سلطان الغرام .. بناء درامي

mainThumb

21-10-2007 12:00 AM

ربما لم يحظ مسلسل (سلطان الغرام) البطولة المطلقة الأولى للنجم الموهوب خالد صالح.. بما حظي به غيره من الأعمال الدرامية الرمضانية لهذا العام .. وربما كان مرد ذلك لغياب نجوم الصف الأول خاصة من الفنانات .. مسلسل يستند إلى نص لم يقدم الكثير من الجديد.. وقد نتفق أنه كان في أحد جوانبه يستنسخ هامشا من (الحاج متولي) إلا أنه يمتاز بقدرة كاتبه (محمد أشرف) على تكوين الشخصية الدرامية بأبعاد إنسانية متعددة يظهر فيها الصراع بين قيمها المتنازعة.. فتجد الشخصية المحورية (سلطان ) رجلا شبه أميّ خرج من بيئة فقر مدقع ..غادر المدرسة منذ المرحلة الابتدائية ليمارس عملا بسيطا (مساعد سائق شحن) تتطور شخصيته التي تمتاز بعزة النفس والنخوة وشهامة ابن البلد وتتمتع بقدرة عجيبة على الحب والعطاء.. إلى قدرة على الدخول في عالم الكبار الذين يثرون بسرعة بطرق تحايلية من خلال الاستيلاء على أراضي الدولة بقانون (وضع اليد) ولم تمنعه كل الصفات الطيبة تلك من سحق عدوه الاقتصادي (عادل) الذي أدخله في الأساس إلى ذلك العالم.

على نفس المنوال يمنح النص شخصيات أخرى اشتعالات خاصة بها يمكن استبطانها من قبل المشاهد وإدراك تناقضاتها.. محدثو النعمة يقع سلطان الغندور نموذجا لشريحة هي أثرياء الفجأة .. أو الطفرة .. أو قل من لم يتعبوا في ثروتهم عموما.. بالتالي كان من العادي أن تزول بذات السرعة .. فيما تقع زوجته الثالثة(نورا) بتقديري.. رمزا للزوابع التي تأخذ ما تأتي به الريح حسب المثل الشائع.. فهي ابتداء السبب في زوال نعمة (عادل) زوجها الأول.. المسؤول الذي طوّع القانون والمنصب للثراء الشخصي.. حيث تآمرت عليه فجاءته الطعنة من الداخل.. ثم ركبت موجة الرجل الجديد (سلطان) وأفضت به إلى نهاية مشابهة.. فجاءت نورا معادلا موضوعيا للسوق الطاحنة غير الرحيمة وغول الاستهلاك .. ذلك على الرغم مما أودع الكاتب تلك الشخصية وسبغ عليها من نعومة وجمال وعاطفة متأججة ليرسم لنا أكثر من بعد للشخصية الدرامية المركبة وغير المسطحة.. وهذه (بتقديري) أخطر وأهم أسس رسم ملامح الشخصية الدرامية على اعتبار أن الدراما بطبعها (انتقائية) .. بمعنى أنه ليس كل شخصية تصلح أن تقدمها الدراما.. وذلك على العكس من الكثير من الشخصيات المسطحة في أعمال جذبت الكثير من المشاهدين لأسباب لا شأن لها بالدراما كفن كما هو الحال في باب الحارة. أصر فريق العمل على أن يعيد الأمور إلى نصابها.. فيعود سائق الشحن للعمل كما بدأ فقط ليستطيع أن يسدد الديون التي تسبب بها جريه وراء الثراء السريع .. كما يعود سابقه عادل _ الذي انحدر أساسا من عائلة نصف برجوازية _ إلى ما كان عليه قبل الثراء السريع الذي حققه بأساليب فسادية تقوم على استغلال الوظيفة للصالح الشخصي وذلك باستملاك أراضي الدولة بوضع اليد بأسماء أشخاص آخرين على رأسهم (سلطان الغندور) .. هذا الإصرار من فريق العمل على إعادة الشخصيتين إلى وضعهما السابق يشي برغبة في التعبير عن فكرة (الواقع كما ينبغي أن يكون لا كما هو كائن) في إشارة صريحة إلى أن الثراء السريع التحقق سريع الزوال .. وإنه في النهاية لا يصح إلا الصحيح . وإن كان واقع الحال لا يدعم رؤية الكاتب والمخرج. ولا أدري هل كان توصيفا أم كانت أمنية أن يعود الفاسدون كما بدأوا فقراء. http://atefamal.maktoobblog.com/



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد