نحن المقصرون

mainThumb

23-10-2007 12:00 AM

ردود الفعل التي خرجت في وسائل الاعلام على الاساءة التى حملها مسلسل الملك فاروق للجيش الاردني ومشاركته في حرب عام 1948 تمثل نوعاً من الغيرة على الاردن والانصاف لهذا الجيش الذي كان له حضور مشرف، بخاصة في القدس، رغم قلة الامكانيات والانتداب البريطاني على الاردن والقيادة الاستعمارية البريطانية، لكن القيادة والضباط والجنود كانوا مخلصين لعروبتهم ووطنهم.

لن اضيف تعليقاً جديداً على ما قيل حول ما ورد في المسلسل، لكنني أجدها مناسبة لأكرر اقتراحات اتحدث بها منذ سنوات. اقتراحات يمكن ان تحد من بعض تقصيرنا تجاه تاريخ الاردن الحديث. هذا التقصير الذي حوّل هذا التاريخ إما مادة في الكتب وبعض المذكرات، او حديثاً شفوياً لدى من عاشوا تلك المراحل، لكن حتى الآن لم تقم الدولة ولا القطاع الخاص بدورهما في توثيق تاريخ الدولة في اعمال فنية تُقدّم للأجيال والمشاهدين هذا التاريخ بكل تفاصيله وأحداثه.

لماذا نطلب من دول اخرى أن تتحدث عن دور الجيش الاردني بينما، نحن الأردنيين، دولة وقطاعا خاصا لم نقدم عملاً يتحدث عن معركة الكرامة وشهدائها وبطولات جنودها! كما أننا لا نجد عملا يتحدث عن الجيش العربي في القدس عام 1948، ولا حتى عن التاريخ السياسي للدولة، ولم نشاهد شيئاً عن تعريب قيادة الجيش العربي الاردني!

العديد من مؤسساتنا الخاصة والرسمية تقوم مشكورة بطباعة كتب، ويمكن لهذا الجهد ان يتطور من جهات مختصة ومحترفة لتجسيد تاريخ الدولة في أعمال نعملها لأجيالنا بل حتى لكبارنا، وبدلاً من رفع اصواتنا محتجين (عند كل مسلسل او فيلم او حوار لا ينصف الاردن) علينا ان ننصف انفسنا ونقدم مؤسساتنا وتاريخنا لشعبنا وامتنا. فلو فعلنا ما علينا لوجدنا مادة مؤثرة تصل إلى الناس، وذلك افضل من زفرات الغضب التي يطلقها بعضنا عند كل حادثة.

جميعنا نتحدث عن مسلسل "باب الحارة" الذي شغل الكثير من المجتمعات العربية, وامانة عمان قامت قبل ايام باستضافة اسرة المسلسل وتكريمها، ومثل هذا العمل قدم لنا "رجال الحارة" على انهم ابطال قوميون يقومون بدور مشرف في تهريب وشراء الاسلحة للمجاهدين في فلسطين، وحتى النماذج الرجولية التي قدمتها بعض هذه الشخصيات في خلافاتها مع الحارة الاخرى اصبحت محل اعجاب من صغارنا وشبابنا، وهذا يدلل على دور الاعمال الفنية ليس في توثيق التاريخ وانصاف الدولة بل في بناء ثقافة وطنية.

الاشقاء السوريون نجحوا في تقديم "ابطال حارات الشام القديمة" كرموز للوطنية والعمل العروبي، بينما نحن لا نملك اعمالاً توثق واقعاً وحقائق مشرفة، وربما لو عدنا الى عدد الاعمال التي تحدثت عن حرب رمضان عند الاشقاء المصريين لوجدناها بالعشرات او ربما المئات.

ليس هنالك مشكلة في النص ولا في الممثلين او المخرجين الاردنيين، بل في الارادة. فلنوجه اصابع الاتهام لانفسنا، إذ لم ننصف جيشنا ولا تاريخنا ولا شخصياتنا الوطنية ولا عشائرنا بأدوارها الهامة، ولا حتى مواطننا الاردني صاحب الموقف العربي الصادق والانتماء الفطري.

sameeh.almaitah@alghad.jo



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد