نعم انتهت الأزمة السورية .. ولكن !!‏

mainThumb

20-12-2015 10:53 AM

خسر خصوم سورية الرهان بعد خمس سنوات من المناورات الإقليمية والدولية التي استعملت فيها كل وسائل ‏الحروب الباردة والساخنة، فمسلسل تدحرج الإرادات متواصل منذ ذلك الوقت حتى لقاء‎ ‎نيويورك‎ ‎الذي جمع ‏اللاعبين الكبار الفاعلين في الأزمة السورية، فالسؤال الذي يفرض نفسه بقوة هنا هو: ما الذي جعل المعارضة  ‏تقبل بالحوار مع النّظام السوري بعد أن حدّدت وثيقة الدوحة  عدم القبول بالحوار وعدم القبول بأقل من سقف ‏سقوط النّظام في سورية؟ ولماذا تخلى الغرب، وأمريكا‎ ‎على وجه الخصوص، عن فكرة دعم فصائل المعارضة ‏المسلحة والقوى المتطرفة الأخرى، وتوجيه تحذيرات واضحة لدول الخليج وتركيا بعدم دعم هذه المجموعات في ‏سورية؟.‏
 
على الرغم من حدّة المعارك في مناطق سيطرة  داعش والمجموعات المسلحة الأخرى في الشمال السوري، فإن ‏الحرب  التي قادتها أطراف عربية وغير عربية معروفة بغطاء أميركي ضد السوريين لم تحقق مرادها وأهدافها، ‏بل شكّلت مأزقاً لهم، الأمر الذي أحرجهم ودفع بالأزمة السورية أن تأخذ طريقها نحو التسوية السياسية، فقبل عدة ‏ايام عقد في نيويورك مؤتمر بهدف دفع الحوار حول تطبيق مقررات اجتماعات فيينا وتحويلها إلى قرار ملزم في ‏مجلس الأمن الدولي الأمر الذي ما كان ليتم لولا التزام القوى الكبرى بمبدأ القبول لحل الأزمات الدولية وخاصة ما ‏يتعلق بالأزمة السورية، ما يعني أن أمريكا تبنت في النهاية الرؤية الروسية للحل في سورية، وهو ما أكده الوزير ‏الأمريكي كيري بقوله، إن "موقف مؤتمر الرياض غير مرتبط بالمفاوضات ويجب التركيز الآن ليس على ‏خلافاتنا في شأن ما يمكننا أو ما لا يمكننا فعله على الفور بخصوص الرئيس الأسد... فالسوريون هم من يقررون ‏مستقبل سورية  ومن يحكمها"، بدأ الغرب يعترف بالحقيقة وهي أن الخطر الأساسي على المنطقة، وعلى ‏مصالحه، لا يتمثل في نظام الأسد، وإنما في إحتمال إستيلاء الإرهابيين في سورية ودول أخرى في المنطقة على ‏السلطة وبذلك أصبحت قضية مصير الأسد وراء ظهره، وباءت مقررات مؤتمر الرياض لما سمي بالمعارضة ‏المعتدلة بالفشل، وفي الإتجاه الأخر لم يعد لتركيا أي دور في سورية، وهذا يعني أن أمريكا  نزعت  الغطاء ‏العسكري عن أردوغان، وذلك من خلال مطالبتها تركيا بغلق حدود بلادها مع سورية بالكامل وإنهاء عملية مرور ‏المقاتلين عبر اراضيها  ووضع حد لتجارة النفط المهرب من سورية.‏
 
في هذا الإطار ما كان لهذا التوافق والتنسيق أن يتم لولا إفلاس الرئيس أوباما وحاجته‎ ‎لإنتصار معنوي على ‏الإرهاب يحفظ ماء وجهه، ويعطي لحزبه ورقة ثمينة يستثمرها في الحملة الانتخابية للرئاسة المقبلة والتي يدور ‏محورها الأساس حول الإرهاب، بالإضافة الى تفهم الدول الداعمة للمعارضة لقوة النظام السوري والدعم ‏الخارجي له، سواء كان الروسي أو الإيراني والاستعداد للدخول في حرب عالمية ثالثة لمنع سقوط دمشق اذا ‏اقتضى الأمر ، وبذلك تيقنت معظم الدول العربية الداعمة للمعارضة المسلحة بان الحل السلمي هو المخرج الوحيد ‏للأزمة، مما يعني الاعتراف والتسليم باستمرار النظام وفتح ابواب الحوار معه، ومن هنا أدركت أمريكا أن ‏الإستمرار في هذه الحرب فيه خسارة لدول التحالف، وستكون له انعكاسات سلبية على أمن دول الغرب ‏وحلفاؤها، وسيؤثر على الوضع السياسي فيها، بسبب الاختلاف في وجهات نظر رؤساء هذه الدول حول جدوى ‏هذه الحرب، نظراً إلى أهمية سورية  في المنطقة وموقعها الإستراتيجي في الإقليم لذلك زادت أميركا من ضغطها ‏على السعودية وحلفاؤها للقبول بالمفاوضات بشأن الأزمة السورية.‏
 
في سياق متصل أصبح هناك توافق أمريكي روسي حول الحل في سورية، ويمكن إيجازه بمسألتين أساسيتين ‏،أولهما، فقد إنتهى الرهان على الحل العسكري من خلال ورقة التنظيمات الإرهابية لتغيير النظام في سورية بالقوة ‏وتجفيف منابع تمويل الإرهاب وسحق التنظيمات المصنفة إرهابية، بالإضافة الى إدماج الجماعات المسلحة "غير ‏التكفيرية" في المنظومة الأمنية السورية للمساهمة في محاربة الإرهاب والحفاظ على وحدة الأراضي السورية ، ‏وثانيهما رفض أية محاولة خارجية وأن مصير سورية ومستقبلها يظل بيد السوريين حتى يتجاوزوا محنتهم ‏القائمة منذ قرابة خمس سنوات‎.‎
 
قبل أسابيع من نهاية هذا العام، تبدو جَردة الحساب ضرورة مهمة، لتحديد بوصلة السنة المقبلة، مع ما تحمله من ‏تحديات ومآلات ، وردا على سؤال حول الوقت الذي سيتم التوصل من خلاله لإنهاء الأزمة وإنهاء الصراع في ‏سورية، قال الرئيس الأسد "إذا اتخذت البلدان المسؤولة التدابير اللازمة لوقف تدفق الإرهابيين وإغلاق الحدود ‏أمام ذلك الإرهاب المتسلل من خلال بعض دول المنطقة، ووقف الدعم اللوجستي لهم أستطيع أن أضمن أن الأمر ‏سينتهي خلال أقل من عام، في إطار ذلك يمكنني القول إن هذه المعطيات تدل على أن ظروف التسوية في سورية ‏قد أصبحت ناضجة، لكن في الوقت نفسه لا نستطيع الجزم بأن نتائج المفاوضات ستكون إيجابية، بسبب تعقيدات ‏هذه الأزمة، ووجود تفاصيل كثيرة تحتاج إلى نقاش طويل وجريء، والجميع يعلم أن أمريكا وحلفاؤها تكمن في ‏التفاصيل،  لذلك لا بد للاعبين الإقليميين والدوليين البحث عن حلول أو أنصاف الحلول لإيجاد أرض مشتركة ‏يلتقون عليها في إدارة أزماتهم والحد منها وإيجاد المخارج المناسبة لها.‏
 
Khaym1979@yahoo.com


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد