على خلفية التحذيرات والتي وصفت بأنها شديدة اللهجة والتي أطلقها المبعوث الأممي لدى اليمن "إسماعيل ولد الشيخ " لطرفي الانقلاب المتمثل في قيادة جماعة الحوثي والرئيس السابق علي عبدالله صالح ، وذلك فيما يتعلق بمفاوضات الكويت المرتقبة وعرقلتهم أياها او تسويف او مماطلة قراراتها كما سبق في جنيف ،ما لم فان الحسم العسكري سيكون هو الحل الوحيد ، يفسر حماس الأمم المتحدة المفاجئ بأنه تحول نوعي لتحركات تبدوا جادة لانهاء الصراع على الأقل ما يفهم ظاهرياَ من خلال وسائل الإعلام والتحرك الدبلوماسي الدؤب في الآونة الأخيرة .
المراقبون والمتابعين للشأن اليمني على حد سوا يرون أن ثمة تطورات سياسية طرأت على المشهد السياسي فالقرارات التي صدرت مؤخراً وقبل بضعة أيام من الهدنة المقررة والتي تسبق لقاء الكويت يعتقد بعض المحللين بأنها ستسهم في إنجاح المسار السياسي بتسريع حل المشكلة اليمنية التي صنعتها مليشيا صالح والحوثي واستعادة الدولة إلى الشرعية ونزع سلاح المليشيا وطي صفحة المخلوع وأسرته وتنفيذ القرار ألأممي 2216. لاعتقادهم بأنها آخر محطة للإطاحة بأحد الرموز التي حولها شكوك مع طرفي الانقلاب والاعتقاد بأنها بداية مرحلة جديدة للتخلص من رجل السلم والشراكة الذي أتي به الحوثيين وقبله هادي علی مضض بالعاصمة صنعاء وهو خالد بحاح رئيس الحكومة السابق.
أكثر من عام من الحرب واليمنيون يتجرعون مرارة العيش والتدهور في كل تفاصيل البنية التحتية المنهارة أصلاً وبرغم ان التحالف قد كسر شوكة الانقلابيين وأرغمهم على القبول صاغرين للحوار تحت سقف القرار الأممي إلا أن هذا لا يعني نصراً مطلقاً للشرعية او التحالف والذين اظهروا عجزهما في الإطاحة بالانقلاب في الشهور الأولى لانطلاقة ما أسموه بعاصفة الحزم ، مع أن اليمنيون يطلقون عليها عاصفة العجز وذلك مقارنة بالإمكانيات ومقدرات التحالف والشرعية التي كانت تلتف حولها أغلبية الشعب اليمني وعجزهما اظهر قوة مصطنعة لطرفي الانقلاب بل وجعل البعض يتلف حولهما على الأقل في مناطق أعالي الشمال التي لازالت تحت سيطرة تحالف الانقلاب.
باختصار يمكن القول بأن المشروع السعودي الذي اخفق في حسم المعركة بعد أكثر من سنة وحتى يتمكنون من حماية الامن القومي لكل الخليج سيأتون للالتفاف من الباب الخلفي كما في مصالحة 1970م طبعا مع فارق الظروف المستجدة الإقليمية ، في حين يعتقد البعض بأن هذا القرار يعكس رغبة ملحة لهادي لإفشال المفاوضات وسد الطرق أمام أي بوادر لحل سياسي.
اللافت ومع قرب لقاء الكويت المرتقب يبدو أن طرفي الصراع في اليمن كل يتخندق بموقفة فالحوثيين مهومون كعادتهم بالنصر المؤزر على اعتبار ان كل معاركهم السابقة كانوا ينجون منها في آخر لحظة ، لكن لتلك الرؤية ما يدحضها بالنظر لواقع الحال اليوم يمنيا وإقليمياً فبعد أكثر من عام من هذه الحرب المدمرة والتي سبقها فتوحات وإسقاط مدن ليس أمام الحوثي إلا أحد أمرين: إما أن ينفذ القرارات الدولية أو ينفذه فالحل في اليمن عربيا كمان كان قبل تدويله
فالحوثيين يصرون وباستمرار على المراهنات الخاسرة لهم (طبعاً) ويؤكدون ذلك قولاً وفعلاً .. وبطريقة عملية فقبل لقاء الكويت المرتقب بمحاولة إعادة التموضع في الوازعية بل ويحاولون استعادة قاعدة (العند) ، بالطبع إلى جانب إعادة حصار تعز وإجمالاً من يقايض عبر التفاوض بألآم الشعب ومعاناته ومن موقع الغلبة ، ويسّخر الاعتبارات الإنسانية لمجرد مكاسب سياسة مؤملة بداهة يخسرن أخلاقياً قبل الانتكاسة السياسة المروعة ، وكما يقول مصطفى محمود في كتابه ( الإسلام السياسي) : « بأن شهوة الحكم اذا أصبحت حلم المناضل المسلم فأنه غالباً ما يفقد إسلامه قبل أن يصل إلى الكرسي ! ».
وقديماً قالت العرب: رب ضارة نافعة ، ووفق هذه الرؤية ربما يمكن القول أن نجاح لقاء الكويت يكمن في فشله !
* كاتب ودبلوماسي يمني