صحة الزعماء .. عندهم وعندنا

mainThumb

31-10-2007 12:00 AM

وفقا لاستطلاع معهد داحف والدكتور مينا تسيمح ، الذي نشرته يديعوت أحرونوت أمس الأول ، فقد ارتفعت شعبية رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت ست نقاط ، من 8 بالمائة في تموز الماضي إلى 14 بالمائة بعد إعلانه شخصيا عن إصابته بسرطان البروستاتا ، وزادت نسبة من يعتقدون بأن أداءه جيد من 35 بالمائة قبل شهر إلى 41 بالمائة بعد مؤتمره الصحفي (الصحي) أمس الأول.
غالبية إسرائيلية واضحة (51 بالمائة) إبلاغ الجمهور بمرض رئيس وزرائه خطوة شجاعة ، 84و بالمائة منهم أكدوا ثقتهم بصحة بيانه الصحي ، وعبّر (87 بالمائة) منهم عن اعتقاده بضرورة أن يواصل أولمرت عمله كالمعتاد ، وقال (61 بالمائة) منهم بأن الخبر مس شغاف قلبه.
والخلاصة أن أولمرت الذي لم ينجح في كسب المعركة على قلوب وعقول الإسرائيليين ، وسجل رقما قياسيا في تاريخ الدولة العبرية من حيث تدني مستوى شعبيته ، نظر إلى ما بين ساقية ، ليكتشف السر الذي سيمكنه من إعادة بناء رصيده الشعبي ، ابتداء من المصابين بالمرض ذاته وهم ثلث البالغين أربعين عاما ونصف من جاوزوا الخمسين ، ومن الرجال طبعا.
اقتصاديا ، لم يتأثر سعر صرف الشيكل الإسرائيلي بالوضع الصحي لرئيس الوزراء ، وحافظت البورصة على مستويات أدائها ، بل وشهدت تحسنا طفيفا عبر عن الثقة المتعاملين لا بصحة أولمرت فحسب بل بصحة النظام الاقتصادي والمالي وعافية النظام السياسي الإسرائيلي ، وسياسيا حظي أولمرت بتعاطف خصومه في الائتلاف والمعارضة على حد سواء ، بل وتلقى فيضا من برقيات الاطمئنان على صحته ، حتى أن أركانا من القيادة الفلسطينية آثروا الاطمئنان على بروستاتا أولمرت على التعزية بضحايا الغارة الإسرائيلية على غزة التي أمر بها صاحب البروستاتا المعطوبة ما أن أنهى مؤتمره الصحفي (الصحي).
في إسرائيل ، تتدهور الحالة الصحية لرئيس الوزراء ، صاحب السلطة والولاية ، والرجل الذي يتبوأ أهم موقع في نظامها السياسي عبر صناديق الاقتراع ، وفي انتخابات (لا استفتاءات) جدية حرة ونزيهة ، لا صورية ولا مزورة ، من دون أن تتدهور البورصات وينهار الاقتصاد والعملة الوطنية ، ومن دون أن تتحول "بروستاتا الزعيم" إلى هاجس مقلق للشعب والجماهير الغفيرة والعريضة ، أو أن تصبح قضية أمن وطني من طراز رفيع.
أما في معظم الحالات ، فإن نتائج فحص البول وتحليل الدم للزعيم تعد من أسرار الدولة العليا ، ويتعرض كل من يبوح بها أو يسربها أو يتجرأ على نشرها والتعليق عليها للملاحقة والمساءلة ، وبتهم قد تصل عقوبتها إلى الحبس المديد ، والحجة المستخدمة أن صحة الزعيم هي ذاتها صحة الوطن والاقتصاد والسياسة والعملة ، فإن سعل أو عطس أصيبت الدولة والوطن والمواطنين جميعا بالزكام والحصبة وشلل الأطفال.
في إسرائيل ، لم يقدم صحفي واحد إلى المحكمة بتهمة تسريب أخبار عن صحة الرئيس ، ولم يتدخل الراباي الأكبر أو الحاخام الأعظم بإصدار فتاوى جلد الصحفيين أو قطع ألسنتهم أو استئصال بروستاتاتهم انتصار للسلطة والسلطان ، أما في العالم العربي ، فثمة قوانين تمنع وأبواق تنتقد وتتهم وفتاوى تتطاير من كل حدب وصوب ، وصحفيون يتنقلون من محكمة إلى أخرى تارة بتهمة إطالة اللسان ، وأخرى بتعريض أمن الوطن واقتصاده وعملته للخطر ، ويأتيك بعد ذلك من يتساءل عن "سر تفوق" إسرائيل علينا ، وتذهب بعض العقول شرقا وغربا في البحث عن ذرائع ومبررات ، لكنني أكاد أجزم بان الحالة الصحية لهذه العقول أشد تدهورا من حالة بروستاتا أولمرت ، أقله لأن الأخيرة خضعت للكشف المبكر ، أما الأولى فقد استشرى فيها المرض وتجذّر مع مرور السنوات والعقود.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد