انابوليس على طريق الفشل

mainThumb

06-12-2007 12:00 AM

لم اكن معارضا لهذا المؤتمر واقف بقناعة الى جانب اي جهد او تحرك سلمي يهدف الى ايجاد حل عادل للقضية الفلسطينية "تقبل به الاجيال" لكني على قناعة تامة بان المشكلة ليست في "المؤتمرات" سواء كانت تحت مظلة الولايات المتحدة او الرباعية الدولية او اي جهة اخرى, انما المشكلة في المواقف الفلسطينية والعربية التي تذهب الى هذه المؤتمرات باضعف الاسلحة, واحيانا من دون سلاح, مما يجعلها في النتيجة استثمارا لاسرائيل واحتلالاتها ووبالا على القضية الفلسطينية والعربية.

لقد ترك الوفد الفلسطيني كل مطالبه الملحة في غرف المقاطعة برام الله واوحى للجميع بان مجرد انعقاد مؤتمر يحضره الامريكيون والاسرائيليون والاخرون بمن فيهم العرب, سيكون انجازا للشعب الفلسطيني وانفراجا يخلصه من معاناته الانسانية اليومية "على الاقل". ولم يتوقف هذا الوفد, لاستخلاص العبر, من اصرار اولمرت حتى وهو في تل ابيب, قبل المؤتمر, على انتزاع مكاسب من الفلسطينيين مثل الحصول على اعترافهم "بيهودية اسرائيل".

اكتفى الفلسطينيون بتسجيل "رفض" هذا الاعتراف, لكنهم لم يظهروا النضال الحاسم والموقف الصلب حتى من القضايا السهلة مثل رفع الحواجز واطلاق سراح آلاف الاسرى. بل انهم قبلوا ان يكونوا ضحية حملة علاقات عامة اسرائيلية اشغلت وسائل الاعلام من خلال تصريحات أولمرت وقرارات مجلس وزرائه عن النية باطلاق سراح المئات من الاسرى, لكنهم ذهبوا جميعا الى أنابوليس من دون اطلاق اسير واحد, كعقاب لعباس ووفده الرافض للاعتراف بـ (يهودية الدولة).

أنابوليس, فكرة جيدة وفرصة سانحة, لو تم الاعداد لها عربيا وفلسطينيا بما يجعل منها نقطة تحول لاعادة تجميع المواقف العربية والدولية للضغط على الولايات المتحدة واسرائيل من اجل حل عادل. الذي حدث, ان قيادة السلطة وليس احد غيرها, عمل بجهد ونشاط لتأمين حضور عربي واسع للمؤتمر وعلى مستوى وزراء الخارجية. ومن دون اي ثمن تدفعه اسرائيل في المفاوضات الت سبقت المؤتمر.

أنابوليس اليوم يسير بخطى واسعة على طريق الفشل بسبب التصريحات والقرارات المتطرفة التي صدرت عن أولمرت وليفني وحكومة اسرائيل, التي تؤكد بان "روح" أنابوليس قد عززت التطرف والغطرسة للاحتلال وزعمائه المتطرفين والمستوطنين.

وأنابوليس لا يسير نحو الفشل فقط بسبب هذه المواقف الاسرائيلية, انما لان اصحاب وثيقة جنيف هم من يسيطرون على قرار ادارة المفاوضات في حكومة رام الله. الذين اثبتوا انهم ضد الوحدة الوطنية الفلسطينية, في وقت اثبت فيه الاسرائيليون في انابوليس, وقبله وبعده, بانهم منشغلون حتى رأسهم ليس في قضية صنع سلام مع الفلسطينيين, ولكن في كيفية تصفية الوجود الوطني للشعب الفلسطيني في الضفة الغربية والقدس بكل الوسائل, من القتل والاعتقال, الى بناء الجدار ومصادرة الاراضي وتهجير السكان.

من اليوم وحتى مؤتمر القمة العربية المقبل في دمشق, هناك ما يكفي من الوقت لمراجعة فلسطينية وعربية شاملة للعودة الى اساس العمل العربي المشترك في قضية الصراع العربي-الاسرائيلي. عودة الى المبادرة العربية, والى بحث وسائل تنفيذها سواء في مفاوضات انابوليس او في مجلس الامن مع العودة الى سياسة عربية فاعلة لاعادة توحيد الفلسطينيين ودعمهم. لان مخاطر الفشل في مفاوضات انابوليس تجعل من اي حديث عن "عملية سلمية" وهم وتضييع وقت.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد