مستقبل العلاقات الاردنية - السورية

mainThumb

31-03-2008 12:00 AM

بعد الخفض غير المتوقع في مستوى التمثيل الاردني بقمة دمشق. تتضارب التوقعات بين التحسن او التردي بحيث يصعب الرهان على احدها, والسبب صمت الدبلوماسية الاردنية وعلى رأسها وزير الخارجية, فلم يخرج تصريح واحد قبل القمة واثنائها يفسر الموقف الاردني او يلقي بعض الاضواء عليه (كما فعل وزير الخارجية السعودي) وبما يساعد الرأي العام الاردني والعربي على الاقتراب من فهم حيثيات القرار الاردني بخفض التمثيل.

الصمت لم يكن مبررا, لان الصراحة والشفافية اقل ضرراً في السياسة من الصمت والغموض, فاذا كان الدافع للقرار الاردني هو الابتعاد عن قمة منقسمة ليس من مصلحة الاردن ولا العرب ظهور اصطفافات حادة فيها, فهذا مفهوم ويمكن تسويقه سياسيا واعلاميا, وان كان سبب ضعف التمثيل هو الانحياز للموقف السعودي ومطابقته فهذا ايضا مفهوم ويمكن تسويقه سياسيا واعلاميا لانه مثلما ان سورية لا تستطيع ان تتخلى عن علاقاتها الاستراتيجية مع طهران من اجل (قمة عربية في دمشق) فان الاردن لا يستطيع بالمقابل التخلي عن علاقاته الاستراتيجية مع السعودية الشقيقة من اجل القمة.

واذا كان السبب انه من غير المقبول ولا المعقول ان تعقد قمة من اجل التضامن العربي والعمل القومي المشترك من دون حضور القيادة السعودية, فان التضامن الاردني مع الرياض يكون مفهوما ويمكن تسويقه سياسيا واعلاميا.

واذا كان الامر يتعلق بالمصالح الوطنية الخالصة. فهذا ايضا سبب وجيه يمكن تسويقه على الرأي العام الاردني والعربي, لانه في مراجعة مواقف الدول ومنها سورية تتقدم المصالح الوطنية دائما. ومصلحة الاردن في توطيد علاقاته مع السعودية اقوى واكبر. كما ان العلاقات الثنائية بين البلدين تلقى دائما مباركة ودعم وتأييد الاردنيين.

بقراءة هذه الاسباب التي تطغى على معظم التحليلات التي تحاول معرفة دوافع القرار الاردني فان الصمت المطبق من قبل الدبلوماسية ووزارة الخارجية جعل المواقف الاردنية من دون دفاعات, فالاعلام كان غائبا والصحافة كانت اكثر من حذرة ومرتبكة, قابلتها - على سبيل المقارنة - حركة سياسية واعلامية من السعودية, اظهرت شفافية وصراحة ملأت فراغا في الرأي العام, بغض النظر عن الاجتهادات والمواقف.

على اي حال, اقف في صف المتفائلين بان العلاقات الاردنية - السورية لن تتدهور بسبب (مستوى التمثيل) في القمة. وذلك لعدة اسباب منها (1) ان العلاقات بين الملك عبدالله الثاني وبين الرئـيس بشار الاسد قد دخلت مرحلة جديدة منذ زيارة الملك المفاجئة الى دمشق في نهاية العام الماضي. مرحلة من الصراحة والشفافية القائمة على الرغبة الصادقة بين الزعيمين في التعاون والتنسيق لما فيه خير البلدين والامة. فما تتفهمه عمان من دوافع مواقف سورية في لبنان وفلسطين, يتطلب تفهم دمشق لمواقف الاردن تجاه الملفات المختلفة وفي مقدمتها العلاقات الاردنية - العربية والسعودية خاصة والتزامات الاردن الثابتة.

ثانيا: لم يقم في قمة دمشق فرز على قاعدة التقسيمات السابقة في العالم العربي بين "دول الممانعة" او ما يسمى بمحور دمشق مع حزب الله وحماس وبين محور "الاعتدال" السعودية والاردن ومصر ودول الخليج, فالحضور لم يقتصر على دول الممانعة وانما كان غنيا بتمثيل على مستوى القادة من دول الاعتدال وهو ما يجعل الحديث عن قمة دمشق بانها تمثل محور الممانعة فقط بعيد عن الواقع.

ثالثا: ان ترأس سورية للقمة حتى اذار المقبل من عام ,2009 يجعل التكهنات حول مرحلة "ما بعد القمة" تميل الى تجنب تصعيد الخلافات العربية - العربية, فدمشق ورئيسها بحكم موقعه كرئيس للقمة ستكون مطالبة بان تعمل على حل هذه الخلافات وليس تأجيجها, بل انها ستكون الاقرب الى الجامعة العربية وامينها العام في خطط العمل المشترك من اجل التضامن وحل ازمة لبنان.

ما نأمله في مرحلة "بعد القمة" اعادة المياه الى مجاريها في العلاقة الاردنية - السورية, وكذلك في العلاقة السورية - السعودية, لان دمشق لا تملك الان ترف الانحياز لهذا المعسكر او ذاك. بوصفها رئيسة القمة, وعليها ان تبدأ بحل خلافاتها مع الاردن والسعودية ومصر حتى لا تتناقض مهمة الرئاسة مع واجباتها القومية والوطنية.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد