متى يلقي الأسد خطاب النصر؟

mainThumb

02-03-2016 09:03 PM

في حديث للرئيس السوري بشار الأسد مع التلفزيون الألماني  ARD، وجه الرئيس عدة رسائل قوية إلى جهات مختلفة من العالم مفادها أن سورية دولة قوية وذات إرادة حرة، وبأنها تجاوزت الامتحان الصعب عندما إستعادت روحها وطهرت جسدها من دنس المشروع الغربي الذي كان يستهدف، بالأساس استقلالها الوطني عن طريق تدمير وتقسيم سورية الى فدراليات، واليوم بات واضحاً أمام الجميع أن العالم عاد ليعترف ليس فقط بشرعية النظام الحاكم في سورية، وإنما أيضاً بقدرة السوريين على التحدي وكسب الرهانات الصعبة، وتجاوز الصعاب، وبأن ما يحدث اليوم في سورية هو التحام إستثنائي بين الشعب والجيش، هدفه الإنتصار لحكمة التاريخ ولطبيعة الجغرافيا ولعبقرية المكان، والسؤال الآن متى سيلقي الأسد خطاب النصر على الإرهاب؟.
 
بفضل التطورات الميدانية التي أحرزها الجيش السوري وحلفاؤه على الأرض خلال الشهور القليلة الماضية، تحوّلت سورية من دولة تستقبل الإرهابيين وكان يعدها التنظيم لتكون مركز إنتشاره عبر تأسيس دولة الخلافة المزعومة إلى طاردة  لهم بعدما تمكن الجيش السوري وحلفاؤه من حسم المعركة في الكثير من المناطق المضطربة في البلاد، وفي خضم تزاحم أحداث التقدم السوري في المناطق الخاضعة لسيطرة المجموعات المتطرفة والمليشيات المسلحة، ينهار مشروع جعل داعش قوة راسخة في المنطقة، ويحولها من قوة ماسكة للأرض إلى جماعات مشرذمة تقاتل بيأس، فمنذ إعلان روسيا تدخلاً عسكرياً برياً لمكافحة الإرهاب بعد موافقة الدولة السورية جعل كل من أوباما ونتنياهو وحلفاءهم  يهرولون الى موسكو بعد الدور الذين لعبوه  في دعم الإرهاب وإسقاط الأنظمة وتقسيم المنطقة الى دويلات متناحرة على أساس طائفي.
 
في سياق متصل نرى اليوم إن سياسة أمريكا وحلفاؤها تجاه سورية في حالة يرثى لها وتعاني من ضربات مستمرة، فالأخبار القادمة من حلب واللاذقية وحمص وحماه ودرعا وريف دمشق لم تكن سارة لهم، إذ تعمل سورية على فرض سيطرتها على مختلف المناطق التي كانت تحت سيطرة داعش والقوى المتطرفة الأخرى، بالإضافة الى تأكيد سطوة الدولة وقدرتها على فرض الأمن في مختلف المناطق السورية، وهناك تقديرات يومية وجمع للمعلومات لما يجري في الميدان، تؤكد أن إمكانية حسم هذه المعارك لصالح الدولة السورية كبيرة، ومن هذا المنطلق إضطرت الأطراف الدولية إلى مراجعة مواقفها، خاصة بعد ما تجلى فشل داعش في توفير أي غطاء شعبي لمخططها، بل أدى عنفها إلى إرتفاع درجة الكراهية معها وتعالت المطالبات الشعبية بإسقاط المشروع التكفيري بالمنطقة، حتى لا يتمدد بعد سورية والعراق الى  الدول الأخرى.
 
في السياق ذاته صمدت سورية أمام الهجمة الشرسة التي فرضتها عليها أمريكا وحليفتها إسرائيل، ودعمتها تركيا ومعظم دول الخليج، ووقفت أمام مشروع الشرق الأوسط الجديد، بعد أن بدأ الرهان على سقوطها، خصوصاً بعد سقوط أنظمة كبرى مثل العراق وليبيا، ولو تابعنا المسار الذي رسمه الأعداء في سورية والتي وضعوا به كل إمكاناتهم من أجل تفكيكها وإسقاط نظامها، نجد بأنه لم ينفع لإسقاط الدولة السورية بل فشلوا وسقطت كل أقنعتهم ورهاناتهم، خاصة بعدما أثبتت المعارك إصرار الجيش السوري على تحرير جميع الأراضي السورية التي سيطر عليها داعش، والتي تأتي كحلقة جديدة في سلسلة المعارك البطولية لقواتنا المسلحة التي تريد معاقبة وتدمير القوى المتطرفة على جرائمها التي ارتكبتها بحق أبناء الشعب السوري، في وقت أكد فيه الرئيس الأسد أن الشعب السوري يُثبت مرة أخرى قدرته على العمل سوياً من أجل حماية بلده من الإرهاب.
 
في إطار ذلك لا نقف اليوم لنحصي جوانب النصر، بل سنتركه للمحللين العسكريين لكننا سنقف عند المعنى الأبرز للنصر، وهو صورة التكاتف السوري هذا هو إنجازنا الأعظم الذي سيصبح الخط الأحمر الذي لا يمكن تجاوزه  بأي شكل من الاشكال، وبطبيعة الأمر، فإن توسع القوات السورية في عملياتها، خلق بيئة مناسبة للمصالحة واستقطاب أفراد من المناطق كانوا انضموا للعصابات الإرهابية وحسب العديد من المحللين، فإن المصالحة مع كافة أبناء الشعب السوري ستكون الرصاصة الأخيرة في قلب داعش والإرهاب.
 
مجملاً.... يمكنني القول أن اللعبة إنتهت بالنسبة لأدوات أمريكا في سورية  بعد أن قرر حلفاء دمشق قلب الطاولة على الجميع في المنطقة، ولم يعد بإستطاعة أحد تحدي روسيا التي جاءت بكل ثقلها لضرب الإرهاب والدفاع عن سورية، وأصبحت المواجهة مع أمريكا وحلفاؤها وجهاً لوجه، وبذلك أسقط قرار روسيا وإيران وحزب الله الإنخراط عسكرياً في الساحة السورية الرهان على إسقاط سورية وغيّر ميزان القوى في منطقة الشرق الأوسط برمتها، وبإخصار شديد لقد انتصرت سورية، وانتصر من راهن على شعب سورية، أما من راهن على الجماعة الإرهابية فلا عزاء له، وما عليه إلا البحث عن سلم للنزول من على الشجرة التي ورط نفسه بالصعود إليها نتيجه الاندفاع اللامحسوب والعمى الإستراتيجي، كل ذلك يؤكد بان خطاب النصر النهائي بات أقرب مما يتصورون، وأن معارك داعش تشارف على نهاياتها وأن السوريين أقوى من كل المؤامرات التي تحاك ضدهم والمنطقة بأكملها.


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد