حتى لا يعود العرب .. بخفي حُنين

mainThumb

24-11-2007 12:00 AM

يضرب هذا المثل العربي »عاد بخفيّ حُنين« عند وصف الفشل في استرداد الحقوق المسلوبة والمسروقة والاكتفاء بالفتات, اي الاكتفاء من الجمل الضائع بخفيّ صاحبه. ومن الغريب العجيب ان جميع من سيحضر من العرب او من لا يحضر مؤتمر انابوليس يلتقون على عدم توقع نجاحه في ايجاد حل سلمي عادل, ومع ذلك سيذهب الكل وان لم يذهب فانه »يؤيد«. وكأن غلبة احتمال »العودة بخفيّ حُنين« لا تشكل فارقا ولا تعني خسارة او اهدار فرصة.

العيب ليس بالمشاركة بمثل هذه المؤتمرات. فمثل القضية الفلسطينية تحتاج اليها, بل تحتاج لوجود امريكا, حليف اسرائيل على رأس المؤتمر وراعيته. العيب »بمعنى الخلل« هو بأن يذهب الفلسطينيون والعرب الى المؤتمر من دون اسلحة, او على حد تعبير الرئيس الراحل السادات, من دون اسنان, فيكون اجتماعهم اشبه »بالجاهة الاردنية« للصلح بعد حادث سير او جريمة قتل.

واسوأ ما في الامر انك ترى مؤتمرات عربية, مثل المؤتمر الاخير لوزراء الخارجية العرب في القاهرة, تعقد تحت عنوان »توحيد الموقف العربي في انابوليس«, لكنك ان اردت ان تبحث عن »الاسلحة« او »الاسنان« في هذا الموقف فلن تجد الا قبض الريح. فاغلبية من يحضرون هذه المؤتمرات يأتون مجاملة, او لالقاء تصريح والتقاط الصور, وما ان يعودوا الى عواصمهم حتى ينسوا ما حدث قبل 24 ساعة, ويواصلوا مشاغلهم الخاصة والعامة, وكأن الجامعة العربية شيء مشابه للجمعية العامة للامم المتحدة, حفل خطابات.

احزن على ابو مازن والفلسطينيين فالواقع انهم سيكونون نجم الاحتفال في انابوليس لكن »بعد ان ي?Zنفض السامر« سيكونون وحدهم في مواجهة الاسرائيليين والامريكيين من دون اسنان وبدون اسلحة.

واشعر احيانا, اننا في الاردن نقاسم الفلسطينيين الشعور بأن لسان حال العرب يقول »كل شاة تعلق من عرقوبها«, »وكل واحد يقلع شوكه بيديه«. وهو امر يجافي بشكل صارخ حقائق الصراع في القضية الفلسطينية, فهذه القضية مركزية في حاضر ومصير الامة, ولا ينفع اخفاء الرؤوس في الرمال, كما لا يفيد الادعاء بان ما يحتاجه هذا الصراع من العرب هو »اضعف الايمان« اي مجرد الكلمات والتصريحات. مثل هذا الصراع يتطلب حتى يحقق الحد الادنى من السلام العادل الى جبهة عربية وسياسية واقتصادية واعلامية تمتد من المحيط الى الخليج.

حتى الان لا يوجد دعم او مواقف عربية ملموسة يمكن الاعتداد بها للقول بان مؤتمر انابوليس سيشهد تحولا نحو السلام العادل, لان هذه الجبهة غير موجودة, ولان معظم العواصم العربية تتحدث عن المؤتمر من باب دعم الجهود الامريكية لا دعم الحقوق الفلسطينية والعربية. والفارق كبير, فدعم جهود واشنطن قد يقود الى تشجيعها على مواقفها المنحازة الى المفهوم الاسرائيلي للسلام. اما دعم الحقوق الفلسطينية فيتطلب توظيف موارد وامكانات ومصالح الامة في مجمل الصراع لاستخدامها بشكل صحيح لتطبيق الشرعية الدولية وفرض السلام العادل.

من دون اسلحة, واسنان تنهض بمناخ من الضغوط العربية المكثفة على امريكا واسرائيل في انابوليس والمنطقة, فان ارسال عباس ووفده الى مفاوضات مفتوحة هناك, يثير من القلق والمخاوف اكثر بكثير مما يبعث على الأمل والتفاؤل. ولنتذكر جميعا بان مؤتمر كامب ديفيد الثاني كان تحولا نحو الحروب والخراب واضر بالسلام ما لم تفعله الحروب.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد