أدرك المجلس الأعلى لشؤون الأشخاص المعوقين ضرورة إعادة النظر بالعديد من مواد قانون حقوق الأشخاص المعوقين رقم 31 لسنة 2007، وتعديلها، بعد مرور عام على إقراره، إذ كشفت عملية التطبيق العديد من الفجوات في مواده، وبخاصة أن إقراره سبق توقيع الأردن ومصادقته على الاتفاقية الدولية للإعاقة .
وجاء مشروع قانون حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة لعام 2016 بالعديد من التعديلات لتلافي جوانب القصور في قانون 2007 ، لكن ما أثار أصحاب المراكز الخاصة هو البند المتعلق بـ"إنهاء نظام الرعاية الإيوائية في المراكز"، فهو يمس مصالحهم وبخاصة في ظل غياب أي جهة رقابية تتابع ما يجري في تلك المراكز.
ونصت الفقرة (ب) من المادة (19) من الاتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة المتعلقة بالعيش المستقل "إمكانية حصول الأشخاص ذوي الإعاقة على الخدمات المؤزرة في المنزل، وفي محل الإقامة..... لتيسير اندماجهم في المجتمع ووقايتهم من الانعزال والانفصال عنه "، مثلما نصت المادة 4 الفقرة د من قانون حقوق الأشخاص المعوقين لسنة 2007 " تدريب اسر الأشخاص المعوقين على التعامل السليم مع الشخص المعوق بصورة لا تمس كرامتهم أو إنسانيتهم " " دمج الطفل المعوق داخل أسرته، وفي حال تعذر ذلك تقدم له الرعاية التاهيلية البديلة "
لذلك لا بد من إيجاد طريقة لإلغاء المراكز الإيوائية والاستعاضة عنها بخدمات يقدمها مختصون للأشخاص ذوي الإعاقة داخل منازلهم وضمن أسرهم وان يتم تدريب الأسر عليها.
ولا نظلم المراكز الإيوائية إذا قلنا أنها قد تكون سعت لتجييش أهالي الأشخاص ذوي الإعاقة والعزف على وتر أين سيذهب أبناءكم إذا أغلقت المراكز الإيوائية؟، فهي المستفيد الأول من وجود الشخص المعوق لديها، ولا نظلمها إذا قلنا أن بعضها ينتهك يوميا حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، وحقوق العاملين معهم، هذا الانتهاك يأخذ جوانب عديدة تبدأ منذ لحظة تقييم حالة الشخص وعلى النحو التالي:-
1- لدى إجراء عملية التقييم يتم وضع جلسات زيادة على حاجة الشخص المعوق سواء في جلسات العلاج الطبيعي أو الوظيفي أو السمع والنطق أو- المدرسة - صفوف في التربية الخاصة.
2- لا يوجد اجر محدد ومعتمد من قبل وزارتي الصحة أو التنمية الاجتماعية للجلسة الواحدة ما يفتح المجال أمام تلك المراكز لجباية ما ترغب من أجور.
3- بعض الأشخاص قد لا يحتاجون لجلسات علاجية معينة لكنهم يجبرون على أخذها فعملية التقييم لا تتم بنزاهة.
4- العديد من الأشخاص ذوي الإعاقة لا يحضون بالاهتمام الكافي ويتركون دون عناية أو دون الحصول على ابسط الحقوق ولا يلتفت إليهم المركز إلا عندما يأتي ذووهم لزيارتهم.
5- الفترة الزمنية التي قد يقضيها الشخص المعوق في المركز تكون دائما أطول مما تحتاجه حالته.
6- التعرض للانتهاكات من قبل العاملين معهم كالضرب وعدم الاهتمام بنظافتهم، بعضهم تعرض للحرق وبعضهم للسقوط من أماكن مرتفعة ويتم إخفاء الأمور عن الأهالي.
7- بعض الأشخاص ذوي الإعاقة وبخاصة من ذوي الإعاقات الشديدة يتم وضعهم في تلك المراكز فقط من اجل الرعاية، ولا يتم العمل على دمجهم، بل يتم عزلهم وتقديم الطعام لهم.
أما الانتهاكات التي تتم من قبل إدارات بعض المراكز بحق العاملين فيها، وبخاصة بحق المعالجين من ذوي الاختصاصات الطبية التطبيقية، فتأتي على النحو التالي:-
1- انتهاك الحقوق المتعلقة بالحد الأدنى للأجور
2- انتهاك الحقوق المتعلقة ببيئة العمل فالعديد من المراكز يتوفر فيها التكييف والتبريد لكن إدارات بعض المراكز تتركهم يعانون والأشخاص المعوقين من البرد أو الحر، للتوفير في فاتورة الطاقة.
3- بعض المراكز لا تشرك جميع العاملين فيها للضمان الاجتماعي بل تقوم بإشراك عدد منهم، وبأقل من الأجر الذي يتقاضاه بعضهم.
4- رفض إدارات المراكز الالتزام بقوانين العمل، حتى النظام الداخلي للمركز لا يتم وضعه في مكان واضح ومتاح لاطلاع الجميع .
5- تقوم بعض المراكز باقتطاع مبالغ كبيرة من العاملين ولأي ذنب أو خطأ ودون سند قانوني.
6- رفض بعض المراكز منح العاملين فيها أي إجازة وإذا اضطر الموظف لإجازة يتم خصمها من راتبه.
لذلك لا نتجاوز الحقيقة إذا قلنا أن إدارات وأصحاب بعض المراكز تدفع أهالي الأشخاص ذوي الإعاقة للضغط بهدف إلغاء هذا البند، فهو يتعارض مع مصالح تلك المراكز، لكن الإبقاء على المراكز الإيوائية التي تصب في مصلحة أصحاب تلك المراكز فقط ، يتعارض مع قوانين حقوق الإنسان والاتفاقية الدولية للإعاقة، وتحرمهم من الدمج في الأسرة والمجتمع علاوة أن العديد من الأهالي يتهربون من تحمل مسؤولية رعاية أبناءهم المعوقين.
واخيرا أدعو وزارة التنمية الاجتماعية وبالتنسيق مع المجلس الأعلى لشؤون الأشخاص المعوقين وكذلك وزارتي الصحة والعمل إلى تكثيف الرقابة على تلك المراكز وتكثيف الجولات التفتيشية من خلال لجان تضم ممثلين عن تلك الجهات لضمان حقوق الأشخاص المعوقين وحقوق العاملين معهم، وان يتم إلزام أصحاب تلك المراكز وإداراتها بتوقيع عقود مع أهالي الأشخاص المعوقين الراغبين من الاستفادة من تلك المراكز ضمن أجور معقولة حسب نوع الجلسات، وعقود أخرى مع العاملين في تلك المراكز مصادق عليها من قبل تلك اللجنة أو وزارة العمل، لان ذلك يحمي الجهتين، ويمكن العاملين من الإبلاغ عن أي تجاوزات تمس حقوق الأشخاص المعوقين أو العاملين .