كيف تنهار الدول ؟

mainThumb

19-12-2015 02:52 PM

ليس لدي عجز في المقالات الجاهزة ولا كتابة الجديد منها، ‏ولكنني اليوم اخترت امرا تاريخيا رائعا يتحدث حول كيفية ‏انهيار الدول في حادثة تاريخية تعود الى زمن السلطان ‏العثماني سليمان القانوني رحمه الله والذي عاش سبعين سنة ‏بين (1494م-1566م) وحكم 46 سنة، وكان يتقن عدة لغات ‏هي: العربية والتركية والفارسية والصربية الجغائية (لغة من ‏مجموعة اللغات التركية مرتبطة بالأوزبكية والأيغورية، ‏ويحفظ القران الكريم غيبا. وحكم 46 سنة.‏
 
وهو سليمان الأول بن سليم خان الأول (الذي احتل بلاد الشام ‏والأردن ومصر).  كان عاشر السلاطين العثمانيين وخليفة ‏المسلمين، وثاني من حمل لقب "أمير المؤمنين" من آل ‏عثمان. بلغت الدولة الإسلامية في عهده أقصى اتساع لها حتى ‏أصبحت أقوى دولة في العالم في ذلك الوقت. ‏
 
‏   وهو صاحب أطول فترة حكم من 6 نوفمبر 1520م حتى ‏وفاته في 5/6/7 سبتمبر سنة 1566م خلفاً لأبيه السلطان ‏سليم الأول وخلفه ابنه السلطان سليم الثاني. عُرف عند الغرب ‏باسم سليمان العظيم وفي الشرق باسم سليمان القانوني، لما قام ‏به من إصلاح في النظام القضائي العثماني. ‏
أصبح سليمان حاكمًا بارزًا في أوروبا في القرن السادس ‏عشر الميلادي، وكان يتزعم قمة سلطة الدولة الإسلامية ‏العسكرية والسياسية والاقتصادية. ‏
 
‏   قاد الجيوش العثمانية لغزو المعاقل والحصون المسيحية في ‏بلغراد ورودوس وأغلب أراضي مملكة المجر قبل أن يتوقف ‏في حصار فيينا في 1529م. كما ضم تحت حكمه أغلب ‏مناطق الشرق الأوسط في صراعه مع الصفويين ومناطق ‏شاسعة من شمال أفريقيا حتى الجزائر.  سيطرت الأساطيل ‏العثمانية زمنه على بحار المنطقة من البحر المتوسط إلى ‏البحر الأحمر حتى الخليج العربي. ‏
 
في خضم توسيع الإمبراطورية، أدخل سليمان إصلاحات ‏قضائية تهم المجتمع والتعليم والجباية والقانون الجنائي. حدد ‏قانونه شكل الإمبراطورية لقرون عدة بعد وفاته. لم يكن ‏سليمان شاعراً وصائغاً فقط بل أصبح أيضاً راعياً كبيراً ‏للثقافة ومشرفاً على تطور الفنون والأدب والعمارة في ‏العصر الذهبي للإمبراطورية العثمانية.‏
 
يعتبر بعض المؤرخين هذا السلطان أحد أعظم الملوك لأن ‏نطاق حكمه ضم الكثير من عواصم الحضارات الأخرى ‏كأثينا وصوفيا وبغداد ودمشق وإسطنبول وبودابست وبلغراد ‏والقاهرة وبوخارست وتبريز وغيرهم. ‏
 
وقد رأيت تضمن الخاطرة التالية لمقالي وهي بعنوان كيف ‏تنهار الدول؟ (قصة تاريخية)   منشورة في موقع مجلة حراء ‏والخاطرة بقلم أورخان محمد علي 
‏.‏
 
نص الخاطرة: ‏
 
كان عهد السلطان سليمان القانوني -في رأي معظم ‏المؤرخين- هو العهد الذهبي للدولة العثمانية. فقد اتسعت ‏حدود الدولة وفتحت بلدان وأمصار عديدة في هذا العهد، وعمّ ‏الرخاء والرفاه جميع أنحاء المملكة. ولكن السلطان سليمان ‏كان يعلم من استعراض التاريخ أن كل دولة قوية لا بد أن ‏تضعف وتدبّ فيها عوامل الضعف والانحلال.. إذ لكل أمة ‏أجل.. فهل سيكون هذا هو مصير الدولة العثمانية أيضا؟ أليس ‏هناك من مهرب من هذا المصير؟ بدأت هذه الأسئلة بإشغال ‏فكره عدة أيام يحاول أن يجد لها جوابا.‏
 
وعندما طال تفكيره وحيرته قرر طرح هذا السؤال وهذا ‏الموضوع على العالِم المشهور “يحيى أفندي” الذي كان في ‏الوقت نفسه أخاه من الرضاعة. لذا كتب له رسالة ضمّنها ‏سؤاله. كان هذا العالم يقيم في تكية في منطقة “بَشِكتاش” في ‏إسطنبول. كتب إليه يقول بعد الديباجة الاعتيادية: “أنتم ملمون ‏بمعرفة العديد من الأسرار، لذا نرجو منكم أن تتلطفوا علينا ‏وتُعلمونا متى تنهدم الدول؟ وما عاقبة الدولة العثمانية ‏ومصيرها؟”.‏
 
كان جواب يحيى أفندي جوابا قصيرا ومحيِّرا في الوقت ‏نفسه. قال في جوابه: “ما لي ولهذا أيها السلطان؟ ما لي أنا؟”.‏
 
تعجب السلطان سليمان من هذا الجواب وتحير. أيوجد في هذا ‏الجواب معنى سرّيّ لم يفهمه؟ ولم يجد حلاًّ سوى الذهاب ‏بنفسه إلى يحيى أفندي في تكيّته. وهناك كرر السؤال نفسه ‏وأضاف في لهجة يشوبها العتاب: “أرجو منك يا أخي أن ‏تجيب على سؤالي وأن تعد الموضوع جديا واخبرني ماذا ‏قصدتَ من جوابك؟”.‏
 
قال يحيى أفندي: “أيها السلطان! إذا انتشر الظلم في بلد وشاع ‏فيه الفساد وقال كل من سمع وشاهد هذا الظلم والفساد “ما لي ‏ولهذا؟” وانشغل بنفسه فحسب.. وإذا كان الرعاة هم الذين ‏يفترسون الغنم، وسكت من سمع بهذا وعرفه.. وإذا ارتفع ‏صراخ الفقراء والمحتاجين والمساكين وبكاؤهم إلى السماء، ‏ولم يسمعه سوى الشجر والمدر… عند ذاك ستلوح نهاية ‏الدولة. وفي مثل هذه الحال تفرغ خزينة الدولة، وتهتزّ ثقة ‏الشعب واحترامهم للدولة، ويتقلص شعور الطاعة لها، وهكذا ‏يكون الاضمحلال قدَرا مكتوبا على الدولة لا مفر منه أبدا.” ‏‏(من موقع مجلة حراء).‏


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد