الحكومة تلج بوابة المسؤولية والأولويات والمواطن أوعى من المزايدات

mainThumb

28-11-2007 12:00 AM

الانتقاد مشروع. ومناقشة السياسات لاسيما ما يتعلق بالحكومات المختلفة أمر منطقي. ولكن اتخاذ المواقف المسبقة، أمر مستغرب، ويطرح سؤالا مشروعا: لماذا هذا النوع من الانتقال للهجوم المبكر والمركز من بعض القوى الحزبية لاسيما الحركة الاسلامية تشاركها بعض الأصوات هنا وهناك في نسق يقع في سياق غريب، على حكومة لم يمض على تشكيلها ثلاثة ايام؟

هناك قاعدة بديهية في العمل السياسي مفادها انه لا بد من اعطاء الفرصة لأي تجربة جديدة للحكم على نتائجها، ومثل هذه القاعدة انطبقت على الحكومات المتعاقبة، حتى ان قاعدة عامة سادت مختلف الاوساط بالنسبة للحكومات باهمية انتظار المئة يوم الاولى من عمر الحكومة للبدء في تقييم سياساتها.

الاردن بلد اختار ان يكون نموذجا لتجربة ديمقراطية في منطقة كانت ظروفها المعقدة والمتأزمة على الدوام شماعة لكثير من الدول من حولنا للمراوحة في المكان ذاته ان لم يكن العودة الى الوراء هي السمة الغالبة، اذا ما تعلق الامر بمناقشة المسألة الديمقراطية.

في ظل هذه الظروف المعقدة سياسيا واقتصاديا وامنيا في الاقليم، التي كانت انعكاساتها مباشرة على الاردن، لموقعه الجيوسياسي، كان على الدوام لابد من دفع كلف في سياق اتخاذ المبادرات واجتراح الحلول، للقضايا الوطنية مع الاحتفاظ بالالتزام القومي كثابت اردني لايتزعزع.

من اهم الخيارات الاستراتيجية التي اتخذتها القيادة الهاشمية، اطلاق التجربة الديمقراطية، كنهج لا حيدة عنه، ليكون اطار التنمية الشاملة، السياسية والاقتصادية والاجتماعية، اعتمادا على احترام رأي الاغلبية، في الشأن العام، وتحت مظلة الدستور الذي يحدد شكل والية تشكيل السلطات الثلاث التنفيذية والتشريعية والقضائية هو ما كان محط احترام والتزام الجميع في مختلف المراحل.

في هذا الاطار الدستوري والمؤسسي، المدعوم بتجربة ديمقراطية انطلقت قاطرتها، وما زالت بحاجة الى دفعات اخرى، كان متاحا لمختلف قوى المجتمع ان تأخذ دورها في البناء الوطني الشامل، حيث كانت الكرة في ملعب مختلف هذه القوى لبناء قدراتها التي تمكنها من اداء دور فاعل في المجالات المختلفة.

الحقيقة ان النزعة السياسية المجردة الا من كثير من الشعارات، هي التي سادت، لدى كثير من القوى خاصة الحزبية، لاسيما الحركة الاسلامية، حتى انها اخذت حضورا فترة من الوقت لبريقها لدى المواطن العادي امام الظروف الصعبة، خاصة الاقتصادية والسياسية من حولنا.

لكن هذا البريق خفت بل لم يعد مجديا، عندما باتت هذه القوى امام سؤال المجتمع اين البرامج والحلول للقضايا الملحة ذات المساس مباشرة بحياة الموطنين خاصة الشأن الاقتصادي والاجتماعي الأشمل.

لذا فانه رغم صعوبة الظروف ومحدودية الموارد فان الدولة هي التي حملت العبء كاملا عن الناس، بمختلف اوجهه، وتحملت الحكومات المختلفة، الكلف، وهذا واجبها.

ولكن الهروب الذي مارسته القوى السياسية والنخب وفق أمزجة غلب عليها المناكفة، ووضع العراقيل والعصي في الدواليب، هو درب لايحمل منطقا، بل محاولة للشد العكسي والدفع بالعجلة الى الوراء.

حكومة الذهبي شكلت وفق الدستور الاردني، تماما مثل غيرها من الحكومات السابقة التي ضمت على الدوام ابناء هذا الوطن، هذه المرة لم يختلف الشكل، انما هو الدور والوجهة المنطقية، الذي لابد ان يركزعلى الهم الاقتصادي والاجتماعي، في ظل محدودية الموارد وارتفاع جنوني في اسعار النفط، في بلد يعتمد، على موارده النفطية من الخارج وفق معادلة السوق في معظمه.

وفعلا كانت الحاجة الى خبراء ومسؤولين في هذه الملفات ، وغير صحيح انهم من لون واحد، بل ان مراعاة الجغرافيا وكل العوامل المعروفة للجميع توافرت في التشكيلة الحكومية. ورئيس وزراء ذو خبرة واسعة في العمل العام، سيكرس معظم هذه الخبرة للشأن الاقتصادي، الذي لم يغب وهو ما يعينه على التعامل مع هذا الملف الذي يشكل اولوية قصوى للحكومة الجديدة.

وفقا للأولوية التي حددها كتاب التكليف السامي وهي الاقتصادية والاجتماعية فان محدد اختيار رئيس الوزراء الجديد الذهبي وفق المراقبين جاء لاعتبار اساسي هو بوابة المسؤولية والاولويات للمرحلة المقبلة.

وعليه فان الذهبي القادم من عمق الشأن الاقتصادي الاردني، عبر مسيرته الطويلة في هذا الطريق وصولا الى النجاحات في منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة، والخبرة الطويلة في العمل الحكومي العام وانطلاق حياته المهنية من المؤسسة العسكرية التي أهلت على الدوام كفاءات وقيادات في مختلف مراحل الدولة الاردنية، هوالمسؤول الذي وقع عليه الخيار بين عدد من المسؤولين الذي كان يمكن ان يقع عليهم الخيار للحكومة الجديدة.

فالمهنية والكفاءة لاي مسؤول في موقعه،هي الاساس والمعيار، ولاشيء يضير في ظل ارادة العمل والانجاز،و الاستمرار، وتحمل المسؤولية لاسيما في ظل فشل قوى سياسية ونخب من تقديم أي شيء يذكرغير التنظير، والمناكفة، ومحاولة استعادة الشعبية، بطرق مكشوفة.

كان جلالة الملك واضحا في كل المناسبات ان المسؤول هو صاحب مسؤولية وواجبه مهمة الانجازعلى مختلف الصعد، وكرس في هذا السياق ، ربط الخطط والبرامج بمواقيت واطر زمنية واضحة، لاجل تقييم مدى ما تحقق والحكم عليه.

يعول المواطن الاردني الذي هو محط الاهتمام الاول لجلالة الملك عبدالله الثاني على الحكومة الجديدة ان تكرس جل جهدها لاولويات كتاب التكليف السامي، وأن تحقق نجاحات، في هذا الشأن، اذ ان المواطن الذي قال كلمته الفصل في الانتخابات النيابية أوعى من أن يقبل مزايدات سياسية من قوى فقدت ثقة المواطن.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد