تنبيه الحائرين إلى أصناف المرشحين

mainThumb

28-10-2007 12:00 AM

من الأسئلة المهمة في سياق الانتخابات هذه الأيام إضافة إلى ملف شراء الأصوات ونقلها من دائرة إلى دائرة على نحو معلن ومحموم ، ذلك السؤال المتعلق بمؤهلات الفوز بالنسبة للمرشحين. وهنا يمكن القول إن الموقف السياسي والبرنامج الانتخابي ليسا على رأس تلك المؤهلات ، مع العلم أن فكرة البرنامج الانتخابي للمرشح المستقل لا تبدو واقعية من الأساس.
وهنا في الأردن لم يترشح في الانتخابات الماضية سوى بضع عشرات على أساس برنامج سياسي حقيقي يتصدرهم مرشحو جبهة العمل الإسلامي. إذا استثنينا هذا الفريق الذي حصل على 15 في المئة من مقاعد البرلمان ، فيما كانت نسبته مجهرية بين المرشحين ، فإن الآخرين الطامحين الى الوصول لقبة البرلمان ، بصرف النظر عمن وصل منهم ، يتوزعون بين عدة فئات يجمعها أمر واحد هو حب الوجاهة ، وما يترتب على تلك الوجاهة من ميزات المال والنفوذ. مع العلم أن معظم مرشحي الأحزاب والتيارات السياسية لا يخرجون عن هذه الدائرة من حيث حب الوجاهة أو "الرياسة" بالتعبير الشهير الذي قال أحد الصحابة إنه آخر ما ينزع من قلوب الصالحين ، فكيف بسواهم؟ ،
في المناطق العشائرية يبرز المرشح العشائري ، وفي ظل قانون الصوت الواحد تتفتت العشائر ، بل تتفتت العشيرة الواحدة ، وذلك أمر طبيعي تبعاً لتوفر عدد من الحالمين بالمنصب النيابي والمؤمنين بأنهم أحق به من سواهم.
بعد المرشح العشائري العادي يبرز المرشح العشائري السياسي الذي حصل في السابق على منصب سياسي قدّم من خلاله خدمات لأقاربه هدفها تكريس زعامته العشائرية ، فضلاً عن السياسية عبر البقاء في صلب المشهد السياسي: من أجل الوجاهة ، وبالضرورة ما يترتب عليها من منافع.
إلى جانب هؤلاء ، يبرز المرشح الثري الذي لا يملك قوة عشائرية كافية للفوز ، ولا حتى خبرة أو تراثا سياسيا قدّم من خلاله خدمات لقومه ، لكن قدراته المالية سمحت له بالتفكير في الوصول إلى مجلس النواب ليضيف إلى نفسه مزيداً من الوجاهة ، وربما الحصانة وما يترتب عليها من تسهيلات ، كما في الحالة المصرية التي تتميز أكثر ما تتميز بهذا النوع من المرشحين.
هناك بالطبع المرشح العشائري الحزبي ، أعني من يفوز بناءً على خلفيته الفكرية والسياسية إلى جانب دعم العشيرة ، وهؤلاء قلة إلى الآن ، لكنهم توفروا في السابق ، لا سيما في أوساط الإسلاميين.
في المناطق غير العشائرية تغدو المعادلة مختلفة إلى حد ما ، فهنا لو استبعدنا الأبعاد الفكرية والسياسية التي تحضر على نحو محدود (الإسلاميون هم الأبرز) ، فسنعثر على أصناف شتى يأتي في مقدمتها الأثرياء والسياسيون السابقون الذين يخوضون المعركةً وفق منطق الاستقطاب ، أكان عبر المال أم عبر الخدمات التي تقدم قبل وبعد الفوز أو الترشيح ، مع العلم أن الخلفية العشائرية لا تغيب هنا ، بل تحضر أيضاً ، إذ يميل المرشح إلى ضمان حد ما من الأصوات من دائرة الأقارب والأصدقاء قبل أن يبدأ حملة البحث عما يكفيه من الأصوات من الدوائر الأخرى ، وغالباً ما يكون الفشل هو النتيجة الطبيعية ، بدليل العدد الهائل من المرشحين.
إلى جانب هؤلاء وعلى قاعدة الطموح يدخل الساحة أناس عاديون ، من الطبقة الوسطى وما فوقها بقليل ، لكنهم يفشلون في أغلب الأحيان ، والسبب هو فقدان القدرة على شراء الأصوات وعدم كفاية الأقارب والأصدقاء لتحقيق الفوز ، ومنهم بالطبع من يبحث عن قدر من الوجاهة ، ولو عبر مسمى مرشح راسب، ،
على هذه الخلفيات جميعاً تذهب معظم أصوات الناخبين في العالم العربي ، الأمر الذي يبدو طبيعياً في ظل مناخ سياسي وقانون انتخابي يريد ديمقراطية ديكور ، وليس سلطة تشريعية تزعج السلطة التنفيذية ، لا في السياسة الداخلية ولا الخارجية ، فضلاً عن ديمقراطية حقيقية وتداول على السلطة.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد