هل ينجح الأميركيون في تقسيم سورية؟

mainThumb

18-05-2016 10:04 PM

الأزمة في سورية لم تكن عبثية أو غير مدروسة، كما أن ظهور داعش بعد تنظيم القاعدة في البلاد وسيطرتها بشكل متسارع على بعض المدن والمناطق السورية لم يكن بمحض الصدفة، بل هو عبارة عن سيناريو معد بحرفية كاملة من قبل أمريكا وحلفاؤها التي تعلم جيداً أن حملتها الأخيرة ضد ما يسمى بداعش هي حملة غير مؤثرة ولن تصل بها إلى نتيجة، إلا أن الهدف من ورائها هو إقناع المجتمع الدولي والعالم أن لا حل إلا بتقسيم سورية، وهو المخطط الذي دافعت عنه وما تزال بشكل مستمر.


 إن ما يحدث الآن هو إعادة رسم خريطة جديدة للمنطقة تتجاوز إتفاق سايكس بيكو، لتعيد تقسيم المقسم وتجزئة المجزأ، ويبقى العرب كالعادة هم الخاسرين، رغم أنهم  هم شركاء أساسيون في إعادة تقسيم المنطقة، وليس ذلك بجديد، ففى سبتمبر 2013 نشرت صحيفة نيويورك تايمز مقالاً إستعرضت فيه تحقيقاً للصحفي روبن رايت بعنوان " إعادة رسم خريطة الشرق الأوسط" و آخر بعنوان "كيف تصبح خمس دول عبارة عن أربع عشرة دولة" ؟، وهذه الدول هى سورية والعراق واليمن وليبيا والسعودية، كما حددت فيها إستراتيجيات إسرائيل وخططها المستقبلية لتفتيت وتمزيق الدول المجاورة لها لكي تضمن لنفسها البقاء وسط كيانات ضعيفة متصارعة مهترأة لا تستطيع الدفاع عنها.


هذه الخريطة ترمي لجعل إسرائيل محور مركزي في المنطقة، وتعزز تقسيم سورية إلى ثلاث أقاليم على الأقل تقوم على الإنقسامات الطائفية والعرقية، فالإقليم الأول: هو الإقليم العلوي الذي سيحكم دمشق وحمص والساحل، والإقليم الثاني: سيحكمه الأكراد وهو الذى يمتد على طول الحدود التركية وسيتوحد تدريجياً مع كردستان العراق، والإقليم الثالث: هو الإقليم السني الذي سيحكم ما تبقى وربما يتوحد مع الإقليم السني العراقي، وسيكون في حالة نجاحه مقدمة لتقسيم كل دول المنطقة العربية.


في إطار ذلك  يعتبر مشروع تقسيم سورية قديم وكان يشغل الأوساط الأمريكية والإسرائيلية منذ زمن بعيد، وقد إقترح مسئولون أمريكيون مراراً وتكراراً خطة تقسيم وتفتيت سورية قبل وبعد التآمر والحرب على سورية، في مارس الماضي كتب جيمس ستيفريد فى صحيفة "الفورين بولسي" مقالاً بعنوان "التفكير بشكل جدي بتقسيم سورية"، وحدد الملامح التفصيلية لخطة إعادة تقسيم سورية والشرق الأوسط وتحقيق الإستراتيجية الغربية في إنشاء الشرق الأوسط الجديد، أن مخطط تقسيم الشرق الأوسط الجديد يستهدف إخضاع سورية لسلطة داعش تلك العصابات المسلحة التي تستغل الدين بتمويل خارجي لإشاعة الفوضى في البلاد وتمهيد الطريق لتقسيمها، هذا المشروع هدفه إضعاف الجيش السوري واستنزاف الاقتصاد بهدف تطبيق مشروع الفوضى الذى يسمح بظهور القاعدة في سورية.


 جاءت محاولة أمريكا وحلفاؤها في تفكيك الدولة السورية ونظامها وإبداله لأسباب تتعلق بحجمها وأهمية دورها في معادلة الصراع العربي ـ الإسرائيلي، علاوة على ذلك ضرب ومحاصرة فكر وثقافة المقاومة، فضلاً عن إرادة أمريكا في إستراتيجيتها الإقتصادية الهادفة إلى تطويق منطقة الشرق الأوسط الغنية بالنفط، لتحريك عجلة التنمية والإقتصاد المتدهور لنظامها وأنظمة الدول الغربية الحليفة لها، وهذا ما ساهم في دفع بعض الدول لإنتهاز الفرصة وتعزيز طموحاتها الإستعمارية في سورية والمنطقة، ليؤدي بالتالي تحول سورية والدول المجاورة إلى مركز صراع إقليمي الذي بات يهدد السلم الإقليمي والعالمي، وإنطلاقاً من ذلك إن ما جرى ويجري ولربما هناك أمور وقضايا أخرى أكثر خطراً يجري التخطيط لها بالخفاء، كلها تؤكد سوء النوايا الأمريكية والغربية تجاه سورية وشعبها والتي تصب في النهاية لخدمة إسرائيل ومن يسير بركابهم، فالسؤال المهم الذي يفرض نفسه هنا هو: هل ينجح الأميركيون وأدواتهم في هذا المسعى ، أم إنهم سيجبرون على عدم التدخل بالشؤون الداخلية السورية والفرار بجلودهم بفعل إشتداد ضربات الجيش العربي السوري وتعاظمها وإصرارها على إلحاق الهزيمة بالمشروع الأمريكي في هذا البلد العظيم؟.


مجملاً.... إن التوقعات التي خططت لها أمريكا وحلفاؤها في سورية، والتي وضعت بها كل إمكاناتها من أجل تأجيج الأزمة السورية وتفكيك الدولة السورية وإسقاط نظامها، جاءت في غير صالحها وفشلت وسقطت كل أقنعتها ورهاناتها، وإنهارت المؤامرة الغربية وإنكشف الإرهاب المصنوع، وظهرت عمالة الواجهات السياسية العربية.


خلاصة القول...أنا كمواطن سوري، ضد فكرة التقسيم شكلاً ومضموناً مهما تعددت الأسباب والمعطيات، ولكن في المقابل فإن إيمان المواطنين السوريين بوحدتهم  وإرادتهم كشعب واحد هي قائمة بحد ذاتها لا يمكن إنكارها بأي شكل من الأشكال، بدليل صمود سورية وفشل المؤامرة عليها وإندثارها.


وأختم بالقول...إن خريطة التقسيم الطائفية العنصرية هذه يجب أن لا تمر لأنها أخطر من العلم الصهيوني. .. ولن تمر !


المجد لسورية الواحدة ..والعار للطائفيين وعملاؤهم التقسيميين !



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد