آدميون منتهو الصلاحية

mainThumb

26-10-2007 12:00 AM

قرأت هذا الأسبوع خبرين طريفين فجرا في نفسي فكرة دفينة ، تحارب "الندب المبكر" للشباب بحجة الحرص على "حسن الختام".. الخبر الأول يتحدث عن مسابقة في أوساط المسنات لاختيار ملكة جمال الجدات ، وهي مسابقة لا يقصد منها اختيار ملكة جمال جسدي ، بقدر ما يراد منها بعث الحياة في رتابة حياة المسنين والمسنات ، الذين عادة ما ينظر إليهم باعتبارهم حملا زائدا على حياة الشباب من أبنائهم وأحفادهم.
بمحض الصدفة سمعت بالأمس عن ابن يفرض على أبيه دفع مبلغ سبعين دينارا لقاء "استضافته" في بيته ، بدل أكل وشرب ونوم. تصوروا كم استضاف الأب ابنه دون فواتير ، وتصوروا لو فتح كل اب حسابا لأبنائه سجل فيه مصروفات كل واحد منهم أو منهن وصولا إلى مرحلة بناء الأسرة الخاصة به أو بها، ما علينا ، مسابقة ملكة جمال الجدات ، ربما لا تتفق مع قيم مجتمعنا ، ولكنها علامة على رفض اعتبار الجدات والأجداد "مواد" منتهية الصلاحية ، بل إن ثمة حياة مهمة جدا تبدأ بعد الستين أو السبعين أحيانا ، وربما بعد المائة ، وهذا بالضبط ما حصل مع صديقنا الصيني بان شيتنج الذي اتم العام السادس من عمره ، ولكن بعد المائة ، حيث تزوج الأرمل الصيني من صديقته التي تناهز الحادية والثمانين من العمر.
المعمر العاشق الذي توفيت زوجته قبل 20 عاما تعرف على عروسه الجديدة قبل ثمانية أعوام واعترف بأن حبه لها لم يكن من النظرة الاولى ولكن بعد تأكده من اهتمامها بشئونه وتقبلها لطبيعة شخصيته. ومن قبل قرأنا عن الامريكي هاري ستفنسون الذي كان صاحب الرقم القياسي في زواج أكبر المعمرين سنا حين تزوج عام 1984 عن عمر يناهز 103 أعوام من صديقته تيلما لوكس (84 عاما)..
وحتى في بلادنا ثمة قصص مشابهة ، حيث يتزوج بعض الرجال وهم في سن السبعين والستين ، رغم أنهم يتعرضون للوم شديد من ابنائهم ، وثمة من الأبناء من يمنعون آباءهم من الزواج بالقوة ، بحجة أنهم لا يريدون أن يروا إخوة جددا سيحكم عليهم باليتم المبكر ، والحقيقة أنهم يستكثرون على هؤلاء الإخوة مشاركتهم في الميراث ، هذا حين يتعلق الأمر بالرجل المسن ، أما حين يكون المقصود امرأة أرملة ، فثمة كارثة ستحل بها لو فكرت بالزواج ، بل إن مثل هذه الفكرة لا يمكن ان تخرج خارج إطار الأفكار التي تجول في رأس المرأة ، وربما لا تجرؤ حتى على مجرد التفكير بها ، علما بأن تاريخنا الإسلامي شهد زواج شيوخ كبار في السن ذكورا وإناثا ، ولم يكن مثل هذا الأمر مستنكرا أو مستهجنا ، فالحكمة هنا قول علي رضي الله تعالى عنه: اعمل لدنياك كأنك تعيش أبدا واعمل لآخرتك كأنك تموت غدا.
ويبدو أن هناك فهما اعتسافيا للآية الخامسة عشرة من سورة الأحقاف ، التي يقول فيها رب العزة جلت قدرته: "و?Zو?Zصّ?Zيْن?Zا الإنس?Zان?Z بًو?Zالًد?Zيْهً إًحْس?Zاناً ح?Zم?Zل?Zتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً و?Zو?Zض?Zع?Zتْهُ كُرْهاً و?Zح?Zمْلُهُ و?Zفًص?Zالُهُ ث?Zلاثُون?Z ش?Zهْراً ح?Zتّ?Zى إًذ?Zا ب?Zل?Zغ?Z أ?Zشُدّ?Zهُ و?Zب?Zل?Zغ?Z أ?Zرْب?Zعًين?Z س?Zن?Zةً ق?Zال?Z ر?Zبًّ أ?Zوْزًعْنًي أ?Zنْ أ?Zشْكُر?Z نًعْم?Zت?Zك?Z الّ?Zتًي أ?Zنْع?Zمْت?Z ع?Zل?Zيّ?Z و?Zع?Zل?Zى و?Zالًد?Zيّ?Z و?Zأ?Zنْ أ?Zعْم?Zل?Z ص?Zالًحاً ت?Zرْض?Zاهُ و?Zأ?Zصْلًحْ لًي فًي ذُرًّيّ?Zتًي إًنًّي تُبْتُ إًل?Zيْك?Z و?Zإًنًّي مًن?Z الْمُسْلًمًين?Z" ، حيث يحسب بعضنا أن بلوغ المرء سن الأربعين أو الخمسين يعني أنه شارف على النهاية ، وتبدأ مع هذا الشعور مرحلة ملؤها الندب والبكاء على الشباب ، والشعور بدنو الأجل ، والقعود عن المشاركة في الحياة العامة والعمل ، بحجة الحث على "حسن الختام"، في حفل اختيار ملكة جمال الجدات ، استعرضت النساء "أزياء المطبخ" مثل المآزر والمناديل ، وحملت بعضهن أدوات مثل أطباق الحساء وصينيات للحلويات وسلال الفواكة لاجتذاب لجنة الحكام المؤلفة بالكامل من رجال مسنين ، وهو استعراض يتسق مع "استحقاقات المرحلة" ، ما يعني أن لكل فئة عمرية استحقاقها ، وما يعني أيضا أن الحياة على هذه الأرض لا تنتهي إلا حينما يلقى العبد وجه ربه ، راضيا مرضيا،
al-asmar@maktoob.com



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد