اكزوزت

mainThumb

26-03-2008 12:00 AM

اول ما استفتح به من الشكاوى، شكوى صاحب المطعم. فور وصولي الى محله، ومجرد ان يضع صحني على كفه.. يبدأ بسرد قصة تنكة الطحينة من نشأتها وزهد ثمنها في الثمانينات ونموه بالتسعينات وانتهاء بسعرها الجنوني هذا الصباح.. وقبل ان يغرف ملعقة واحدة من جاط الحمص، يعدل عن رأيه، يضع الصحن جانباً ويأخذني رغماً عني الى المطبخ لأقفز عن تنكة زيت القلي، وفوق طناجر البليلة ويجلسني على شوال حمص متعب.. ليشرح لي كم تبلغ تكلفة قرص الفلافل الواحد - على بلاطة - وبعيدا عن الزبائن.. وبينما النعاس والسطلان يتشاطران رأسي الثقيل اكرر ذات الجمل التي اكررها له كل يوم: مصدقك والله مصدقك.. صادق بدون ما تحلف.

في الحسبة كذلك، وما أن اتناول الشنته وابدأ بشراء حاجتي حتى يقترب مني أحدهم ويفرغ شكواه في اذني وعندما يتفاجأ بردة فعلي الباردة، يقرّب من عيني حبة كوسا وهو يصيح محتجاً صارخاً شاكياً: (لعاد الكوسا بثمانين(...)هيك عيشة..).. ثم يضعها في كيس ضخم متخمٍ بالكوسا..

امضي بطريقي الى السوق فأجد رجلين يقفان امام محل يبيع الادوات الصحية، يستوقفني البائع ليسألني من باب التحكيم - دون سابق معرفة - عن قطعة يقلبها بيده : بالله بقديش كان حق المُفة لذا قلت لهبليرة ونص ومضيت.. فصاح البائع بالمشتري قائلاً: شفت!! نطّت من الليرة ونصف.. للثلاث.

اخيرا وقبل ان ادخل الملحمة القريبة شاهدت في البترينة رأس خاروف بلدي مقبعة معه ويعضّ على لسانه فخفت ان يستلمني هو الآخر في الشكوى فغيرت طريقي ومضيت الى البيت.

سائق السرفيس يشكو من ظلم التعرفة، متقاعد الضمان يشكو من 30 ليرة الضمان، المقاول يشكو من سعر الحديد، الرضيع يشكو من سعر الحليب، الخراف تشكو من قلة الأعلاف، الخباز يشكو من قلة الطحين، الموظف يشكو من قلة المصاري.

لم نعد نستخدم قصباتنا الهوائية الا للشكوى.. في الصباح وقبل ان يتكلم مواطننا بأي موضوع يسخن ماتوره بالشكوى ثم يزرّ على دواسة اللسان حتى ينفض كربون التذمر والتأفف من اكزوزت الحلق ثم ينطلق بحديثه بالمواضيع العامة.. ارجو من الحكومة ان تصرف لكل مواطن اكزوزتا منفصلا عن (القصبات الهوائية)/خاصا بالشكوى، يخرج من أعلى صدر المواطن باتجاه ابطه ثم يثبت اسفل ظهره للتخلص من أدخنة غضبه الخالية من الرصاص..

ahmedalzoubi@hotmail.com



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد