التعقـل منجـاة

mainThumb

12-03-2008 12:00 AM

تحدثنا عن الدم الفلسطيني المراق في غزة وعن بشاعة ووحشية قتل الانسان بمن فيهم الاطفال الرضع. وتحدثنا عن عدم مراعاة القوانين الدولية وعدم احترام حقوق الانسان الفلسطيني وتدمير مستقبله ومستقبل ابنائه وانتزاع ارضه وبناء المستعمرات لليهود فوقها ومحاصرة الحياة في الاراضي الفلسطينية قاطبة.

وتحدثنا بعد ذلك ، حين استبدت فلسفة العين بالعين والسن بالسن ، عن جريمة قتل طلاب المعهد التلمودي اليهودي في القدس واستذكرنا بأقوالنا مقتل المصلين المسلمين في الخليل على يد متعصب يهودي وقلنا ان خطأين لا يشكلان عملا صحيحا.

ولكن علينا اليوم وبعد ان هدأت مؤقتا حمى الاحداث الدامية على الارض في فلسطين واسرائيل وفي ظل الترقب الحذر والمرعب ان نلجأ للعقل وان نستمد منه التعقل والتفكر فيما يجب علينا ان نفعل.

وحتى لا تتكرر المآسي ، وحتى لا نعود من جديد الى فلسفة العين بالعين علينا ان نتحلى بالعقلانية وبالتزام القيم الدينية التي تحرّم القتل الشائن والتدمير الشيطاني الأعمى. فالالتزام بما تدعو اليه الرسالات السماوية هو السبيل الوحيد لالغاء دائرة الرعب.

ان الطريق لاتاحة الفرصة للسلام في المنطقة هو اعطاء الطوائف الدينية المجال للتعاون وبناء شراكة تعتمد على المبادىء الاخلاقية المشتركة بين اتباع كافة الديانات. فالمسلم واليهودي والمسيحي مدعوون بحكم تراثهم المشترك من اجل الاستمرار في النضال الروحي تحت حكم قضاء الاله الواحد. فصوتنا الموحد وقوتنا الادبية اعظم من وقفة أي منا لوحده. فمعا نستطيع ايقاف العداء المتصاعد ومسح آلام وجراح الناس. وانه واجب علينا ان نعي ان كلا منا مسؤول عن سلامة الآخر. فالأمن المشترك هو الفكرة التي دفعت بها «الديانات من اجل السلام» بين شعوب الارض وطورتها في علاقات الناس فيما بينهم.

فمعا نستطيع ان نعمل لبناء سلام نتوق اليه ونعتبره مقدسا وأمنية غالية علينا جميعا. فالدين يسمو فوق السياسة ، وتعلو الكرامة الانسانية فوق المصالح السياسية والأمنية للشعوب والافراد.

لقد آن الاوان لكي ندرك من أن الصراع قد فرض علينا لسبب أو لآخر. وان العلاقة بين شعوبنا شابها العنف والعنف المضاد مدة من الزمن ليست بالقصيرة وانه قد آن الاوان ايضا لندرك ان مسار الصراع يجب ان لا يبقى المسار الوحيد الذي يربط العلاقة بين الاسرائيليين والفلسطينيين. فلن يكفي الاستنكار لما يحدث وللبشاعات التي تربط العلاقات بين الطرفين ولا حتى الاشمئزاز من منظر التوابيت التي تحتضن النساء والرضع من ابنائنا لوضع حد للصراع الدامي.

فقد أصبح لزاما علينا جميعا وعلى القوى الدولية القادرة والمعنية ان تعمل يدا بيد مع عقلاء المنطقة وليس فقط مع الاطراف المتناحرة والمستبدة برأيها وسياساتها ولا مع الذين يفرضون الحلول بالسيف والدم.

ويجب على هذه القوى الدولية ان تلتزم بالمبادىء والقيم المنصوص عليها بالتعاليم والرسالات السماوية وبكل ما سجله الانسان من الحفاظ على الحقوق. فهذا أضمن من الالتصاق بالمصالح الفردية للدول وخاصة منها المصالح المادية. وقد برهن الالتزام بالمبادىء والقيم على قدرته على وضع حد للحروب والصراعات الواسعة في تاريخ البشرية وخاصة منها الحروب الأممية الأخيرة.

واننا من هذه البقعة المنكوبة من عالمنا ندعو بأعلى أصواتنا الى وقف الاحتراب والقتل والاحتكام لقيم السلام والمحبة والاخاء والكرامة والرجاء المنصوص عليها بالتعاليم السماوية وبمعاهدات الانسان وما توصل اليه من فهم مشترك للحياة واحترامها. أما البديل فسياسات العين بالعين التي ستحيل العالم كما قال غاندي الى كفيف يحكمه عمى البصر والبصيرة.

وحتى يستعيد الاقليم الذي نحن فيه مكانته في اطار الحضارة العالمية علينا ان نفهم ان أمما وشعوبا عديدة دخلت فيما هو أقسى وأصعب مما نحن فيه من صراع ولكن احترامها للحياة الانسانية ولاشاعة السلام جعل الوصول الى انهاء الصراع ممكنا وميسورا.

وعلينا ان نفهم ايضا ان الحرمان والفقر والجوع وانعدام العدالة الاجتماعية هي اسباب رئيسية في اقليمنا هذا لاشتعال الصراع وديمومته.

ونتساءل في الاخير حتى متى سنظل نراكم الجماجم فوق بعضها البعض؟ وهل سيأتي ذلك بسلام منشود؟



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد