نتقدم .. نعم، لكن ليس بالسرعة الكافية! .

mainThumb

14-11-2007 12:00 AM

ليس السؤال ما اذا كنا نتقدم أم نعود خطوات الى الوراء، وإنما السؤال هو ما اذا كنا نتقدم بالسرعة الكافية (والممكنة) أم لا؟! هذا هو حال الأردن اليوم. وليست المشكلة أن هناك قوى متذمرة أو لا ترى سوى السلبيات، فهذا هو حال كل مجتمع، لكن المشكلة الحقيقية هي في الإبطاء المفتعل للتقدم بدعوى التدرج والحذر، وترك الأمور "للتطور الطبيعي" و"النضوج التاريخي" للمجتمع بقبول التغيير.

فهذه الكلمات هي التعبير الموارب عن كبح التقدم وإعاقة التغيير. كان يقال قديماً أن "الكبير يلتهم الصغير"، أما في عالم اليوم فيقال أن "السريع يلتهم البطيئ". ولدينا في منطقتنا شواهد على "الكبير البطيء" الذي يتباهى بحجمه المترامي وعراقته التاريخية، ولدينا "الصغير السريع" الذي يدرك معطيات العصر وايقاعه، ويجاريه بسرعة تخطف الأنفاس. في الأردن لدينا أمثلة عديدة عن التردد في قبول الجديد، وتحويل الخيارات الجيدة والمتناسبة مع العصر الى صيغة مهلهلة عند التطبيق، وكأن المقصود هو ابتذالها، والوصول بها الى عكس الهدف الأصلي لها.

"الكوتا النسائية" مثال بارز على التردد في قبول الأفكار والخيارات الجديدة. فالحركة النسائية استغرقت نحو أربع سنوات لاستيعاب فكرة القبول بـ "كوتا" لها في البرلمان، وبالتحديد منذ عام 1993 وحتى 1997. وعندما حاولت اقناع الحكومة والبرلمان باعتماد مبدأ الكوتا كان الصد والرفض من جانب الحكومة، التي لم تتردد حينها في منع المنظمات النسائية حتى من استخدام مقراتها لنشاطات خاصة بدعم الكوتا، ووجهت لها رسائل تحذير رسمية بذلك. جاءت الفرصة الذهبية للحكومة، عندما طلب إليها عام 2001 إعداد قانون جديد للانتخاب، لكنها فوتتها عندما صاغت القانون المذكور، ولم تعتمد آلية لحفظ مقاعد خاصة لها بالمجلس النيابي.

وفي هذه الأثناء كانت المملكة المغربية قد حلّت مسألة تعزيز تمثيل المرأة في البرلمان بتعديل قانون الانتخاب لكن الأردن انتظر إلى ما قبل انتخابات حزيران 2003، حين صدر ملحق خاص لقانون الانتخاب ينص على "الكوتا النسائية" بعدد لا يتجاوز الستة مقاعد. بكلمات أخرى، فإن مبدأ القبول بكوتا المرأة في البرلمان تطلب عشر سنوات. لكن الأخطر من ذلك هو التردد في استكمال هذه الخطوة وتصحيح تطبيقها. فبعد اعتماد مبدأ الكوتا النسائية في قانون البلديات وتمثيلها بنسبة 20% من المقاعد على الأقل، كان الاجراء المنطقي استتباع ذلك بتعديل عدد مقاعد الكوتا في المجلس النيابي، بمضاعفتها الى (12) مقعد على الأقل، وتوفير آلية أكثر عدالة في احتساب الفائزات.

ربما أمكن فهم التردد في احداث تغيير جوهري في نظام الانتخاب، لكن غير المفهوم هو التردد في ادخال تحسينات على ذات النظام الانتخابي. فمضاعفة مقاعد كوتا المرأة وجعل آلية احتساب الفوز فيها أكثر ديمقراطية لا يتطلب سوى تعديل فقرة أو فقرتين في القانون، علماً بأنه قانون مؤقت، من صنع الحكومة، والحكومة قادرة على تعديله دون العودة الى البرلمان، طالما أنه انهى مدته. وباختصار نحن نتقدم، لكن هناك من يعتقد أن عليه أن يكبح جماح التقدم، حتى ولو أدى ذلك إلى تعثرنا، وهناك من "يتفنن" في تحويل الخيارات التقدمية عند التنفيذ إلى مهزلة.
**مدير مركز الأردن الجديد للدراسات والمنسق العام للتحالف المدني الأردني من أجل ديمقراطية الانتخابات


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد