ليست المرة الأولى التى أكتب فيها بأن سورية عبر التاريخ كانت وما تزال تشكل الصخرة التي كانت ترتكز عليها الأمة العربية، فعندما يحاول الاستعمار أن يغزو هذه الأمة سواء بحرب مع إسرائيل أو عبر المجموعات المرتبطة بالخارج مثل داعش والقوى المتطرفة الأخرى، فإنه يستهدف الجيش العربي السوري لأنه أكبر عقبة أمام السيطرة على هذه الأمة، لكن اليوم بعد المعارك المستمرة والمستعرة وصمود الجيش السوري في تدمر، جعل داعش تضع كل ثقلها في المعركة، لأنها أدركت بأن عجزها وخسارتها في المدينة، سيشكل بداية لإنهيارها وزولها، وإنطلاقاً من ذلك يؤكد المقاتلون السوريون أن بداية نهاية التنظيم ستكون على أيديهم، وأن انتصارهم في تدمر سيؤسس لعملية استنهاض ليس فقط على صعيد سورية، ولكن على صعيد المنطقة بأكملها.
اليوم داعش تنهار أمام قوات الجيش السوري بعد أن إنهزمت في تدمر وتم تحريرها في واحدة من أروع صور التحدي والصمود شاركت فيها المقاومة لكي تؤكد وجودها ووجود الوطن معززاً كريماً خالياً من عصابات داعش، هذا الإنتصار لم يأتي من فراغ بل جاء نتيجة تضحيات الأبطال والشهداء ليؤكدوا إن داعش ليست بهذا التهويل والحجم الذي تحاول بعض القوى إن تجعل منه قوة كبيرة، ، فمعركة تدمر شكلت لوحة إنتصار سوريّة متكاملة الجوانب، ساهمت بشكل كبير في دحر الإرهاب وإدخاله نفق الهزيمة، وهي معركة ستكون لها تأثيراتها في معركة تحرير المناطق الأخرى التي أرى بأنها دخلت قيد التنفيذ، خاصة بعد كشف الخسائر المرعبة للغزاة والمرتزقة في حربهم الخاسره في سورية، خسائر سوداء غيرت كل شيء وأثبت بان الكلمة لرجال الجيش السوري.
فيما تشير المعطيات الى أن العمليات النوعية تقلب موازين الميدان وتجعل مختلف المناطق والمدن السورية عصيةً على داعش والمجموعات المسلحة الأخرى، فأن المعركة البائسة لإسقاط الدولة السورية لم يكتب لها النجاح وكل الدلالات تشير الى صمود النظام وحسمه المعارك الميدانية والدبلوماسية والسياسية، ولم يعد وارداً لدى دول العالم التغاضي عن أهمية دور الجيش السوري بالتصدي لظاهرة الإرهاب، وبالتالي فإن اقتحام قوات الجيش السوري، وبغطاء جوي روسي، مدينة تدمر، ورفع العلم السوري فوق المجمع الحكومي في وسطها، يشكل نكسة كبيرة لداعش، وإنتصاراً أكبر للحكومة السورية وحلفاؤها.
من الواضح ان هناك إتفاقا بين القوتين العظميين،على تصفية داعش وقصقصة اجنحتها في سورية، كمقدمة للقضاء عليها نهائياً، وبدأ تنفيذ هذا الاتفاق في تعزيز الجيش السوري بالتسليح، مما ادى الى استعادة تدمر، وتجفيف منابع الدعم المالي من خلال قصف الشاحنات، وآبار النفط الواقعة تحت سيطرة داعش، وهذا يعني أن داعش وحلفاؤها بانتظار أيام أشد وأعظم من تلك التي مضت.
مجملاً... إن بدائل داعش معروفة وهي مواصلة أعمال العنف والإرهاب، والعمل تحت الأرض وتوسيع دائرة الهجمات، والتحول الى الأعمال والهجمات والتفجيرات الثأرية الإنتقامية، وهذا يؤكد حقيقة واحدة تتمثل بأن القوى الإرهابية غايتها واحدة وهي إستباحة الدم السوري، لهذا فإن المبادرة الحقيقية تتمثل بوقوف جميع القوى السورية يد واحدة لضرب الإرهاب والقضاء عليه خاصة أن الأيام الأخيرة أثبت التلاحم الشعبي الكبير بين الشعب وقواه الوطنية التي أثبتت ولاءها لوحدة سورية وأمنها وإستقرارها، لتطهير أرض سورية من القوى المتطرفة، لذلك نحن على ثقة تامة بأن الشعب السوري قادر على تجاوز وتخطي أزمته ومحنته الراهنة بفضل تماسكه ووحدته الوطنية، لأنه يدرك جيداً دوره في المنطقة لمواجهة كل المشاريع الإمبريالية الرامية الى تجزئة وتقسيم الوطن السوري الكبير، وخلاصة القول إن الانتصار في معركة تدمر سيكون نقطة اللاعودة في طريق القضاء على داعش والقوى المتطرفة الأخرى التي بدأت بالهروب والفرار وذلك لجدية الجيش السوري في تطهير تلك المناطق، خصوصاً بعد أن حقق بالتعاون مع رجال الحشد الشعبي تقدما كبيراً في مختلف المحافظات والمناطق التي تعج بالإرهابيين.