذه الحكومة من محاصرة نفسها وتفتح المجال للقوى الوطنية المختلفة لتشاركها المسؤولية في تحمل اعباء هذا الوضع.

* هل طلبتم لقاء الحكومة الحالية؟

- اللجنة المنتخبة من الهيئة العامة لجمعية المركز الاسلامي طلبت مقابلة رئيس الحكومة، ووعد بذلك، ومضى على هذا الوعد ما يقرب من شهر، ولم يتحقق بعد، وهو بالمناسبة لقاء يقتصر على قضية واحدة.

* بين فترة وأخرى يطالب سياسيون الحكومة بالحذر في التعامل مع الحركة الاسلامية ويشيرون الى تجربة حركة حماس وما يسمونه "انقلابها" على السلطة الشرعية في غزة؟

- ماهي قاعدة هذا التحذير؟ حتى في حركة حماس، فهي حركة حصلت على أغلبية كبيرة في المجلس التشريعي. ومع ذلك مدت يدها منذ اليوم الاول الى جميع فصائل الشعب الفلسطيني ومكوناته لتشكيل حكومة وحدة وطنية، وكان بإمكانها تشكيل حكومة وحدها، ومع ذلك مدت يدها ووسطت الجميع لتشكيل حكومة شاملة، ولم تستأثر بالسلطة.

للحركة الاسلامية في الاردن تاريخ طويل ولو كانت جديدة ومجهولة لربما كان هذا التخوف صحيحا.

ولن يؤثر الموقع الذي يشغله الاخ المسلم في الحكومة أو في الحركة الاسلامية على موقفه تجاه الدولة الاردنية والوطن الاردني. ونحن نعتقد يقينا ان الحركة السياسية في بلد ما تكون قوية بقوة النظام السياسي الموجودة فيه، ولن تقوى ولن يكون لها وزن يذكر اذا ضعفت الدولة بشكل عام. تاريخنا يشهد ان موقف الحركة الاسلامية في المنعطفات الحادة التي مر بها بلدنا كان وما يزال يشرفنا.

وليست الحركة ممن ينتهزون هذه الفرص ويستغلونها للقفز عن وطنهم. ومن اين يأتي هذا التخوف؟ اما اذا كان التخوف من ان الحركة الاسلامية تقول للمحسن احسنت والمخطئ اخطأت، وتعارض السياسات الخاطئة، وتضع النقاط على الحروف ولكن تحت الشمس وبشرف فذاك شيء آخر. هل يراد منا ان نخدع امتنا وشعبنا ونجاري الخطأ والخطيئة ونسكت على اضعاف بلدنا وسيره في طريق الهلاك والدمار. أم أن البعض له اجندة خاصة تدور حول مصالحه الذاتية ويكرهنا ويشوه صورتنا من هذه المنطلقات، وليس بناء على المصلحة العامة.

وأخيرا اريد أن اقول إن العديد من المسؤولين الرسميين في الحكومة الاردنية يستغربون هذا النهج في التعامل مع الحركة الاسلامية، ويتحدثون به في مجالس مختلفة وقد وعد العديد منهم اذا أتيحت له الفرصة ان يتحدث بقناعاته مع اعلى مستوى للمسؤولية في هذا البلد.

* أعلن سابقا أن العين عبد المجيد ذنيبات سينسحب من مجلس الاعيان احتجاجا على ما أسمته الحركة الاسلامية تزويرا في الانتخابات النيابية ولكن الانسحاب لم يحدث حتى الان. لماذا؟ وماهي حقيقة الامر؟

- الاستاذ عبد المجيد ذنيبات أبدى استعداده للانسحاب من مجلس الاعيان اذا كان الانسحاب يحقق مصلحة عامة. وبمبادرة منه، ولقد طلب منه الانسحاب. وهو الان اعطي الفرصة، واعتقد ان هذه الفرصة لتنفيذ الانسحاب انتهت.

إن الوجود في مجلس الاعيان من حق ابناء الحركة الاسلامية التي تستحق ان يمثلها اكثر من عضو واحد. ولكنها طلبت منه الانسحاب للاحتجاج على ما جرى في الانتخابات النيابية من تزوير وتأثير على النتيجة وما تلاه من تشويه للصورة وتضييق على الحركة الاسلامية.

ونحن نعتقد أن على مجلس الاعيان مسؤولية وطنية والمشاركة فيه في الاوضاع العادية واجبة وضرورية. لدينا انظمة داخلية تتعامل مع حالة الاستاذ عبد المجيد، وإن كنا نقدره ونحترمه ونحترم سابقته، لكن النظام الذي أسهم بوضعه هو وإخوانه أحق بالاحترام والتقدير.

* متى سيكون القرار؟ وهل سيصل الأمر الى الفصل؟

- القرار ربما يكون قريبا. ونتمنى على الاستاذ عبد المجيد الذي يعترف جميع الإخوان بالسابقة له وبالخير أن يلتزم كعادته حتى فيما يخالف اجتهاده. القرار يستند الى النظام الداخلي الذي حدد الحالات وكيفية التعامل معها.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد