أن الجيش العربي السوري بعد كل السنوات من حرب الوجود ما زال صامداً يضحي بأغلى ما عنده في سبيل وطنه وشعبه، ولا يزال مستمرفي مواجهة المؤامرة التي إستهدفت الوطن السوري والسعي إلى تمزيقه وتفتيته، ولو كان يريد أن يتنازل لما إنتظر كل هذا الوقت وقدم تضحيات كبيرة وعظيمة ، لذلك فإن النصر على الإرهاب ودحره وإجتثاثه وإحباط مخططات داعميه باتت قريبة من المنال خاصة بعد أن إستطاع كسر المعايير المتعلقة بالتوازن, وإسقاط كل حسابات أمريكا والغرب بشأن سورية.
فى تطور مهم للحرب على الإرهاب فى سورية تقدم الجيش السوري بدعم من القوات الجوية الروسية من دخول الحدود الإدارية لمدينة الرقة معقل تنظيم داعش، كما مهدت بقصف المناطق الواقعة تحت سيطرة التنظيم فى المناطق الشرقية لمحافظة حماة، قرب الحدود مع الرقة، فى محاولة للتقدم والوصول إلى بحيرة الفرات وطريق الرقة -حلب، والتى أصبح يفصلها عنها نحو40 كلم، لذلك فإن الهدف الرئيسي للجيش السوري من الوصول إلى طريق الرقة -حلب، وبحيرة الفرات، هو محاصرة تنظيم داعش وأدواته فى محافظة حلب من عدة جهات خاصة الحدود مع تركيا من جهة الشمال.
وفي محاولة تنظيم داعش إستغلال العاصفة الغبارية التي حدثت قبل يومين، لينفذ عملية التفاف من زكية بريف الرقة الغربي باتجاه مواقع القوات السورية المتمركزة في محيط البلدة التي تعد أكبر معاقل التنظيم، فقد تمكن الجيش السوري سحق جميع عناصر هذه المجموعة الملتفة، في حين يستكمل الجيش السوري وحلفاؤه العمليات الميدانية تمهيداً لدخول زكية التي باتت تعد ساقطة تكتيكيا، بعد تمكن الجيش السوري من قطع كافة طرق الإمداد الواصلة إليها بسيطرته على كامل التلال الحاكمة المشرفة على البلدة والمعروف باسم تلال أبو الزين.
وعلى صعيد متصل يحاول تنظيم داعش إيجاد مجموعة تتألف من أكثر من 100 داعشي فقد الاتصال بها بعد تحركها من مناطق ريف حمص الشرقي نحو المثلث الصحراوي الواقع بين محافظات حماة - الرقة - حلب، في خطوة كان الهدف منها المشاركة في صد تقدم الجيش السوري نحو الرقة أكبر معاقل هذا التنظيم، في هذا الإطار أكد جان إيف لودريان وزير الدفاع الفرنسي أن تنظيم داعش سيهزم عسكرياً وسيتم القضاء عليه بأسرع وقت ممكن، وقال لودريان على هامش حفل تقديم كتابه الذي جاء بعنوان من هو العدو؟، في باريسما زلت مقتنعا بأن الأمر سيكون صعبا، ولكن أقولها للمرة الأولى إن داعش يتراجع وسيهزم، بما فى ذلك في مدينة الرقة معقله فى سورية، وأضاف أنه من الضروري إستعادة تلك المنطقة لقطع التحركات فى كافة الإتجاهات وخاصة، بين تركيا وسورية، وعلى الصعيد الدولي، فإن تهديد داعش وأدواتها وتنامي دور الجماعات الجهادية داخل المعارضة السورية جعل الدول التي كانت تريد رحيل الرئيس الأسد تعيد النظر فيما إذا كان هذا يعد سياسة قابلة للتطبيق على الأرض.
في هذا السياق اكتسب الرئيس الأسد قوة دفع كبيرة في ميدان المعركة، وتحشد المجموعات المسلحة والقوى المتطرفة كل قوتها بشكل جدي من أجل إيقافه، ومع ذلك سيتمكن الرئيس الأسد حتماً من محاصرة مدينة الرقة، وقد يكون إعادة الإستيلاء على هذه المدينة كافياً لتشجيع العديد من مقاتلي المجموعات المسلحة والقوى المتطرفة على وقف القتال والتخلي عن الحرب ضد الرئيس الأسد، وفي الاتجاه الآخر تكمن إستراتيجية الأسد حتى الآن في إستعادة المناطق الاستراتيجية الرئيسية، فضلاً عن تدمير جيوب المجموعات المسلحة والمتطرفة التي تشكل تهديداً للمناطق الأساسية، كما يحاول التأكيد على ديمومة المكاسب التي يحققها.
مع إستكمال المرحلة الأولى فى معركة تحرير مدينة الرقة, والتى بدأت منذ عدة أيام والاستعداد للمرحلة النهائية والحاسمة، يمكنني القول، أن ثمة هناك مساراً جديدا ستدخله سورية باتجاه إنهاء وجود تنظيم داعش فى البلاد, بعد أن ظل يهيمن على مساحات شاسعة فى أنحاء مختلفة من دول المنطقة، والمؤكد أن الإنتصار فى معركة الرقة التى تعتبر معقل داعش, سيشكل البداية الحقيقية لطرد مقاتلي داعش من محافظة الرقة والمنطقة بأكملها, وهو الهدف الاستراتيجى للجيش العربي السوري والذي يواصل استعداداته اللوجستية والتكتيكية لإنهاء هذا التنظيم ومن ورائه، والمضي قدماً لاستكمال تحرير المدينة, مستفيداً من الإسناد الذى يقدمه الطيران الروسي والدعم الإيراني.
على أى حال فإن نجاح الجيش السوري فى إستعادة السيطرة على مدينة الرقة, سيشكل انتكاسة كبيرة لتنظيم داعش سواء على الصعيد العسكري أوالإستراتيجي أو المعنوي, لاسيما أنها كانت أول مدينة سورية تسقط فى يده وظلت خاضعة لقبضته أطول فترة، ولعل الضربات الساحقة التي تقوم بها كل يوم وحدات جيشنا ضد عناصر الشرّ والإرهاب وإحباط مخططاتها القبيحة، دليل واضح على ذلك.
اليوم لا يجني الإرهاب سوى الهزيمة النكراء و ضرب جذوره في مختلف المناطق السورية وخاصة مدينة الرقة وهروب عناصره منها على يد الجيش السوري وحلفاؤه، لقد برهنت قواتنا العسكرية السوريةعلى دقتها وأحترافيتها في معركة التحرير بعد أن حيدت المدنيين وأبعدت عنهم نيران المعركة، لذلك لا بد من ضرورة الأستفادة من النقمة الواسعة بين أهالي الرقة جراء الممارسات الأرهابية والتعسفية لعصابات داعش الأرهابية طيلة فترة إحتلاله لهذه المدينة.
مجملاً....ستتغلب سورية على الإرهاب، وكل المعطيات تشير الى صمود الجيش السوري وحسمه المعارك الميدانية، لذلك يبدو الموقف الأمريكي متراجع جداً، وتبدو تركيا والسعودية في مأزق كبير، فهي لا تعرف إن كانت تستمر في أفعالها أو تتراجع عن دعمها للمجموعات المتشددة، بمعنى إنه بعد صمود النظام السوري أمام الحرب الشرسة عليه، ووقوف حلفائه معه، فإن الامور متجهة نحو الحسم النهائي للمعركة، والنظام السوري لن يخرج خاسراً، وبالتالي فإن بعض الدول ولاسيما تركية ستكون في قمة الإحراج، وعليها أن تبحث عن فرصة لتعيد العلاقات مع سورية، لأنه بدون سورية لا يمكن ان تمر اي ملفات إقليمية تهم المنطقة، لذلك فأن الأسابيع القليلة القادمة ستكون حاسمة في كل ما يتعلق بالقتال في سورية، وهنا فإن الملفات المتداخلة في المنطقة ستخضع لما قد يحدث في الفترة المقبلة وتتأثر بها، وفي نهاية المطاف، لقد إنهارت المؤامرة الغربية وإنكشف الإرهاب المصنوع، وظهرت عمالة الواجهات السياسية العربية، ونحن لا نزال نؤمن بأن أي جهد لإستئصال الإرهاب، ليس ممكناً من دون أن تكون القوات السورية هي عماد ذلك الجهد بعد أن أثبتت صلابتها وتماسكها وتمتعا بقدرات قتالية عالية.
khaym1979@yahoo.com