نهاية المغامرة التركية في سورية

mainThumb

03-04-2016 12:35 AM

رغبة من المحاور الإستعمارية لإسقاط الدور العربي السوري وتجريد سورية من دورها ورسالتها الحضارية، كانت دهاليز ومطابخ السياسة الأمريكية التركية تكتظ بالكثير من المؤامرات على سورية والسوريين، وكان للتآمر والعدوان سيناريوهات وملفات مكتملة الفصول، وكانوا يعوّلون على أدواتهم وعملائهم في سورية لإدخال السوريين في أتون الصراعات والحروب التي لا تنتهي لتنفيذ أجنداتهم وأهدافهم في منطقتنا وجر سورية إلى مربع الإرتهان والتبعية للمشروع الاستعماري.
 
خمس سنوات من الحروب والمؤامرات كانت تركيا المتربصة بسورية صاحبة الحضور الأبرز فيها والمدبر والممول لمعاركها والمستفيد الأول من نتائجها، فتركيا فاعل ومؤثر في الصراع السوري، كونها تمارس تأثيراً قوياً على المعارضة المسلحة، إذ تزود مقاتليها بالمال والسلاح والصواريخ المضادة للدبابات في سبيل الإطاحة بنظام الرئيس الأسد، وإلى جانب دعمها للمعارضة، تحاول بسط نفوذها في سورية عبر قنوات غير معلنة، إذ تدعم جماعات معارضة أخرى تعمل تحت واجهات إسلامية، وذلك عبر توفير التدريب والسلاح لها.
 
في إطار ذلك إن التوقعات التي خططت لها تركيا وحلفاؤها جاءت في غير صالحهم، لو تابعنا المسار الذي رسمته تركيا  في سورية والتي وضعت به كل إمكاناتها، نجد بأنها خسرت رهانها لذلك نرى إن سياسة أنقرة تجاه سورية في حالة يرثى لها وتعاني من ضربات مستمرة، فاليوم هناك  فارق هائل في قراءة المشهد السوري، إنطلاقاً من وقائع الميدان، فبعد سيطرة الجيش السوري على مدينة تدمر والمناطق المجاورة لها بدت المسألة أقرب الى الحسم النهائي من أي وقت آخر، بذلك تبدو تركيا المتضرر الأكبر وهي تراقب إعادة تشكيل المنطقة على وقع تنسيق روسي ــــ أميركي، وتسوية إيرانية ــــ أميركية، وتطورات ميدانية قلبت الموازين على الأرض السورية، فالرئيس الروسي بوتين لم ينسى ويغفر للرئيس أردوغان إسقاط الطائرة الروسية، والرئيس أوباما لن يستقبله على هامش قمة الأمن النووي التي تستضيفها أمريكا هذه الأيام ، فضلاً عن تقدم الجيش السوري وحلفاؤه في الشمال والجنوب، الذي شكّل ضربة قوية للدور التركي في سورية.
 
بعد كل هذه السنوات من الأزمة وبفضل تضحيات وصبر وصمود الشعب االسوري وإنتصارات الجيش السوري وحلفاؤه، وصمود الدولة التي راهن المتآمرون على سقوطها، يكاد الوضع العام ان يكون طبيعياً، والصورة مختلفة تماما، ورهانات العدوان فشلت وسقطت، ومعنويات الشعب السوري وجيشه وجهوزيته العسكرية عالية، كون  الوحدة الوطنية السورية متماسكة، والقضية واضحة لدى أبناء الشعب السوري وأبعاد التدخل التركي وأهدافه الخبيثة تكشفت للسوريين، وإنفصخت أمام العالم بما إرتكبه من جرائم كبرى بات حتى حلفاؤه الأمريكان والغربيين يتبرأون منها .
 
على الجانب الآخر فإن داعش ومرتزقته في مأزق حقيقي إذ أصبح في حالة من التشظي والتخبط والانقسام والتناحر، في إطار ذلك أصبح استمرار التدخل التركي وارتكابه المزيد من الجرائم والمغامرات العسكرية يعني المزيد من الغرق في المستنقع السوري المعد بإحكام لابتلاعهم وتلاشيهم في عمق الأراضي السورية، أما إقليمياً ودولياً تسير اﻷحداث والمواقف في سورية لغير صالح تركيا وحلفاؤها، وثمة مؤشرات روسية وإيرانية وغيرها من الدول الصديقة تدل على ان الرياح تسير لغير صالح الهوى التركي في سورية والمنطقة، وبذلك فقد التدخل التركي في سورية كل مبرراته ودواعيه لدى الاتحاد الأوروبي والدول الغربية وداخل الادارة الامريكية التي أعلنت على لسان رئيسها أوباما تنصلها من المغامرات التركية وحروبها الطائفية.
 
وفي الاتجاه الآخر أخطأت تركيا في قراءة إنسحاب القوات الروسية من سورية، كما أخطأ خصوم سورية في قراءة حجم انخراط روسيا في سورية ومدى جديّتها في الاستمرار المعركة لمكافحة الإرهاب وإجتثاثه من جذوره، بذلك استشعر خصوم واعداء سورية  ضعفاً كبيراً، وهو ضعف تحكم الى درجة كبيرة في طبيعة المقبل من الخيارات والمعطيات، فقد ظنت تركيا أن التوغل في الشمال السوري سيكون عبارة عن انكسار وهزيمة  للجيش السوري وهكذا راكم خطأ التقدير سلسلة طويلة من الخيارات الغير السليمة والغير صحيحة، والتي كان لها أثر مباشر في كسر هيبة تركيا ودورها المؤثر في المنطقة.
 
مجملاً.... إن تركيا تلعب بالنار، ولكنها نار مختلفة هذه المرة وتزداد قوة وقد تحرق أصابع أخرى، وإنطلاقاً من ذلك يمكنني التساؤل هل تبدأ أنقرة بمراجعة حساباتها، خاصة بعدما شعرت بإرتفاع المعنويات لدى الجيش السوري وحلفاؤه في المرحلة الراهنة؟ وهل بدأت تركيا بدفع الثمن كونها طرفاً  أساسياً في الأزمة السورية؟، فالمأمول هنا آن تدرك أنقرة حجم المغامرة التي يدفعها الأمريكي وحليفه العربي اليائس نحوها، وأن تبادر الى مراجعة حساباتها، وتجنب التورط بقدر الإمكان بالمستنقع  السوري، والجنوح الى لغة العقل والمنطق والسلام التي تدعوا اليها الحكومة السورية بإستمرار، فالحقيقة التي يجب أن ندركها بيقين بأن هذا العام سيكون عام المغامرات والمفاجآت، فالمنطقة مقبلة على تغييرات كبيرة، وها نحن نعيش انتصارات سورية وتراجع أعدائها بعد سنوات من الفشل والهزائم المستمرة.
 
Kaym1979@yahoo.com


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد