دور الاستثمار في مظلة الأمان الاجتماعي

mainThumb

14-11-2007 12:00 AM

بمواجهة الحملة الشعبية على ارتفاع الاسعار والمطالبة برفع الاجور, التي لم تقتصر على الاردن فقط وانما امتدت من المغرب وموريتانيا الى السعودية ومصر, يجد رأس المال الاجنبي والعربي محامون كثر للدفاع عنه تحت شعارات الخصخصة وحرية السوق وقوانين العرض والطلب بغرض الحفاظ (بدون التزامات وضوابط) على سيل الارباح المتدفق الى المصارف المحلية والاجنبية.

في بلدنا قطعت الخصخصة شوطا طويلا, واصبح الاقتصاد الوطني يحتل مراتب متقدمة في معسكر العولمة, ولم يعد المستثمر العربي والاجنبي (غريب الوجه واللسان) انما صاحب دار ومال وجاه. وهذا كله لا اعتراض عليه في عصر يملي فيه الاغنياء على الشعوب الفقيرة قوانينهم وشروط لعبتهم تحت ضغط "الحاجة".

لكن قوانين الخصخصة وحرية الاستثمار وغير ذلك من مفردات العولمة لها ايضا وجه آخر يمكن للشعوب الفقيرة وللطبقات الوسطى والعاملة ان تستخدمه للحصول على ما هو حق لها, فالخصخصة التي هي جزء من الليبرالية, القديمة والجديدة, تقترن بمفاهيم ومبادئ الحرية وحقوق الانسان ورفض العبودية في العمل, بل ان الخصخصة والعولمة لم تدخل الى الدول الا تحت راية هذه الشعارات الانسانية.

في بلدنا ايضا, تحصل الاستثمارات العربية والدولية في القطاعات الخدمية والشركات الكبرى على عوائد كبيرة, من شركات الاتصالات الى قطاع المناجم والخدمات, وهذه ظاهرة جيدة تؤشر على نجاعة الاستثمار في الاردن, ويفترض ان يكون من مصلحة هذه الاستثمارات ان يتطور الاقتصاد الوطني وان يرتفع دخل العاملين والموظفين التي بدونها لا تدور عجلة الاستهلاك ولا يرتفع الطلب على المنتجات.

عندما يستوطن الاستثمار الخارجي يصبح من مصلحته ان يشارك في تنمية المجتمع الذي يعمل فيه. ومن غير المنطقي, ان يظل القطاع الخاص المحلي وحده من يساهم في مشاريع مظلة الامان الاجتماعي, فلماذا لا يكون للقطاع الاستثماري العربي والاجنبي (الذي اصبح الآن كبيرا) دور في المساهمة بمظلة الامان الاجتماعي التي ستعمل عليها الحكومة في الفترة المقبلة من اجل مواجهة ارتفاع اسعار النفط وانعكاساته الخطيرة على الاقتصاد الوطني ودخل المواطنين واسعار السلع .. الخ.

ايضا, ومن باب قوانين الخصخصة ومبادئ الليبرالية ومفاهيم العولمة خلق حالة توازن بين حرية الاستثمار وآليات السوق من جهة وبين حرية العاملين وحقوقهم الانسانية وفي مقدمتها حقهم بالحصول على الاجور العادلة وعلى علاوات غلاء المعيشة أسوة بما يجري في الدول الرأسمالية. ومناسبة هذا الكلام, بعد ان اصبحت الشكايات عديدة من اساليب فصل العمال والموظفين تعسفيا, ومن تدني الاجور.

في باب هذا التوازن حان الوقت كي تتدخل الحكومة بطريقة غير مباشرة لتوطين الوجه الآخر من قوانين الليبرالية والخصخصة وحرية السوق, واعني بذلك, تشجيع العاملين على تشكيل نقاباتهم وجمعياتهم, خاصة الخدمية, في الشركات والقطاعات الكبرى التي يسيطر عليها الاستثمار العربي والاجنبي حتى يستطيع الموظفون والعاملون الدفاع امام الادارات عن حقوقهم وتحصيل ما يستحقونه من اجور.

باختصار للخصخصة والاستثمار في النظام الليبرالي دور آخر في بناء المجتمعات والحفاظ على حقوق الانسان وهذا ما هو مطلوب في بلدنا, حتى يتحقق التوازن في بيئة عادلة وصحية تسود العلاقة بين المستثمرين وقطاع العاملين.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد