(أعلن البيت الأبيض أن السيدة الأمريكية الأولى ميشيل أوباما ستقوم بزيارة إلى قطر والأردن أوائل تشرين الثاني/نوفمبر 2015 للتشجيع على التحاق الفتيات بالتعليم، في معركة بدأت خوضها قبل سنوات). انتهى الخبر
من عاداتنا الأردنية كشعب مضياف، الترحيب بالضيف وعندنا من الاشعار والاغاني في ذلك الكثير، ونقول: يا هلا بكم. ونقول أيضا ان الأردنيين عملوا منذ عقود على تعليم الفتاة، واخذنا بيدها الى حيث تستطيع الوصول في درجات التعليم وتخصصاته، رغم ان السياسة الرسمية لم تكن دائما متماشية مع التقدم الاجتماعي الأردني في هذا المضمار وما سواه
فالأردنيات من أكثر بنات الأرض علما وثقافة ومؤهلات، كما الحال في الدول العظمى كأمريكا وبريطانيا وأوروبا واليابان وروسيا، لأننا قوم نعتبر تدريسهن امرا مقدسا وجزءا من عقيدتنا الإسلامية، وليس مجرد واجب اجتماعي او سياسي او حاجة نفسية، رغم ان من يقرا صيغة الخبر (أعلاه) في الخارج (ممن لا يعرفون الحقيقة بالأردن) يعتقد ان السيدة ميشيل تزور مجتمعا يقاتل من اجل تجهيل الفتاة ويحرم تعليمها، والحقيقة هنا ليست كذلك.
نقول للسيدة الأولى مرحبين بها: أنك إذا أتيحت لك فرصة الاطلاع على الحقائق الميدانية غير الممنهجة، فستجدين ما هو عليه حال الأردنيين من الرقي والتقدم والانفتاح والتحضر والعصرنة وفتح الفرص الاجتماعية امام المرأة الأردنية ان تصل الى ما لم تصل اليه الا شقيقاتها في أمريكا وأوروبا واليابان وروسيا.
ولكن بعض السياسات الرسمية في بلادنا (وليس المجتمعية والاجتماعية والعشائرية) هي التي تحول دون وصول الفتاة الأردنية للنجومية والعالمية، وستجد الضيفة الكريمة اننا في الأردن لدينا مؤسسات اجتماعية عميقة (وهي العشيرة) وهي التي تحفظ توازن المجتمع وامنه واستقراره واستمراره وازدهاره، وهي أعمق من اية جهة أخرى.
فالأردنيات من جيل السيدة ميشيل ومن سبقه من أفضل وامهر الطبيبات والمهندسات والكاتبات والشاعرات والامهات والمحاميات وفي سلك القضاء والممرضات والمبدعات والعالمات والمعلمات، وكثير منهن تخرجن من بريطانيا وامريكا وألمانيا واسبانيا وفرنسا والنمسا وسائر دول العالم المتحضر، مثلهن كمثل الرجال تماما.
وهناك اردنيات من بنات العشائر يتقن أربع او خمس لغات وربما أكثر وهو ما لم تصل اليه الفتاة الغربية بما فيهن من أصبحن وزيرات او السيدات الأول كل في بلادها، وليس لاحد بعد الله من فضل على بناتنا الا أموال وتشجيع ودعم اهلهن من أبناء العشائر الأردنية وطموحهن الشخصي.
واما الجيل الحالي فهن ينتشرن للتعلم والدراسة في سائر الجامعات الأردنية والعربية والغربية والشرقية في شتى التخصصات من الفيزياء والذرة الى التمريض والطب والكيمياء وعلوم الحاسوب والقانون الى الرياضيات والرياضة والإدارة الى الترجمة واللغات والعلوم الإنسانية والعلمية الى الادب ومعلمة الصف مساوية في ذلك للرجل ومتساوية معه ولا يوجد أي رفض عشائري او اجتماعي أردني لتعليم البنات في الداخل او الخارج.
نحن نتمنى على السيدة الأولى الضيفة الكريمة أمورا محددة لتحقيق الغاية القصوى التي تسعى اليها الفتاة الأردنية في مجال التعليم وتتفق مع مبادرة وخطة السيدة ميشيل:
لو انها زارت أي بيت أردني او خيمة بدوي أردني بدون ترتيب مسبق، وسالت عن بنات البيت فلن تجد أيا منهن مع الأغنام، ولا وراء المحراث وانما في المدرسة او الجامعة او أنهت الجامعة وعاطلة عن العمل، وتتحدث الإنجليزية، وستجد الام تدرس الدراسات العليا مع الأبناء والبنات وربما مع الاحفاد.
وستجد ان الصورة القاتمة الظالمة عنا وعن بناتنا انما هي صورة ظالمة وممنهجة وحاقدة وتجافي الحقيقة، وأننا من أكثر الشعوب اهتماما بتعليم الفتيات في العالم قاطبة، وان بناتنا الاردنيات في الريف والبوادي والمدينة هن من أكثر بنات العالم تعلما وعلما ومؤهلات وتخصصات. وأننا شعب عصامي يصارع من اجل العلم والتعليم والتعلم والبقاء رغم العراقيل وضيق ذات اليد.
نتمنى على الضيفة الكريمة دعم التعليم وليس مجرد تشجيعه، وذلك بدعم مدارس البوادي والقرى والمناطق النائية والمدارس المتحركة ومدارس ضواحي المدن وتزويدها بأفضل وسائل التكنولوجيا العصرية ودعم هيئات التدريس فيها، وان تساعد وتدعم إقامة مشاريع حضارية عصرية وتقليدية لتشغيل الفتيات العاطلات فيها عن العمل.
كنت أتمنى على منظمي برنامج السيدة الأولى لو انهم اتاحوا الفرصة لها للاطلاع مباشرة على النماذج المشرقة من بنات العشائر الأردنية اللواتي ارتقين من برنامج محو الامة الى الدراسة الجامعية الأولى، لكن تعليمات سياسة التعليم لا تسمح لهن الالتحاق ببرنامج الماجستير والدكتوراه، حيث تقف التعليمات الرسمية فقط وليس ذوو الفتيات، عقبة كأداء امام سائر الراغبات بالدراسات العليا بحجة تسمى الامتحان الوطني وارتفاع تكاليف الدراسة .
نتمنى على السيدة الأولى ان تحث نحو إزالة العراقيل الرسمية المتمثلة بارتفاع الرسوم وشرط فحص اللغة الإنجليزية لمن تريد الالتحاق بالدراسات العليا من الفتيات والشباب ، فتقلصت بذلك نسبة تعليم الجميع (وبخاصة الفتيات) في الدراسات العليا الى نسبة ضئيلة ، وان الفتيات هن أكثر الضحايا لهذه السياسة، وهو ما تضعه سياسة التعليم حاجزا امام بنات العشائر , ولا تشترطه على غير الأردنيين، فالعراقيل هي من هذه الجهات الرسمية وليس من العشائر واهل الفتيات , رغم ان حله بسيطا وهو السماح بالمواد الاستدراكية في مساق الماجستير والدكتوراه مثلما هو الحال للطلبة غير الأردنيين.
اما العشائر الأردنية فالكل حريص على تعليم بناتهم لكنهم يعانون من المعضلة الرسمية التي استعصت على الحل، والتي يمكن حلها بالبرنامج الاستدراكي (كما قلنا) في مساقات الدراسات العليا فضلا عن تخفيض تكاليف الدراسة .
نكرر الترحيب بكم، وكما نقول بالأردني: ان شاء الله نشوف الخير على وجهك.