اخبار مؤلمة تنتظر مصابي حافلة الموت

mainThumb

28-01-2008 12:00 AM

السوسنة - بشغف طفولتها التي ادمتها حادثة الحافلة،تتحفز فرح لكل شخص يدخل غرفة العناية المركزة التي تؤيها .. ترمقه بنظرة امل عله يكون امها التي لا تغيب في مثل هذه الظروف.  لكن الام غابت!! ورحلت إلى غير رجعة تاركة فرح ومحمد يئنان تحت وطأة الالم وشدة الاصابة، وبانتظار قادم الايام .. من سيخبرهم وكيف ومتى برحيل الحضن الحنون وان امهما ماتت بحادث سير اليم ، قتل الصغير قبل الكبير دون ان يستثني حتى من هم في الارحام اجنة.

اثناء تواجدنا في غرفة العناية بمستشفى الاسراء.. حيث سرير فرح البستنجي ابنة العشر سنوات، التي استفاقت لبرهة ونظرت في وجوهنا ثم طفرت من عينها دمعة حزن تتفطر لها القلوب وبدأت تنادي " بدي ماما .." لكن هيهات .. اعترانا صمت قاتل.. لم يكسر حدته إلا دمعات سالت على الخدود.. كأنها تعلن للصغيرة أن "ماما" ذهبت إلى غير رجعة.

من يجرؤ ان يخبر هذه الصغيرة التي كانت تغفو للحظات.. ثم تعود لتصحو وتسأل "وين ماما ".. بالحقيقة .. ومن يمتلك القدرة على الكلام، في حضرة "فرح" التي كان جسدها يتلوى من شدة الألم وتعلو وجهها الجراح التي ستبقى شاهدة على ما حصل في ذاك اليوم الاليم .. كلنا يبحث ولو عن كلمة واحدة، تخفف عن هذه الصغيرة آلامها.. ولكن هيهات ..فالكلمات تأبى الخروج وتمر اللحظات ثقيلة وأقسى من الصوان.

وتصر فرح بعنادها الطفولي أن تخبرنا بما شاهدته في تلك الثواني من الحادث وتقول "لا ادري ما الذي حدث .. كل ما اتذكره أنني كنت القي برأسي على كتف أمي واحلم بالعودة إلى المدرسة لاخبر صديقاتي عن رحلة العقبة.. وتتابع بصوتها الطفولي :سمعت صرخات تعلو في الباص... لا أعرف ما الذي جرى.. سمعت أصواتا كثيرة.. لكنني لم أسمع صوت أمي.. "أريد ماما " كانت أخر كلمات قالتها قبل أن تستسلم للسبات من جديد!!

" هول الصدمة كبير على فرح ".. يقول احد الاطباء في المستشفى .. ويتابع " فرغم الجرح العميق في رأسها والكسر المركب في ركبتها الا ان الجرح النفسي يبقى اعمق واشد ايلاما ويحتاج الى زمن طويل ليشفى".

وهناك مفاجأة أخرى بانتظار فرح ذلك ان الحادث نال من جسد شقيقها محمد ابن الست سنوات وترك علامات فارقة بوجهه الوردي تؤشر لبشاعة ما حدث ،فضلا عن عظامه التي تكسر منها الكثير وهو يرقد على سرير الشفاء في مستشفى الملكة علياء.

رحلة الموت التي اودت بحياة 21 شخصا واصابت 33 اخرين وسقوط 3 اجنة من ارحام امهاتهم واحدة من سلسلة حوادث عديدة تشهدها طرق المملكة والتي في اغلبها ترجع لاخطاء مرتبطة بالقيادة والسرعة والتهور.

وتبقى كلمات الام غادة الحموري الموجودة تحت العلاج في المستشفى ماثلة في الوجدان بما تحمله من تفاصيل مؤلمة ومأساوية.. فهي الاخرى لا تعلم انها لن ترى صغيرتها بعد اليوم ولاشيء على لسانها سوى "طمنوني على بنتي الصغيرة .. حكولي انها بمستشفى ثاني ودوني عندها ".

الشيء الذي لا تعلمه الام غادة انه وبالتزامن مع وجودنا في غرفتها وقت الظهيرة كان جثمان ابنتها الطهور يوارى الثرى مع بقية جثامين رحلة الموت.

والحكاية ذاتها تكررت لكن هذه المرة مع محمد الروسان الذي تعرض لكسور بالغة غيرت ملامح وجهه واجريت له عملية جراحية استغرقت سبع ساعات في مستشفى الملكة علياء لترميم الكسور التي طالت وجهه.

محمد عاد من اسبانيا قبل ايام بعد غياب طويل عن اهله وعن شريكة عمره التي كانت تحمل في رحمها طفلا سيحمل اسمه.

ما الذي حدث؟؟ … هو الموت ذاته سرق زوجته ايمان ملكاوي ومعها جنينها فيما تخبئ الايام القليلة القادمة لمحمد خبر الفاجعة.

في غرفة محمد جلست والدته مفترشة الارض تقرأ بعض الايات وتدعو في سريرتها لابنها بالشفاء وان يلهمه الصبر لتحمل المصيبة رغم ان مصابها هي الاخرى اشد وابلغ.

مشاهد اخرى لاتقل مأسوية عن سابقاتها .. فبعض الجرحى كما يقول الاطباء سيعيشون بقية عمرهم بشلل نصفي والبعض استئصلت من جسده اعضاء حيوية كما هو حال عمر احمد علي والذي تهتكت كليته وطحاله وتعرض القولون لجرح بليغ.

ويقول شقيق عمر والالم يعتصره " غاب عنا 25 يوما بحكم وظيفته في الجيش وياليته بقي في الجيش ولم يعد بهذه الحالة".



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد