التسمم الذي لا يتوقف

mainThumb

28-10-2007 12:00 AM

حادثة التسمم الجديدة في بلدة ساكب ، لم تكن الاولى من نوعها خلال العام الجاري ، اذ انه عام حوادث التسمم بامتياز ، وهو امر مرشح للتكرار خلال الفترة المقبلة.
تسييس حوادث التسمم ، كان مقبولا ومعقولا ، خلال المرات الماضية ، غير ان استمرار تكرار هذه الحوادث ، يؤشر على ان هناك مشكلة كبيرة في الرقابة وفي البنى التحتية للخدمات ، فالرقابة ضعيفة ويتوجب تشديدها ، والبنى التحتية ، تتعرض الى خراب ، جراء مرور فترات زمنية طويلة عليها ، مما يجعل شبكات المياه مثلا عرضة للاهتراء ، وهو امر سيتزايد ، يوما ، بعد يوم.
حوادث التسمم تشوه سمعة البلد على الصعيد الخارجي ، وتجعل رصيده الذي بناه ، والذي تأسس على الثقة ، يهتز حين تتسمم المياه والمأكولات بهذه الطريقة ، بالاضافة الى ان ثقة الناس ، بالمؤسسة العامة معرضة للتراجع بعد تكرار هذه الحوادث ، فحوداث التسمم كلفتها عالية جدا تتجاوز عدد الذين تسمموا ، نحو الثقة وهي اساس كل شيء.
معالجة حوادث التسمم المستمرة ، تكون بالبحث عن مصادر مالية لتجديد شبكات المياه ، ولتطوير مؤسسات الرقابة وزيادة عدد العاملين فيها ، بالاضافة الى مراجعة اسس الرقابة واليات تنفيذ هذه الاسس ، اذ علينا ان نعترف انه بالاضافة الى كل المشاكل انفة الذكر ، فان عدد السكان قد زاد ، وسعة البنى التحتية تمددت ، مما يجعل الحاجة الى وضع اسس جديدة تراعي التغيير الذي حصل في المجتمع ، والضغط على الخدمات.
اذا كنا خمسة ملايين نسمة ، ويعيش معنا قرابة مليون عربي واجنبي ، ونشهد فلتان الرقابة ، وتأثر البنى التحتية ، بهذه الطريقة ، فكيف سيكون الحال بعد عشرين عاما ، ولعل هذا هو السؤال الذي يطرح نفسه بقوة هذه الايام ، اذا كنا نتحدث عن المستقبل بطريقة منطقية.
حوادث التسمم لم تظهر الا خلال العام الجاري ، بهذا الشكل المتسلسل ، وهي ان ظهرت في اعوام فائتة الا انها بقيت متقطعة ، لكنها ترسل اشارات لم يتم التنبه لها ، ولا ذريعة لاحد تبرر حدوث كل هذه القضايا ، ففي موسم الحج يتجمع ثلاثة ملايين حاج من ثقافات مختلفة ، في مكان محدود ، ولمدة محدودة ، ولا نسمع عن حوادث تسمم جماعي ، على الرغم من وجود الاف المطاعم ، والامراض العادية القابلة للعدوى احيانا ، واذا كانت هناك سيطرة على موسم صعب جدا مثل الحج ، وعلى ما يفعله ثلاثة ملايين حاج ، والخدمات المقدمة لهم ، فلماذا لا تتم السيطرة على الوضع في بلد مثل الاردن ، كل شيء فيه تحت عين الحكومة ، على ما هو مفترض.
من الانصاف ، ان لا يتم تسييس حادثة التسمم الاخيرة في قرية ساكب ، فتسييس حوادث التسمم في المرات الماضية ، لم يؤد لاي نتيجة سوى ارهاق اعصاب الحكومة ، التي عادت اجهزتها هذه المرة وفوجئت بحادثة تسمم جماعي ، مما يجعلنا نطالب الحكومة ، بعقد اجتماع طارئ للبحث في الخلل في البنى التحتية وفي وسائل الرقابة وتقديم خطة ممنهجة لتجاوز هذا الوضع ، الذي سيتكرر في عهد الحكومات المقبلة ، دون ادنى شك.
يبقى محزنا ومثيرا ، ان يتعرض هذا البلد العزيز الى مثل هذه الحكايات ، وقد كنا نقول دائما ، ان زفة العروس تكون في اربد ، والمغنون لها في معان ، دلالة على ان البلد مترابط وكل شيء فيه معروف للجميع ، واذا بهم يريدون ان يشعرونا اليوم ، وكأننا نعيش في بلد مساحته مثل اسيا ، وسكانه كالصين ، فتفلت كثير من القضايا من يد المتابعة ، وهو امر غير مقبول بتاتا.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد